تسميات الجمعة وثقت للثورة.. وجعلت السوريين الرافضين لحكم الأسد أكثر تضامنا

52 أسبوعا.. من «جمعة الكرامة» لـ«جمعة الوفاء للانتفاضة الكردية»

مظاهرة أمس بمنطقة الحولة في حمص (أوغاريت)
TT

قد يكفي في كتاب «الثورة السورية» تقليب صفحات يوم الجمعة من 15 مارس (آذار) الماضي وحتى اليوم ليتوضح المنحى الذي اتخذته الأحداث على مر الشهور الماضية وتحديد وجهة نظر قوى المعارضة السورية من كل قضية أو ملف أو حتى مبادرة وضعت على الطاولة منذ عام بالتحديد وحتى يومنا هذا.

الناشطون صوتوا على تسميات اختاروها عناوين كبرى حشدت الآلاف في الشوارع السورية دفاعا عن قضية محددة، تضامنا مع شخصية أو مجموعة اختاروها وطبعا سعيا لتحقيق مطلبهم الأساسي بإسقاط النظام. من جمعة الكرامة لجمعة الوفاء للانتفاضة الكردية، 52 يوم جمعة سقط خلالها آلاف القتلى الذين لبّوا الدعوة للتظاهر معتقدين، ومنذ الأيام الأولى، أنهم يمارسون حقّهم الطبيعي والديمقراطي بالتعبير عن الرأي.. ليتحوّل مع مرور الأيام خروجهم للشوارع تحديا لمنطق القتل والإبادة وإرساء وبالقوة لحقّ الشعوب بإسقاط النظام لبناء أنظمة ديمقراطية تحترم قيمة الإنسان وحرياته.

18 مارس (آذار) 2011 هو أول يوم جمعة في تاريخ الثورة السورية أطلق عليه الناشطون تسمية «جمعة الكرامة»، حصد أول أربعة قتلى سقطوا في درعا بعد 4 أيام على اندلاع الانتفاضة في ثلاثاء الغضب.. في تلك الجمعة لبّى المئات الدعوة ولكن في أنحاء محددة من البلاد. انطلقت مظاهرات من الجامع الأموي في دمشق، كما في مدينة بانياس وحمص ودرعا.. مظاهرات أسست لتوسع الحراك في الأسابيع المقبلة. ومع إنشاء صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011» عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» توصل الناشطون لتحديد آلية واضحة لاختيار تسمية لكل يوم جمعة، بحيث تنطلق كل يوم أربعاء عملية تصويت على أكثر من 5 تسميات يحددها الناشطون والقيمون على الصفحة، تنتهي يوم الخميس عصرا ليتم الإعلان عن التسمية التي حصدت أكبر عدد من الأصوات فتعمّم بإطار عنوان كبير للحشد.

بعد جمعة «الكرامة» كانت «جمعة العزة» في 25 مارس، انطلقت خلالها المظاهرات العارمة في مُعظم أنحاء سوريا للمرة الأولى بعد أن كانت في السابق مُقتصرة على محافظتي درعا ودمشق بشكل رئيسي فشملت درعا والصنمين وداعل والشيخ مسكين ودمشق (في كفرسوسة وسوق الحميدية) وحمص وحماه وبانياس واللاذقية.. في تلك الجمعة سقط 20 قتيلا في درعا بعدما كان يوم الأربعاء شهد مقتل ما يفوق الـ52. في جمعة العزة أيضا تم إحراق مقر حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سوريا.

وفي 1 أبريل (نيسان)، خرج الناشطون في يوم «جمعة الشهداء» فتظاهروا في عدة مدن سوريا، وكان لافتا عندها امتداد الاحتجاجات إلى مناطق كردية تشارك للمرة الأولى مثل القامشلي وعامودا وسط امتناع الأحزاب الكردية. يومها أعلنت السلطة نيتها دراسة أوضاع 300 ألف كردي محرومين من الجنسية السورية منذ نصف قرن. وكانت الحصيلة النهائية لتلك الجمعة 29 قتيلا في جميع أنحاء البلاد.

ومن جمعة «الشهداء» لجمعة «الصمود» في 8 أبريل وقتها عمّت مظاهرات كبيرة في ريف دمشق وإدلب وحماه وحمص ودير الزور ودرعا وبانياس واللاذقية والبيضاء والقامشلي وطرطوس، وتم تحطيم تمثال لشقيق الأسد، باسل الأسد. الناشطون وثٌّقوا في تلك الجمعة مقتل 74 شخصا.

