أزمة غاز الطهي تعصف بالغزيين بعد انقطاع الكهرباء

حكومة غزة تحمل المخابرات المصرية المسؤولية عن أزمة الكهرباء في القطاع

TT

لم يجد عبد الرحمن أبو سمحة بُدا سوى العودة من حيث أتى بعد أن ظل نحو نصف ساعة يقرع بيديه بوابة محطة توزيع الغاز في المنطقة الوسطى من قطاع غزة، من دون أن يحصل على أي رد. وسمع العاملون في المحطة جيدا أصوات قرع البوابة، لكنهم لم يستجيبوا لسلوك عبد الرحمن؛ لأنه لا يوجد لديهم ما يلبي طلبه؛ فالمحطة خالية من الغاز منذ عدة أيام بعد أن قلصت إسرائيل الكميات التي يسمح بدخولها للقطاع بشكل كبير.

محطات قليلة جدا تلك التي تحصل على الغاز، ونظرا للطلب الجماهيري الهائل عليه، فإن هذه المحطات لا تفتح أبوابها أيضا وتقوم بتوزيعه حسب وكلاء حصريين، بحيث تنتهي الكمية بسرعة. لكن ما يثير الإحباط لدى قطاعات كبيرة من الناس هو أن أزمة الغاز تأتي في ذروة أزمة الوقود. وكما يقول أسامة أحمد، الذي يقطن مخيم المغازي للاجئين، فإن عدم وجود الكيروسين يجعل إمكانية استخدام مواقد الكيروسين في إنضاج الطعام خيارا غير منطقي، في حين يسهم انقطاع التيار الكهربائي في إسدال الستار على إمكانية استخدام الأدوات الكهربائية في إعداد الخبز وإنضاج الطعام.

وجاءت هذه الأزمة في ظل تحول في اللهجة التي تستخدمها حكومة غزة ضد الأجهزة الأمنية المصرية، لا سيما جهاز المخابرات العامة الذي يرعى المصالحة الفلسطينية ويتولى مسؤولية لقاء مسؤولي حركة حماس المسؤولة عن قطاع غزة، وتحميلها المسؤولية عن أزمة انقطاع التيار الكهربائي في القطاع. وقال أمين عام مجلس الوزراء الفلسطيني بحكومة غزة، محمد عسقول: إن جهاز المخابرات المصري هو من «يقف عثرة أمام توريد الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء في غزة».

وفي تصريحات نقلها عنه موقع صحيفة فلسطين، قال عسقول: إن المخابرات المصرية أبلغت سلطة الطاقة بغزة بأن تقوم بنقل المعدات اللازمة لنقل الوقود إلى معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي لتسلمها من هناك، مؤكدا أن طلب المخابرات «مرفوض جملة وتفصيلا.. لاعتبارات سياسية وفنية وإدارية». وأشار عسقول إلى أن تدخل المخابرات المصرية حال دون تحويل الوقود إلى سلطة الطاقة والموارد الطبيعية في غزة بعد تحويلها مبلغ مليوني دولار إلى الهيئة العامة المصرية للبترول كدفعة مقدمة للوقود اللازم لتشغيل محطة التوليد حسب ما هو متفق عليه بين الطرفين.

وطالب عسقول الحكومة المصرية بالضغط على جهاز المخابرات للسماح بإدخال الوقود إلى غزة «لتشغيل محطة التوليد» في أسرع وقت ممكن، وبالكميات الكافية لرفع المعاناة عن كواهل الغزيين.

من ناحيته، ذهب يوسف رزقة، المستشار السياسي لرئيس الحكومة المقالة في غزة، إسماعيل هنية، إلى حد وصف السلوك المصري بأنه «ابتزاز سياسي يقصد منه إخضاع حركة حماس بشكل متعمد». واعتبر رزقة أن إصرار مصر على إدخال الوقود عبر كرم أبو سالم إجراء «غير قانوني وتعسفي»، مشيرا إلى عدم وجود أي اتفاقيات دولية تلزم مصر بتجاهل معبر رفح الحدودي والإصرار على إدخال الوقود عبر معبر كرم أبو سالم، خاصة مع وضع القطاع المأساوي»، على حد تعبيره.

من ناحيته، قال فريد إسماعيل، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب المصري عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة: إنه ستتم مراجعة المخابرات المصرية في عرقلة إيصال الوقود إلى قطاع غزة. وفي تصريحات نقلها عنه موقع «الرسالة نت» الإخباري الفلسطيني، أضاف إسماعيل: «سنراجع جهاز المخابرات العامة، في هذا الأمر؛ لأنه لا يصح أن يحدث هذا بحق أهل غزة، ولن يصح القول إن الوقود لن يمر إلا من معبر كرم أبو سالم (الإسرائيلي) على الرغم من وجود معبر رفح»، معتبرا رفح «البوابة الصحيحة لدخول الوقود إلى قطاع غزة ولا يجب رهن احتياجات أهالي غزة بتعنت (إسرائيل) الإجرامي»، مؤكدا أن الأمر لم يعد يحتمل مثل هذه التصرفات.

يُذكر أن محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع توقفت عن العمل منذ أكثر من شهر إثر نفاد السولار من مخازن المحطة، مما أدى إلى أزمة حادة في الكهرباء التي طالت جميع مناحي الحياة في القطاع.