رامسفيلد يثير احتمال أن يهرب أسامة بن لادن من أفغانستان بهليكوبتر

حذر من صعوبة رصد طائرته إذا حلقت منخفضة وفي ظروف جوية سيئة

TT

صرح كبار المسؤولين الاميركيين امس بأن هناك اكثر من 100 من الكوماندوز الاميركيين في جنوب افغانستان، يتنقلون في اليات خاصة ويقومون بعمليات سرية ضد قادة طالبان والقاعدة. وقام جنود هذه القوات الخاصة باغلاق الطرق لالقاء القبض على قادة التنظيمين. وقاموا ايضا بمسح وتحديد بعض الاماكن التي يمكن ان تهبط فيها في ما بعد الطائرات الاميركية، كما نفذوا مهام استطلاعية، في نفس الوقت الذي كانوا يبحثون عن اية اثار لاسامة بن لادن وقادة طالبان. ومن الاهداف التي تتوخاها هذه العمليات الخاصة ممارسة مزيد من الضغوط على طالبان وتنبيهها الى ان القوات الاميركية يمكن ان تمارس عملياتها داخل اراضي اعدائها.

ومع ذلك فقد اتضح ان بن لادن يجيد التخفي ولذلك لم يقترب الكوماندوز الاميركيون في اية لحظة من القاء القبض عليه. وقد صرح وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد بأن بن لادن ربما يكون قادرا على الحصول على طائرة هليكوبتر توصله الى طائرة اخرى مرابطة في بلد مجاور. وقال «تراودني الافكار بأنه ربما يستقل طائرة هليكوبتر وينتقل بها عبر تلك الاودية التي لم نصل اليها بعد، ليصل الى جزء اخر من البلاد فيه مطار ناء تنتظر فيه طائرة تقلع به بعد ذلك».

ومع انتقال الحملة العسكرية الاميركية الى الجنوب فانها تصبح اكثر تعقيدا. ولذلك بعث رامسفيلد برسالة مزدوجة المعاني. فقد صرح بأن القوات العسكرية الاميركية ستواصل الضغوط وتصعدها اثناء شهر رمضان بتكثيف القصف، كما طلب في نفس الوقت ان يتحلى الناس بالصبر وهم ينتظرون النتائج في حرب تعتمد على القوات التي تقاتل بالوكالة، وعلى الغارات الجوية والقوات الخاصة، ولا تستخدم قوات اميركية برية ضخمة.

وقد صدرت تصريحاته هذه في الوقت الذي تحول فيه التركيز في الحملة العسكرية من قصف قوات طالبان الى مطاردة قادة الحركة والقاعدة. ففي الشمال كانت اميركا تملك حليفا على الارض تستطيع العمل معه وهو التحالف الشمالي وكان الهدف مواجهة قوات طالبان واحتلال الاراضي وكانت قوات العمليات الخاصة الاميركية تستخدم في توجيه الضربات الجوية لمواقع طالبان وفي تنظيم شحنات الاسلحة الى التحالف الشمالي. ولكن الحرب في الجنوب ليست بهذا الوضوح. فالقوات الاميركية الخاصة وقوات الكوماندوز التابعة لسلاح الجو البريطاني، تعمل في اوضاع تتسم بالفوضى والاضطراب. اذ ان قوات طالبان وقوات القاعدة تبعثرت في عدة اتجاهات وعبر بعضها الحدود الى باكستان، ولاذ بعضها بالجبال ويبذل بعضها الاخر جهودا يائسة لحماية قندهار، العاصمة السياسية لطالبان. وقال رامسفيلد «اعتقد ان بعضهم سيتلاشى في الريف الافغاني. ولا شك ان بعضهم سيذهب الى الخارج، فهم يفعلون ذلك منذ قرون عديدة».