وفيما حصدت مظاهرات يوم «جمعة الإصرار» في 15 أبريل 11 قتيلا، كان يوم الجمعة التالي في 22 أبريل الأكثر دموية منذ اندلاع الثورة، إذ وبعدما أصدر الأسد مرسوما أمر فيه برفع قانون الطوارئ وإلغاء محكمة أمن الدولة وسن تنظيم للمظاهرات السلمية يوم الخميس 21 أبريل، حصد يوم «الجمعة العظيمة» لمصادفته في ذكرى يوم الجمعة العظيمة لدى الطوائف المسيحية، 158 قتيلا.

وبعدها ارتفعت وتيرة القتل، فوثّق الناشطون في جمعة الغضب في 29 أبريل مقتل 161 شخصا معظمهم في درعا التي قطع عنها الماء والغذاء والكهرباء. وفي 6 مايو (أيار) خرج السوريون في جمعة التحدي التي سقط فيها 63 قتيلا في دمشق وحمص وحماه، كما في بانياس المحاصرة.

وكان يوم 13 مايو يوم «جمعة الحرائر»، ووضع المحتجون أمر الأسد بعدم إطلاق النار على المحتجين تحت الاختبار، فرغم أن قوات الأمن أقامت حواجز تفتيش في جميع أنحاء البلاد لمنع تشكل المظاهرات، فإن مظاهرات انطلقت في حمص وحماه والقامشلي ودمشق ودرعا وبانياس واللاذقية وغيرها. وفشل الأسد في الاختبار وقتل 14 شخصا في نهاية اليوم.

ومن جمعة «الحرائر» لـ«جمعة أزادي» أي الحرية باللغة الكردية في 20 مايو التي سقط خلالها 50 قتيلا وتم إحراق مقر «البعث» في البوكمال على الحدود مع العراق.

وتوالت أيام الجمعة واتخذت التسميات منحى أقرب للناشطين على الأرض الذين باتوا يتحركون على أساسها ويرفعون اللافتات ويطلقون الهتافات انطلاقا منها.

وفي 27 مايو، كانت البلاد على موعد مع «جمعة حماة الديار» وهو الاسم الذي يطلق على الجيش في النشيد الوطني السوري في محاولة من المتظاهرين لثني الجيش عن إطلاق النار عليهم، لكن إطلاق النار حصد يومها 17 قتيلا.

ودخلت الثورة السورية شهرها الثالث شهر مع جمعة «أطفال الحرية» في الثالث من يونيو (حزيران)، وكانت مدينة حماه يومها على موعد مع الآلاف الذين تظاهروا في ساحة الشهداء لينتهي ذلك اليوم مع سقوط 84 قتيلا وإعلان وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن الأسد على وشك فقدان الشرعية.

وفي أحد مجزرة جسر الشغور في 5 يونيو (حزيران) سقط 56 قتيلا بعدما كانت قوات الأمن والجيش قد اجتاحت مدينة جسر الشغور وقصفوها بالمروحيات مخلفين أكثر من 38 قتيلا خلال يوم واحد. وفي «جمعة العشائر» في 10 يونيو، بدأت حملة الفرار السورية نحو تركيا، فانتقل نحو 2000 شخص إلى هناك. يومها أيضا سقط 211 قتيلا في أنحاء سوريا.

وفي 17 يونيو خرج السوريون في جمعة الشرفاء التي قتل فيها 17 شخصا وصولا لجمعة «سقوط الشرعية» في 24 يونيو حين خرجت مظاهرات ضخمة أكبرها في حماه، وقدر عدد المحتجين في ساحة الشهداء بـ200 ألف. يومها أصدر الاتحاد الأوروبي بيانا شديد اللهجة للتنديد بممارسات نظام بشار الأسد. وأعلنت تركيا أن عدد اللاجئين السوريين لديها يتجاوز 11 ألف شخص. ووثق الناشطون في اليوم ذاته مقتل 19 شخصا في مختلف أنحاء سوريا.

وصرخ آلاف السوريين في الشوارع «ارحل» مع مطلع شهر يوليو (تموز) في جمعة أطلق عليها تسمية «ارحل»، وخرجت المظاهرات في معظم أنحاء البلاد، وأحصى الناشطون 268 موقعا، في المقابل خرجت مظاهرة مؤيدة في مدينة السويداء. وقد بلغت حصيلة قتلى تلك الجمعة 29 شخصا.

