3 مسؤولين في الاستخبارات الأميركية: الدائرة المقربة من الأسد تؤمن بأن ترك السلطة يعني الموت

قالوا إن إيران تقدم المعدات والتدريب للنظام.. وصور الأقمار الصناعية تظهر دمارا شاملا في حمص

سوري يريد إنقاذ جريح ملقى في أحد شوارع كرم الزيتون بحمص، أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد مرور عام على اندلاع الثورة السورية، قال مسؤولون رفيعو المستوى في الاستخبارات الأميركية عن الرئيس السوري إنه لا يزال متشبثا بالسلطة، وعازما على استخدام واحد من أكبر وأقوى الجيوش ضد المعارضة في معركة غير متكافئة. وقال المسؤولون إن الدائرة المقربة من الأسد لا تزال صامدة ومتماسكة، ولا يوجد الكثير من المؤشرات التي تدل على نية شخصيات قيادية في النظام الانشقاق رغم ما تبذله إدارة أوباما من جهود من أجل إحداث موجة من الانشقاقات من شأنها أن تقوض نظام الأسد. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى في الاستخبارات، مكلف متابعة الصراع، إن الأسد ما زال ممسكا بزمام الأمور، مضيفا أن الأسد ودائرته المقربة مقتنعون بأن وراء الثورة أطراف خارجية، ومستعدون لمقاومة أي شيء باستثناء تدخل عسكري واسع النطاق. وقال: «إن القيادة عازمة على المقاومة بشراسة»، لكنه رأى أن الحظ لن يكون حليفهم على المدى الطويل، رغم أنهم لن يتوقفوا عن المقاومة بشراسة.

كانت تعليقات الـ3 مسؤولين، الذين رفضوا ذكر أسمائهم حتى يتمكنوا من التعبير بصراحة عن تقييمهم للموقف، هي التعليقات الأكثر تفصيلا عن الثورة السورية التي اندلعت في شهر مارس (آذار) من العام الماضي من قبل محللين أميركيين.

وقال مسؤولون إن تكتيكات النظام اتخذت منحى أكثر عدوانية اتضح في صور التقطت عبر القمر الصناعي يوم أول من أمس، الجمعة، حيث أظهرت ما وصفه المسؤولون بالدمار «الشامل» بالمدفعية للمدارس والمساجد والمرافق الأخرى في مدينة حمص المحاصرة على مدى الأسابيع القليلة الماضية.

ووصفوا سوريا بأنها قوة عسكرية كبيرة، حيث يبلغ عدد الجنود الدائمين في الجيش السوري 330 ألفا، فضلا عن طائرات المراقبة التي تقدمها إيران ونظام الدفاع الجوي القوي الذي يجعل من الصعب على الولايات المتحدة أو القوى الأخرى فرض منطقة حظر جوي.

وقال مسؤول آخر رفيع المستوى في الاستخبارات الأميركية: «إنه جيش أعد لحرب برية مع الإسرائيليين». وأوضح أن النظام بعد أن تردد في مهاجمة أماكن تركز المدنيين في بداية الصراع، رفع عن نفسه الحرج، حيث استمرت القوات السورية في قصف معقل المعارضة في حمص، التي تقع غرب وسطي البلاد، يوم أول من أمس، الجمعة، بحسب تقارير إخبارية. وتظاهر الآلاف في أماكن أخرى استباقا لزيارة كوفي أنان، المبعوث الخاص للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية يوم أمس، السبت، في دمشق الذي من المزمع أن يلتقي الأسد.

وقالت فاليري آموس، منسقة الإغاثة الطارئة التابعة للأمم المتحدة، التي زارت حمص الأسبوع الحالي، إنها فوجئت بحجم الدمار الذي شهدته المدينة. وأضافت: «لم يتبق بشر هناك». وتحدثت فاليري من تركيا بعد زيارة مخيمات اللاجئين على طول الحدود السورية قائلة إن نظام الأسد وافق على «تقييم محدود» للحاجات الإنسانية، لكنه رفض السماح بدخول غير مشروط للمنظمات التي تقدم مساعدات، وطلب المزيد من الوقت للتفكير في مقترحات الأمم المتحدة الخاصة بزيادة المساعدات المقدمة للمدنيين.

وفي واشنطن، ذكر مسؤولو الاستخبارات عددا من العوامل التي تحول دون انهيار النظام، ومنها قوة الدافع لدى الدائرة المقربة من الأسد والمقتنعة بأن تسليم السلطة يعني الموت أو السجن مدى الحياة.

