السفير الروسي في بيروت: نزاهة الانتخابات في سوريا يمكن ضمانها بمراقبة دولية «جيدة»

قال لـ«الشرق الأوسط» إن كلام لافروف عن «حكم السنة» منطلقه الخوف على التعايش بين الطوائف السورية

TT

في أول تبرير رسمي روسي لمواقف وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قال السفير الروسي في بيروت، ألكسندر زاسبيكين، إن لافروف انطلق في كلامه من اهتمام بلاده بـ«الحفاظ على التعايش الأخوي بين كل القوميات والطوائف في الشرق الأوسط». وإذ كرر زاسبيكين في حوار مع «الشرق الأوسط» الانتقادات لـ«الأخطاء» التي ارتكبتها السلطات في «الردود غير المتكافئة على المظاهرات والتأخير في الإصلاحات»، رأى أنه «في الوقت نفسه فإن الإصلاحات التي تم تنفيذها هي خطوات إيجابية». وأشار إلى أن المهم الآن الانطلاق في العملية السياسية وموافقة المعارضة على الحوار من دون شروط مسبقة، معتبرا أن نزاهة الانتخابات يمكن ضمانها من خلال مراقبة دولية جيدة».. وفي ما يأتي نص الحوار..

* ما الموقف الروسي الحقيقي مما يجري في سوريا؟

- إن ثوابت الموقف الروسي من النزاع الداخلي السوري معروفة، وهي لا تتغير كل فترة الأحداث. وهذه الثوابت تتركز على ضرورة وقف العنف من جميع الأطراف، وتنظيم الحوار الوطني الشامل بين السلطة والمعارضة، والاتفاق حول كل الخطوات الإصلاحية في سوريا للوصول إلى النظام الديمقراطي في هذا البلد. نحن نسعى إلى تحقيق هذه الأهداف، ومساعدة المجتمع الدولي الإيجابية لبدء العملية السياسية في سوريا.

* هل نستطيع أن نتحدث عن «أزمة داخلية» في ظل ما تشكو منه المعارضة من وجود «عنف من طرف واحد» تمارسه السلطات عبر جيش قوي ومنظم؟ هل تجوز المقارنة بين العنفين؟

- بطبيعة الحال هناك الجيش النظامي السوري ولديه تفوق عسكري على المجموعات المسلحة. وفي الوقت نفسه عندما نتحدث عن وقف العنف، فيجب أن يكون من جميع الأطراف، لأنه في حال وقف العنف من قبل السلطات فسوف يؤدي ذلك إلى استيلاء المسلحين على المواقع، وهذا لن يؤدي إلى تهدئة الأمور.

* ما هي الضمانة للوصول إلى عملية سلمية في سوريا في ظل رفض المعارضة الشديد للحوار مع نظام تعتبره مجرما، وبسبب بطش هذا النظام؟

- يجب موافقة المعارضة على الحوار مع النظام من دون شروط مسبقة، أما دور المجتمع الدولي فنرى في البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن أمس تأييدا لمهمة المبعوث الدولي كوفي أنان الرامية إلى وقف العنف وبداية التسوية السياسية في سوريا. ونتمنى أن تبذل كل الأطراف الخارجية جهودها للتأثير على أطراف النزاع في سوريا للجلوس إلى طاولة المفاوضات.

* تقصد أن هناك تأثيرا سلبيا لأطراف خارجية في الملف السوري؟

- خلال كل هذه الفترة كنا ننوي تحويل الحالة من المواجهة إلى العملية السياسية. كنا نريد أن نستفيد من مبادرة جامعة الدول العربية وبعثة المراقبين، لكن تم توقيف عمل البعثة بعد فترة قصيرة من بدء عملها. ونعتبر أن هذا انعكس سلبا على التسوية السياسية. الأمر الثاني هو أننا نعتقد أن العقوبات لا تفيد، لأنها لا تؤثر على نهج النظام، بل تزيد الأعباء على الشعب. والآن عندما نسعى مجددا إلى تشغيل عملية تسوية سياسية عبر مهمة أنان، نعود ونسمع كلاما عن اتخاذ عقوبات جديدة ودعوات إلى تدخل دولي وعربي، وإجراءات مثل سحب السفراء. كل هذا لا يفيد. على كل حال، منذ الأمس لدينا الموقف المنسق في مجلس الأمن ونريد أن نعتمد عليه لتوحيد جهود المجتمع الدولي.

* وجهت روسيا انتقادات للسلطة السورية، فما الداعي إليها؟

- نحن منذ البداية كنا نتمسك بالموقف المتوازن والصريح. وعندما حدث الحراك الشعبي والمظاهرات السلمية، كنا نشير إلى أن ردود الفعل من قبل النظام على هذه المظاهرات كانت غير متكافئة. وفي الوقت نفسه، كنا نشير إلى الأعمال الاستفزازية من قبل العناصر المسلحة من قبل المسلحين في صفوف المظاهرات منذ أبريل (نيسان) في العام الماضي.

* هل ترون أن النهج الذي تتبعه السلطات في مواجهة المظاهرات وحركة الاعتراض نهج سليم؟

- نحن نرى الأخطاء، وفي نفس الوقت نرى الإجراءات المتخذة في الأشهر الماضية، مثل سن القوانين وإجراء الانتخابات البلدية والاستفتاء حول الدستور. والآن هناك انتخابات مقررة لمجلس الشعب، ونعتبر كل هذه الخطوات إيجابية.