وفي 8 يوليو (تموز) كانت «جمعة لا للحوار»، وخرجت حماه بنصف مليونية جديدة، ووصل سفيرا أميركا وفرنسا إلى المدينة لتفقد أوضاعها ومعاينة وضع المظاهرات فيها، مما أدى إلى اندلاع أزمة دبلوماسية بين دمشق وواشنطن وباريس، خاصة بعد أن نفذ موالون للنظام السوري هجوما على السفارتين الأميركية والفرنسية في دمشق، بالإضافة إلى القنصلية الفرنسية في حلب. وأحصى الناشطون يومها سقوط 19 قتيلا.

وفي جمعة «أسرى الحرية» في 15 يوليو وصل عدد القتلى لـ39 ليوثّق الناشطون في الجمعة التي تلتها والتي حملت تسمية جمعة «أحفاد خالد» مقتل 18 شخصا في وقت قالت فيه المعارضة إن نحو 1.2 مليون خرجوا للتظاهر في مدينتي دير الزور وحماه وحدهما.

وفي 29 يوليو توجه المتظاهرون إلى العالم بجمعة «صمتكم يقتلنا» التي سقط فيها 22 قتيلا. وفي 5 أغسطس (آب) كانت جمعة «الله معنا» التي حرم فيها أهالي حماه من إقامة الصلاة، وأفادت التقارير عن سقوط 25 قتيلا، لتليها 12 من الشهر عينه جمعة «لن نركع إلا لله» التي سقط فيها 26 قتيلا.

وفي 19 أغسطس وبعد التحرك الدولي، نظمت المعارضة «جمعة بشائر النصر» التي سقط خلالها 45 قتيلا، تلتها جمعة «الصبر والثبات» التي راح ضحيتها 16 قتيلا في 26 أغسطس. وبعدها وفي 2 سبتمبر (أيلول) نظم المعارضون يوم احتجاج تحت عنوان «الموت ولا المذلة»، سقط فيه 25 قتيلا، تلته جمعة «الحماية الدولية» التي سقط فيها 31 قتيلا في 9 منه، وقد تزامنت مع وصول الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي إلى دمشق لإجراء محادثات مع المسؤولين السوريين. وفي 16 منه تكثفت المظاهرات في جمعة «ماضون حتى إسقاط النظام»، فعبّر الناشطون عن رفضهم للمبادرة العربية، كما كتبوا تحت شعار يوم الجمعة «لا دراسة ولا تدريس» في إشارة إلى حلول موعد العودة إلى المدارس. وقد سقط في ذلك اليوم 52 قتيلا برصاص الجيش والأمن.

ومنها إلى جمعة «وحدة المعارضة» في 23 سبتمبر والتي سقط فيها 27 قتيلا. أما «جمعة النصرة لشامنا ويمننا» التي تلتها في يوم 30 سبتمبر فقد اتحدت فيها مظاهرات سوريا واليمن المطالبة بإسقاط النظامين الحاكمين في هذين البلدين معا للمرة الأولى تحت شعار جمعة موحد. وكانت حصيلة يوم الجمعة في سوريا مقتل 19 شخصا، معظمهم في محافظتي حمص وحماه.

وفي يوم خصّص لتأييد المجلس الوطني السوري، نظم المعارضون في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) جمعة «المجلس الوطني يمثلني» التي سقط فيها 24 قتيلا، كما اغتيل الناشط مشعل التمو المعارض الكردي البارز وعضو المجلس الوطني السوري في منزله بمدينة القامشلي، إذ اقتحم منزله 4 مسلحين وفتحوا النار على كل من في المكان. وفي اليوم نفسه حاول متظاهرون اقتحام السفارات السورية لدى بريطانيا وألمانيا والنمسا، فضلا عن مقرّ البعثة الدبلوماسية السورية لدى سويسرا، وفي برلين اقتحم 30 متظاهرا السفارة سلميا، لكن الشرطة أخرجتهم منها لاحقا، وفي فيينا اعتقل 11 متظاهرا بعد اقتحامهم السفارة. وأعلنت قيادة إقليم كردستان العراق تأييدها الكامل للشعب السوري في مقابل موقف الحكومة العراقية المؤيد للنظام.