لقد رصد المسؤولون سالفو الذكر زيادة دعم إيران، التي تعد أقرب حليف لسوريا، وقالوا إن إيران تقدم المعدات والتدريب لقمع المعارضة، لكنها بدأت مؤخرا في إرسال أسلحة خفيفة ومعدات متطورة لمراقبة واختراق الثوار.

وساعدت إيران سوريا بالمعدات والخبرة التي طورتها خلال قمعها لثورتها عام 2009. ولدى سوريا أسطول صغير من الطائرات الحربية التي تعمل من دون طيار والتي يبدو أنها حصلت عليها من إيران قبل اندلاع الثورة، على حد قول المسؤولين. لقد وصفوا المعارضة السياسية للأسد بغير المنظمة، ويرون أن ما يعوقها هو الافتقار إلى قيادة تتمتع بالخبرة. ويرى المسؤولون أن نجاح محاولات توحيد الصفوف والحصول على دعم أكبر بين الأقليات، الذي يعد هدفا آخر من أهداف السياسة الأميركية، محدود. ويحاول المجلس الوطني السوري، الذي تهيمن عليه شخصيات معارضة في الخارج وأكثرهم من المسلمين السنة، جذب مسيحيين ودروزا وأكرادا بعيدا عن الأسد. ويعمل النظام، الذي يهيمن عليه العلويون، على تكريس المخاوف من قمع المعارضة للأقليات أو ما هو أسوأ.

كذلك شارك مسؤولو الاستخبارات القادة العسكريين الأميركيين المخاوف التي عبروا عنها خلال شهادتهم أمام الكونغرس الأسبوع الحالي بشأن إمداد عناصر المعارضة المسلحة بالسلاح، حيث لا يتوافر معهم حاليا سوى الأسلحة الخفيفة والـ«آر بي جي» مما يضعهم في معركة غير متكافئة مع قوات الأسد.

لقد انشق ما يتراوح بين 10 آلاف و20 ألف جندي، وكونوا «الجيش السوري الحر» الذي يفتقر إلى التنظيم اللازم والقيادة الفاعلة والتنسيق مع المعارضة السياسية، بحسب قول مسؤولي الاستخبارات الأميركية. ستكون حماية هذه القوات مهمة عسيرة، حيث قال المسؤولون إن أنظمة الدفاع الجوي السورية تشمل مئات المواقع المزودة بصواريخ أرض - جو وآلاف الأماكن التي تحتوي على مدافع مضادة للطائرات. وقال هذا المسؤول، وهو يصف أبعاد التحدي، إن سوريا، التي تبلغ مساحتها عُشر مساحة ليبيا، لديها جيش حجمه أكبر بمقدار 4 أمثال ومعدات الدفاع الجوي أكبر بمقدار 5 أمثال، وأكثرها وارد من روسيا.

ويقول المسؤولون إنه حتى هذه اللحظة أكثر هجوم دموية ضد النظام كان من قبل عناصر تنظيم القاعدة الذين يسعون إلى اختراق المعارضة التي على ما يبدو تحرص على عدم ربطها بأي جماعة إرهابية.

وقال المسؤولون الأميركيون إن تنظيم القاعدة في العراق قد عكس مسار خط أنابيب كان يساعد يوما ما في تهريب مقاتلين وأسلحة لمقاومة القوات الأميركية في أوج الحرب العراقية.

وقال المسؤول الأول الذي أقر بأن وجود وتركيبة تنظيم القاعدة في سوريا غير واضح: «لا يزال التنظيم هناك». قد يكون بعض أفراد تنظيم القاعدة سوريين، والبعض الآخر من العراقيين. وقال مسؤولون إن المزاعم بوقوف تنظيم القاعدة في العراق وراء التفجيرات التي أسفرت عن مقتل عدد كبير من الناس في دمشق وحلب في ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) تستند إلى طبيعة التفجيرات أكثر مما تستند إلى أدلة ملموسة.

ويعد أكبر دمار لحق بنظام الأسد حتى هذه اللحظة هو الدمار الاقتصادي، على حد قول مسؤولي الاستخبارات، حيث أدت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وجامعة الدول العربية، وحظر أوروبا استيراد النفط من سوريا، إلى ارتفاع معدل البطالة وأسعار الوقود وعجز الميزانية في سوريا. ويرى المسؤولون أن المشكلات الاقتصادية ربما تكون أفضل وسيلة على المدى الطويل لخلع الأسد. مع ذلك قال مسؤول الاستخبارات الأول: «حتى هذه اللحظة، لم نشهد تأثر قدرة النظام على الاستمرار في الحرب».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»