اعتقالات في دمشق والرقة واشتباكات في حمص واقتحام لدرعا

الشبيحة يهاجمون اعتصاما سلميا للمعارضة وسط العاصمة ويضربون الناشطين

TT

بينما تركزت الأنظار بالأمس على التفجير الذي استهدف مدينة حلب، كان الجيش السوري النظامي يستأنف عملياته في مدينة حمص وريف دمشق ودير الزور وإدلب، كما يشن حملات اعتقال في عدد من المناطق، أبرزها العاصمة دمشق، ومدينة الرقة.

وأفادت الهيئة العامة للثورة السورية بأن جيش النظام السوري قصف، منذ ساعات الصباح الأولى ليوم الأحد، أحياء في حمص، من ضمنها حي بابا عمرو الذي كان قد أعلن فرض سيطرته عليه بالكامل، كما اقتحم بلدة بصر الحرير في ريف درعا.

وأضافت هيئة الثورة أن اشتباكات اندلعت بين عناصر من الجيش الحر وقوات النظام بعد محاولة الأخيرة اقتحام حي الخالدية في مدينة حمص. ووقعت اشتباكات بين الجانبين عند محاولة عناصر من الجيش الحر دخول حي الرفاعي لسحب جثث أشخاص قضوا بنيران قوات النظام. وعرض ناشطون سوريون صورا تعرض حي الحميدية في حمص إلى قصف مدفعي عنيف على المباني والمناطق الآهلة.

وقد هاجمت قوات النظام مدينة درعا، وشهدت عدة بلدات في ريفها عمليات اقتحام من قبل قوات النظام، خصوصا بلدة بصر الحرير. وأفادت الهيئة العامة للثورة بأن قوات أمن النظام أطلقت النار على مدنيين في بلدة الكرك الشرقي، ما أدى إلى مقتل اثنين.

وفي محافظة حلب (شمال)، قال ناشطون إن مظاهرات طلابية عدة خرجت في جامعة حلب في كليات الآداب والهندسة، في وقت سمع فيه دوي انفجارات في أكثر من حي، بالإضافة إلى الانفجار في حي السلمانية الذي أعلن عنه رسميا. ووقع انفجاران بمنطقتي الصاخور وبستان الباشا، أوقعا قتيلين، على الأقل، وعشرات الجرحى جرَّاء تضرر الأبنية السكنية المجاورة للانفجارين، كما سمع دوي انفجار قوي استهدف فرع الأمن الجنائي في حي الأشرفية أعقبته اشتباكات بين قوات الجيش النظامي ومنشقين. وهاجمت قوات الأمن والشبيحة المتظاهرين في كليتي الآداب والهندسة الميكانيكية، وقامت بإطلاق النار ومحاصرتهم داخل الحرم الجامعي.

كما تعرضت مدينتا الأتارب وإعزاز لقصف القوات النظامية، بحسب ما أفاد المتحدث باسم اتحاد تنسيقيات حلب، محمد الحلبي، الذي قال: «إن مدينة الأتارب المحاذية للحدود مع ريف إدلب تتعرض للقصف والحصار منذ 33 يوما في محاولة من النظام لإحكام الحصار على محافظة إدلب»؛ حيث تركزت في الأيام الماضية عمليات الجيش السوري. وأوضح أن إعزاز، كبرى مدن ريف حلب «تكتسب أهمية استراتيجية بسبب قربها من الحدود التركية وعبور الجرحى المدنيين والمنشقين منها» إلى هذا البلد المجاور.

وفي ريف دمشق، نفذت قوات عسكرية أمنية مشتركة حملة مداهمات في مدينة عرطوز بحثا عن مطلوبين، بحسب ما أفاد المتحدث باسم اتحاد تنسيقيات دمشق وريفها محمد الشامي. أما في محافظة إدلب (شمال غرب) فاقتحمت قوات عسكرية قرية مرعيان في جبل الزاوية وشنت حملة مداهمات بحثا عن مطلوبين، بحسب ما أعلن ناشطون في المحافظة.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان: إن قوات الأمن السورية تجوب بسيارتها شوارع مدينة الرقة وتجبر أصحاب المتاجر على إغلاقها، وأكد ناشط من المدينة للمرصد أنه شاهد قوات الأمن تعتدي بالضرب على صاحب متجر رفض إغلاق متجره كما سمعت أصوات إطلاق رصاص متقطع في المدينة وانتشرت الآليات العسكرية الثقيلة على مداخلها.. كما تواردت أنباء عن انشقاق مقدم من أبناء حوران مع 22 عنصرا بفرع الأمن السياسي بالرقة، ولكن لم يتسنَّ التأكد من دقة الخبر.

هذا ودمر منشقون جسرا قرب بلدة خربة غزالة في درعا، لمنع وصول الإمدادات العسكرية للجيش النظامي، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أفاد أيضا بأن اشتباكات عنيفة دارت في محافظة دير الزور (شرق) بين القوات النظامية ومجموعات منشقة في أحياء المدينة، بينما نفذت القوات العسكرية والأمنية حملة اعتقالات في مدينة القورية.