وفي 14 أكتوبر نظمت المعارضة السورية جمعة «أحرار الجيش» للإشادة بالجيش السوري الحر الذي بدأ التنسيق مع المجلس الوطني، وكانت حصيلة هذا اليوم 25 قتيلا معظمهم في حمص التي بدأت في التحول إلى «عاصمة الثورة».

واحتجاجا على المهل المتتالية التي تعطيها الجامعة العربية للنظام، وفي 21 أكتوبر، نظمت المعارضة السورية يوم «جمعة شهداء المهلة العربية» وكان عدد ضحايا ذلك اليوم في سوريا 29 قتيلا، تلتها جمعة «الحظر الجوي» في 28 أكتوبر والتي قتل الأمن السوري فيها 74 شخصا على الأقل. وفيما حصدت جمعة «الله أكبر على من طغى وتجبر» 28 قتيلا، حصدت مظاهرات يوم جمعة «تجميد العضوية» 34 قتيلا.

وقد خصص الناشطون يوم الجمعة في 18 ديسمبر (كانون الأول) للدعوة لـ«طرد السفراء» وذلك مواكبة لمواقف جامعة الدول العربية في حينها التي أوصت من القاهرة بسحب السفراء العرب من دمشق، سعيا للانتقال للمرحلة التطبيقية فيما يخص فرض عقوبات دبلوماسية على سوريا. وقد سقط في تلك الجمعة 24 قتيلا. وبعدها وفي جمعة «الجيش الحر يحميني» قتل 26 شخصا خرجوا يؤيدون العناصر المنشقة من الجيش السوري النظامي.

وبعدها وتلبية لدعوات الجيش السوري الحر واقتناعا منهم بأن «المنطقة العزلة» ستعزز الانشقاقات عن الجيش الذي ينفذ تعليمات الرئيس السوري بشار الأسد، دعت قوى المعارضة السورية للخروج في مظاهرات «مليونية» في جمعة «المنطقة العازلة مطلبنا» في المحافظات والمدن السورية كافة. وقد سقط يومها 22 قتيلا. لتليها بعدها جمعة «إضراب الكرامة» التي سقط خلالها 46 قتيلا وبعدها جمعة «الجامعة العربية تقتلنا» استباقا لاجتماع جامعة الدول العربية الذي كان مقررا السبت على مستوى وزراء الخارجية والمخصص للرد على الشروط التي وضعها النظام السوري للقبول بالمبادرة العربية لحل الأزمة السورية. في ذلك اليوم قتل 20 شخصا.

ومنها إلى 23 ديسمبر وجمعة «بروتوكول الموت» التي سقط فيها 32 شخصا لتحصد آخر جمعة في سنة 2011 والتي أطلق عليها تسمية «جمعة الزحف إلى ساحات الحرية»، 36 قتيلا.

وفي أول جمعة من سنة 2012 وبالتحديد في 6 يناير (كانون الثاني) خرج الناشطون في جمعة «إن تنصروا الله ينصركم» وقتلت يومها قوات الأمن 34 شخصا.

واستمر العنف سيد الموقف في الأسابيع التي تلت، وفي 13 يناير قتل 17 شخصا في جمعة «دعم الجيش السوري الحر»، لتحصد الجمعة التي تلتها جمعة «معتقلي الثورة» في 20 يناير 23 قتيلا. وفي 27 يناير شدّد الناشطون على حقهم بالدفاع عن النفس في جمعة «حق الدفاع عن النفس» التي قتل خلالها 72 شخصا.

وبعدها كانت جمعة «عذرا حماه سامحينا» في 3 فبراير (شباط) سقط خلالها 28 قتيلا قبل يوم من مجزرة الخالدية ومقتل 400 شخص في سوريا في يوم واحد.

ومنها لجمعة «روسيا تقتل أطفالنا» في 10 فبراير سقط خلالها 113 قتيلا، تلتها في 17 من الشهر عينه جمعة «المقاومة الشعبية بداية مرحلة» قتل فيها 44 شخصا.

وفي 24 من الشهر عينه، انتفض الناشطون من أجل بابا عمرو في جمعة «سننتفض لأجلك بابا عمرو» التي سقط خلالها 96 قتيلا. لتليها جمعة المطالبة بـ«تسليح الجيش الحر» في 2 مارس (آذار) قتل فيها 73 شخصا.

أما الأسبوع الأخير قبل إحياء الذكرى السنوية الأولى للثورة، فأراده الناشطون «وفاء للانتفاضة الكردية».. في تلك الجمعة سقط 96 قتيلا.