الرقة تنتفض مطالبة بـ«التدخل العسكري الفوري»

بعد عام على الثورة

TT

بقيت مدينة الرقة (شمال سوريا) حتى الأمس القريب، بعيدة عن مشهد الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فاقتصر الحراك المعارض في شوارعها خلال العام الماضي على بعض المظاهرات الصغيرة، التي لم تكن تشكل تهديدا للنظام الحاكم.

إلا أن سكان المحافظة التي تقع على الضفة الشمالية لنهر الفرات، وتزامنا مع مرور الذكرى السنوية الأولى للثورة في بلدهم، حسموا أمرهم في الانضمام للحراك الثوري ومطالبة الرئيس السوري بالرحيل. وخلال جمعة «التدخل العسكري الفوري» خرج ما يقارب الـ100 ألف متظاهر في المدينة، لتشييع أحد قتلى مظاهرات اليوم السابق. هتفوا لإسقاط النظام السوري ونددوا بممارساته الوحشية في حمص ودرعا وإدلب، الأمر الذي دفع الأمن السوري وفقا للناشطين، لفتح النار على المشيعين وقتل تسعة أشخاص وجرح المئات. وقد رصدت «تنسيقية الرقة للثورة السورية» أكثر من خمسين نقطة تظاهر في المدينة، توزعت على جامع الفواز وجامع الحمزة والعباس ودوار البتاني ومنطقة المقبرة، ومناطق أخرى من المدينة. ويعيش في مدينة الرقة، التي تبعد عن محافظة حلب 200 كيلومتر، نحو مليون نسمة يتوزعون بين عرب وأكراد.

ويؤكد عدي، أحد الناشطين المنظمين للمظاهرات في المدينة، أن «التشييع الذي تحول إلى مظاهرة كبرى يوم جمعة (التدخل العسكري الفوري) شارك فيه عرب وأكراد». ويضيف «الأمن السوري ارتبك من خروج كل هذه الأعداد في مدينة كان يعتقد أنها تحت سيطرته، فأطلق النار بشكل عشوائي وسقط تسعة شهداء والكثير من الجرحى. كما عمد الأمن إلى اختطاف الجثث من المشفى الوطني. وبعد مفاوضات مع الأهالي أعطاهم الجثث مشترطا عليهم إقامة مراسم التشييع في الصباح الباكر لتجنب الحشود الكبرى».

ويجزم الناشط بأن مظاهرة الرقة بأعدادها الكبيرة «أعادت للثورة السورية مفهوم التظاهر السلمي الذي سلب منها، بعد العنف الوحشي الذي مارسه النظام الأسدي ضد الثوار السوريين، مما دفهم للالتجاء للجيش السوري الحر وتقديم كل الدعم اللازم له».

ولا يستبعد الناشط أن «تتطور الأمور في الرقة ويضطر الناس بسبب قمع النظام إلى الدفاع عن أنفسهم واحتضان عناصر منشقة؛ كما حصل في بقية المحافظات التي بدأت الاحتجاجات فيها سلمية».

وعن القرب الجغرافي للمدينة من محافظة حلب، أكبر المدن السورية من حيث عدد السكان، وتأثير ذلك في زيادة رقعة الاحتجاجات فيها، يقول الناشط: «ريف حلب منتفض بأكمله، أما المدينة فلا يزال التجار المتحالفون مع بعض رجال الدين يؤيدون النظام مما ينعكس سلبا على الثورة». ويضيف: «قد تؤثر انتفاضة الرقة في الحراك الحلبي ولكن بشكل بسيط، وذلك من خلال النسيج المجتمعي المشترك بين المدينين، حيث تتوزع الكثير من العشائر والعائلات بين المحافظتين».

يذكر أن مدينة الرقة تضم مناطق ثائرة منذ اندلاع الانتفاضة في مارس (آذار) الماضي، كتل أبيض ومعدان وعين عيسى. ويعتمد سكانها الذين يتكلمون لهجة عربية بدوية في اقتصادهم على سد الفرات والأعمال الزراعية، كما يستفيدون من الحقول النفطية المجاورة. وتحوي المدينة متحفا تاريخيا صغيرا يسمى متحف الرقة يحوي آثارا تعود إلى العصر العباسي، ومن أهم الآثار الباقية في المدينة قصر العذارى أو قصر البنات والجامع الكبير الذي بني في القرن الثامن الميلادي. تحتوي المدينة القديمة أيضا على أضرحة عدد من رجال الدين المسلمين، منهم الصحابي عمار بن ياسر وأويس القرني.