وفي الاسابيع الاخيرة قال بعض المعارضين ان ادارة الرئيس جورج بوش كانت تحارب واحدى يديها مغلولة خلف ظهرها، وذلك لانها امتنعت عن ارسال اعداد كبيرة من القوات البرية. ويقولون ان هذا ربما يكون قد قلل من احتمال سقوط الضحايا وسط القوات الاميركية ولكنه فتح الباب واسعا لهروب بن لادن. ومن جانبه حاول رامسفيلد دحض هذه الحجة بالاشارة الى الدور الذي تلعبه القوات الخاصة في الجنوب. وقال «المشكلة اننا منذ اليوم الاول لم نكن نملك خريطة للمكان ولا دليلا جغرافيا، فهذا العمل لم يقم به شخص قبلنا». واضاف رامسفيلد ان واحدة من مهام القوات الخاصة هي اقامة نقاط تفتيش وحواجز طرق في الجنوب على امل القبض على قادة طالبان والقاعدة. وهو لم يشر الى ان بعضهم ربما يكون قد قتل ولكنه قال انه لم يعتقل اي منهم بعد. واضاف رامسفيلد «انهم (أي الكوماندوز) يشعرون السكان المحليين بأن عليهم التفكير قبل ان يقدموا على أي عمل او تصرف او يتوجهوا الى اي مكان.. هناك قوة جديدة في الجنوب لم يحدث ان وجدت هناك من قبل».

وقال المسؤولون الاميركيون ان هذه المهام الخاصة بدأت بعد 19 اكتوبر (تشرين الاول) عندما قامت قوات من الرينجرز التابعة للجيش الاميركي والكوماندوز من قوات الدلتا بالهجوم على مجمع كان يسكنه الملا محمد عمر، زعيم طالبان، ثم احتلوا لوقت قصير مطارا الى الجنوب الشرقي من قندهار. وقال مسؤولو البنتاغون فيما بعد ان قيمة الوثائق التي حصلوا عليها في هذه الغارات لم تكن كبيرة. ولم يتضح ما اذا كانت العمليات استمرت بعد ذلك ولا المدى الذي وصلت اليه تلك العمليات. وكان الرئيس بوش قد اوضح منذ البداية ان الولايات المتحدة تريد بن لادن «حيا او ميتا»، كما كان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير واضحا كذلك عندما قال ان الهدف الاساسي من الحملة العسكرية هو تقديم زعماء القاعدة للعدالة. ولهذا السبب نفسه فان البنتاغون يخشى ان يحكم على حملته بالفشل اذا استطاع بن لادن ان يفلت.

وقال مسؤولو الاستخبارات الاميركيون ان بن لادن موجود حاليا في مناطق نفوذ طالبان بالجنوب، وانهم لم يقفوا على اية اثار لمحاولته الهرب من البلاد. لكن اقوال رامسفيلد تشير الى انه من الممكن لابن لادن ان يهرب من البلاد. وقال رامسفيلد في ذلك: «انه يملك الامكانيات التي تجعله يفعل ما يريد. او على الاقل تجعله يحاول ذلك». واوضح رامسفيلد ان ثلاثة ارباع اسطول طالبان من طائرات الهليكوبتر قد تم تحطيمها، لكنه قال ان بعضها ربما يكون قد اخفي وربما يكون متاحا لكي يستخدمها بن لادن. وقال «ان اكتشاف طائرات الهليكوبتر بعد اقلاعها سيكون صعبا خاصة اذا حلقت على ارتفاع منخفض واقلعت في احوال جوية سيئة». لكنه عبر في نفس الوقت عن الامل بأن يساعد الافغان الولايات المتحدة في القبض على بن لادن وجماعته مدفوعين على الاقل بالمكافأة السخية التي عرضتها الولايات المتحدة. وقال رامسفيلد «نحن نحاول بقوة ان نمنعه من فعل أي شيء، كما نقضي وقتا طويلا في البحث عن الخلايا القيادية للقاعدة وطالبان، وعندما نعثر عليها فاننا كفيلون بتدميرها».

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»