وأسفرت الاشتباكات عن سقوط 13 قتيلا على الأقل، وقال ناشطون إن «ثوار» دير الزور قاموا بقطع شارع الوادي بالإطارات المشتعلة، بينما شوهد تحليق للطيران الحربي فوق منطقة الجورة على ارتفاع منخفض.. وذلك وسط أنباء غير مؤكدة عن مقتل ضابط في قوات الأمن برتبة رائد في عملية استهدفت 5 جنود منشقين منضوين في الجيش الحر.. بينما قالت مصادر أخرى إن كتيبة القعقاع التابعة للجيش الحر استهدفت «باص» للشبيحة في قرية القورية، كان متجها إلى مدينة دير الزور، كما قامت الكتيبة بقطع الطريق الدولي هناك.

وأفادت وكالة الأنباء التركية (أناضول) بأن سائقا تركيا توفي أمس في حادث إطلاق نار استهدف شاحنة كان يقودها قرب مدينة إدلب بشمال سوريا في حادث هو الثاني من نوعه في غضون 4 أيام.

وأضافت الوكالة أن مصدر النيران غير معروف، لكنه وقع في منطقة تشهد اضطرابات أمنية، لافتة إلى أن السلطات السورية تحتفظ بالجثة في المدينة بانتظار تسليمها للسلطات التركية.

بالتزامن، أفاد ناشطون بأنه تم اعتقال أكثر من 10 ناشطين أمس الأحد أثناء محاولتهم التجمع للخروج في مظاهرة بقلب دمشق في ساحة الجهاد - الفحامة، بدعوة من هيئة التنسيق لقوى التغيير الوطني والديمقراطي في سوريا؛ حيث هاجمت، بحسب الناشطين، عناصر الأمن والشبيحة السورية المظاهرة، وقامت بفضها مستخدمة القوة، ومن ثم اعتقلت بعض الناشطين والموجودين في المنطقة، عرف منهم الكاتب والمترجم محمد سعيد الرصاص، عضو المكتب التنفيذي للهيئة، وصهيب الزعبي ومعن عبود. واعتقلت قوات الأمن محمد سيد رصاص، وهو زعيم في هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي.

وقال ناشطون إنه تم اعتقال الناشط السياسي فايز سارة، عضو المجلس المركزي للهيئة، ومن ثم الإفراج عنه وعن بسام الملك.

كانت هيئة التنسيق لقوى التغيير الوطني والديمقراطي في سوريا قد دعت في وقت سابق للمشاركة في مظاهرة أمس الأحد تحت شعار «كفى هدرا لدماء السوريين»، تكريما لأرواح الشهداء والجرحى، ومطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، وتمسكا بإصرار الشعب السوري على أهدافه في الحرية والكرامة.

وقدر عدد المشاركين بالمظاهرة، بحسب وكالات أجنبية، بنحو 300 شخص، رفعوا لافتات تحمل شعارات تندد بقمع النظام وتحيي الشهداء مثل: «الشعب السوري واحد»، «الله وسوريا وحرية وبس».

بدوره، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات الأمن اعتقلت قياديا في تكتل سياسي معارض أثناء مظاهرة ضمت مئات الأشخاص في العاصمة دمشق يوم الأحد، موضحا أن عناصر من «الأمن والشبيحة اعتدوا على القيادي المعارض محمد سيد رصاص وتم اعتقاله مع مجموعة من الناشطين في (هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديمقراطي)، أثناء مظاهرة ضمت المئات وطالبت بإسقاط النظام».

وقال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان: إن المحتجين كانوا يسيرون في منطقة بوسط دمشق قرب الوكالة العربية السورية للأنباء. وأضاف أنه في البداية رددوا هتافات ضد العنف، والشرطة لم تفعل شيئا، لكن بمجرد أن بدأوا يهتفون لتغيير النظام بدأ أفراد الشرطة يضربون الناس بالهراوات. وأوضح ناشطون أن مسيرة يوم الأحد تهدف إلى التذكرة بالجذور السلمية للانتفاضة السورية التي طغى عليها عدد متزايد من العمليات المسلحة التي تستهدف قوات الأمن.

من جهة أخرى، قال أحد قادة الوحدات السورية صغيرة الرتبة المتمردة لوكالة «أسوشييتد برس» الأميركية: إن مقاتلي الجيش السوري الحر يعيدون تجميع أنفسهم، متحملين بعض الهزائم على يد الجيش النظامي؛ نظرا لنقص الأسلحة والذخيرة.

وأشار الرقيب أحمد ميهبزت، وهو من القيادات الوسطى للمنشقين عن الجيش السوري، إلى أنه أحد الآلاف الذين انشقوا عن الجيش وفروا إلى تركيا، مؤكدا أن عناصر الجيش الحر تمر بمرحلة «إعادة تجميع»، ومحاولة «إيجاد أسلحة»، خاصة بعد استعادة قوات الأسد لبعض المناطق التي كان الجيش الحر يسيطر عليها بشكل أساسي، مثل بابا عمرو وإدلب.

وتابع الرقيب أن تسليح المعارضة كان يتكون في معظمه من بنادق كلاشنيكوف، وبعض قاذفات القنابل والرشاشات الثقيلة. وقال إن العثور على ذخائر في حالة جيدة مشكلة، لكنه أصر على أن المتمردين لن يتخلون عن سعيهم لإسقاط نظام الأسد.

وأكد الرقيب أنه غادر مع 20 رجلا - تبقوا من نحو 200 مقاتل - موقعهم في إدلب بعد قصف عنيف على المدينة استمر لأكثر من أسبوع، موضحا أنهم فروا تجاه الجبال تحت نيران قوات الأسد، مشيرا إلى أن أحد أسباب انسحابهم كان تجنيب المدنيين التعرض لمزيد من الضرر.