رسائل البريد الإلكتروني: العراق يفتح أراضيه ممرا أمام إيران لدعم الأسد

«ديلي تلغراف»: طهران رمت طوق النجاة للنظام السوري الذي يواجه أزمة اقتصادية خانقة

مسيرة نسائية للمطالبة بسقوط الأسد أمس بالقامشلي (أ.ف.ب)
TT

رمت إيران طوق نجاة إلى النظام السوري الذي يواجه أزمة اقتصادية متفاقمة بإعداد خطط واسعة لربط البلدين بشبكة من الطرق، وخطوط السكة الحديد، والخطوط الجوية، وحتى الربط الكهربائي، كما تشير محاضر رسمية لمحادثات جرت بين مسؤولين كبار من البلدين في دمشق. وتبين وثيقتان حصلت عليهما صحيفة الـ«ديلي تلغراف» عن الاجتماعات التي عقدت بين وزراء الرئيس بشار الأسد ونظرائهم الإيرانيين أن إيران تقوم بمجهود واسع لدعم النظام السوري، حليفها الوحيد الموثوق به في الشرق الأوسط.

وتتطلب جميع المشاريع التي تتحدث عنها الوثائق تعاون العراق الذي تحتاج سوريا وإيران إلى استخدام أراضيه ممرا بينهما. ويبدو أن الرسائل تعتبر موافقة العراق مسألة مفروغا منها، مشيرة إلى «أن حكومة بغداد اختارت الانضمام إلى إيران في مساعدة الأسد بلا ضجة»، فيما تشير الرسائل الثانية إلى اجتماع آخر عقد في 13 و14 ديسمبر (كانون الأول) في دمشق بوصفه الاجتماع التاسع للجنة متابعة التعاون الاقتصادي بين سوريا وإيران. وشارك في رئاسة الاجتماع الشاعر ونكزاد. وتنقل الوثيقة أن الجانب السوري أبدى اهتمامه بمتابعة مشروع الربط الكهربائي بين البلدين عن طريق العراق. وكان الهدف ضم العراق إلى «اجتماع ثلاثي» وتحقيق التقدم على هذا الصعيد في وقت قريب. ويرى مراقبون أن هذه المشاريع تبين مدى استعداد النظام الإيراني لمساعدة الأسد، وهي تبين أن العلاقات الاقتصادية بين سوريا وإيران أوسع مما كان يعتقد، وبالإضافة إلى مشاريع الربط الجوي والبري تعهدت إيران ببناء 12500 وحدة سكنية جديدة في دمشق وحلب على أساس غير ربحي. وفيما ذكرت وسائل إعلام عربية وأجنبية «أن الرئيس السوري بشار الأسد أخذ الكثير من النصائح الإيرانية حول كيفية التعامل مع الثورة على حكمه بالنظر إلى كمية الرسائل المرسلة عبر البريد الإلكتروني، وما تم الكشف عنه في أكثر من 3 آلاف وثيقة التي يقول نشطاء إنه تم تحميلها من حسابات خاصة بالبريد الإلكتروني الذي يعود إلى الأسد وزوجته أسماء يقال: إنه تم اعتراضها من قبل أعضاء المجلس الأعلى للثورة المعارض جمعت ما بين يونيو (حزيران) وأوائل فبراير (شباط)، تظهر في الذكرى السنوية الأولى للتمرد الذي شهد مقتل أكثر من 8 آلاف سوري، ترسم صورة لأول عائلة معزولة بشكل ملحوظ من الأزمة المتصاعدة».

وتشير الرسائل إلى التعاون الاقتصادي المهم بين دمشق وطهران، والذي بات مثل طوق نجاة للنظام السوري في مجالات الحياة اليومية، وتشير إحدى الرسائل إلى اجتماع عقد في العاصمة دمشق يوم 8 ديسمبر الماضي بين 10 مسؤولين إيرانيين و5 أعضاء كبار من النظام السوري بمن فيهم وزير الاقتصاد والتجارة محمد نضال الشعر، وتخلل هذا اللقاء الذي بدأ في الواحدة ظهرا وانتهى عند منتصف الليل، تفاصيل عن تعزيز التعاون الاقتصادي بين دمشق وطهران، واتفق فيه المجتمعون عن أفضل السبل للدفع بعجلة التعاون بين البلدين، واتفقوا فيه أيضا على الإسراع في تحسين الطرق البرية المارة بالعراق، وافتتاح محتمل للنقل في أعقاب انسحاب القوات الأميركية من العراق. يذكر أن رحيل القوات الأميركية من العراق اكتمل بعد 10 أيام من هذا الاجتماع وتحديدا في 18 ديسمبر الماضي. وبالإضافة إلى الربط البري والجوي يهدف الجانبان لربط سوريا وإيران بخط سكك حديدية عبر شمال العرق. وذكرت تفاصيل رسائل أن إيران منحت سوريا شريانا للحياة الاقتصادية من خلال وضع خطط طموحة لبناء شبكة من الطرق والسكك الحديدية والخطوط الجوية ومشاريع الربط الكهربائي بين البلدين تمر عبر العراق، وفقا للسجلات الرسمية لمحادثات رسمية رفيعة المستوى جرت بينهما في دمشق.

وقالت الـ«ديلي تلغراف» أمس إن جميع الخطط الواردة بالوثيقتين «تطلبت تعاون العراق والسماح باستخدام أراضيه كممر بين سوريا وإيران، واقترحت أن حكومة بغداد اختارت بهدوء الانضمام إلى إيران ومساعدة الرئيس الأسد».

وقالت: إن المسؤولين الإيرانيين والسوريين «اتفقوا خلال اللقاء على خطة لتحسين النقل البري بينهما عبر الأراضي العراقية وإمكانية فتح خط للنقل الجوي من خلال الأجواء العراقية بعد انسحاب القوات الأميركية»، والتي أكملت انسحابها بعد 10 أيام من تاريخ اللقاء في 18 ديسمبر 2011، وأضافت أن الوثيقة الثانية تتضمن محضر لقاء آخر جرى يومي 13 و14 من ديسمبر من العام الماضي في دمشق.. وكان برئاسة وزير الاقتصاد السوري ووزير النقل والإسكان الإيراني.

وأشارت إلى أن الجانب السوري أعرب خلال اللقاء عن رغبته بمتابعة مشروع ربط الطاقة الكهربائية في البلدين عبر العراق. ويرى مراقبون أن هذه المشاريع تبين مدى استعداد النظام الإيراني لمساعدة الأسد. وهي تبين أن العلاقات الاقتصادية بين سوريا وإيران أوسع مما كان يعتقد. وبالإضافة إلى مشاريع الربط الجوي والبري تعهدت إيران ببناء 12500 وحدة سكنية جديدة في دمشق وحلب على أساس غير ربحي. وهذا كله يشي بخوف إيران من احتمال سقوط الأسد ومجيء نظام غير ودي. فإن سوريا تقوم في الوقت الحاضر بدور القاعدة الاستراتيجية للنفوذ الإيراني في المنطقة العربية، وخاصة موافقة الأسد على استخدام إيران الأراضي السورية لإرسال السلاح إلى حزب الله في لبنان.

وأفادت تقارير أن الوثائق المسربة دليل آخر على أن مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي خلص إلى أن أمن النظام الإيراني يرتبط ارتباطا مصيريا ببقاء الأسد. ونقلت الـ«ديلي تلغراف» عن الخبير بالشؤون الإيرانية في جامعة سانت أندروز البريطانية علي أنصاري أنه من الواضح أن المرشد الأعلى اتخذ قرارا استراتيجيا حاسما في هذا الشأن ولكن الخطأ في الحسابات الاستراتيجية وارد. وأشار أنصاري إلى أن الإيرانيين راهنوا رهانا كبيرا على النظام السوري وهذه لعبة محفوفة بالمخاطر. وأكبر هذه المخاطر سقوط الأسد بصرف النظر عن حجم الدعم الإيراني. وفي هذه الحالة يكاد يكون من المؤكد أن وريثه سيكون حكما سنيا يعكس هوية 70% من السوريين.