* ترون أن الحكومة السورية تسير في خط إيجابي إذن..

- مرة أخرى أكرر أن هناك أخطاء في ردود غير متكافئة على المظاهرات وتأخير في الإصلاحات. وفي الوقت نفسه فإن الإصلاحات التي تم تنفيذها هي خطوات إيجابية.

* من يتحمل مسؤولية هذه الأخطاء والدماء التي سالت؟

- أظن أن تحديد المسؤوليات سوف يتضح في ما بعد، لأن هذا يتطلب تحقيقا في كل حادث خلال هذه الفترة. أما الآن فأهم شيء هو الاتفاق حول وقف العنف. والإجراءات الرامية إلى الحل السياسي.

* هناك حديث عن أن روسيا تخاطر بعلاقاتها العربية بسبب موقفها في الملف السوري؟

- نحن مهتمون جدا بالحفاظ على العلاقات التقليدية الحسنة مع جميع الدول العربية. في نفس الوقت، خلال التطورات التي تجري الآن، نحن نتمسك بالدرجة الأولى بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية على أوسع نطاق. ونعتبر أن المبادئ مثل سيادة الدولة واحترام حقوق الشعوب في تقرير مصيرها أهم من الاعتبارات المؤقتة في العلاقات مع أي دولة في المنطقة. ونعتقد أن هذا الأسلوب أفضل من اللعب على الاعتبارات الذاتية.

* الاعتبارات الذاتية..

- صحيح. القيم التي تتعلق بطبيعة العلاقات الدولية أهم من المصالح الاقتصادية أو العسكرية العابرة.

* وزير الخارجية الروسي تحدث بالأمس عن مخاوف من «حكم السنة» في سوريا، ما المقصود بهذا الكلام؟

- نريد أن نستبعد الخلاف الطائفي، وخلال التطورات التي تجري في المنطقة، نسعى إلى الحفاظ على التعايش الأخوي بين كل القوميات والطوائف في الشرق الأوسط. نحن في روسيا نعير الاهتمام الكبير لهذا الموضوع، لأن روسيا دولة متعددة القوميات والطوائف، ونتمنى أن لا يحصل في سوريا أو دول أخرى مشكلات بين الطوائف.

* كما أن المسيحيين هم الأكثرية في روسيا، فإن السنة هم الأكثرية في سوريا، ألا يكون حكمهم البلاد أمرا طبيعيا في أي عملية ديمقراطية؟

- نحن ننطلق من بعض المبادئ، ومن بينها أن الديمقراطية تعني احترام حقوق كل الطوائف الموجودة في هذا المجتمع، وهذا أهم شيء.

* الانغماس الروسي في الملف السوري، إلى أي حد قد يصل؟ نحن نسمع كلاما عن شحنات سلاح روسي إلى النظام وبوارج حربية تزور سوريا.. إلى أي درجة أنتم مستعدون للدفاع عن موقفكم على الأرض؟

- كل ما أذيع حول السفن، بمعنى أنها تزور موانئ سورية لتأييد النظام، فهذا غير صحيح. السفينة الأولى زارت سوريا للتزود بالطعام والوقود، والسفينة الأخرى التي مرت مؤخرا كانت للهذف نفسه، وهي تشارك بعملية ضد القراصنة في خليج عدن إلى جانب سفن الناتو والاتحاد الأوروبي. أما السلاح الروسي، فهو موجود في القوات المسلحة السورية منذ عشرات السنين. أما في ما خص الدفاع عن موقفنا، نحن نعتمد على العمل السياسي لا على الأساليب الأخرى.

* المعارضة السورية تتحدث عن دعم روسي مباشر للنظام في التدريب وعبر طائرات من دون طيار وغيرها..

- كل هذه الأقاويل هي من ضمن الحرب الإعلامية التي تجري الآن. ونحن يوميا ننفي مثل هذه الأقاويل، وهي غير صحيحة إطلاقا، مثل خبر زيارة السفن الحربية.

* كيف تقيمون الموقف اللبناني من الأزمة السورية؟

- ندرك خصوصية الوضع اللبناني في ما يتعلق بما يحدث في سوريا. ونشارك المسؤولين اللبنانيين الرأي أنه على لبنان قدر الإمكان تجنب التأثيرات السلبية من النزاع السوري. ونقيم إيجابيا الإجراءات التي تتخذها الحكومة اللبنانية وقيادة الجيش اللبناني لرعاية سيادة ووحدة لبنان. كما أننا نرى أن القوى الأساسية في لبنان متمسكة بالأمن والاستقرار في البلد، وهذا أمر جيد.

* هل لديكم معطيات عن تهريب سلاح ومقاتلين من لبنان إلى سوريا؟

- لدينا معلومات من مصادر مختلفة أن السلاح يأتي إلى سوريا من الدول المجاورة، بغض النظر عن المواقف التي تتخذها السلطات في هذه الدول وليس بقرار منها. ونعرف أن من بين الإجراءات المتخذة من قبل القيادة اللبنانية، هناك تشدد في مراقبة تهريب السلاح. ونحن واثقون أن هذا النهج سوف يستمر.

* يقال إن روسيا تعلمت من الدرسين، العراقي والليبي، وهي لا تريد أن تخسر في سوريا. فهل تسعون إلى ثمن ما مقابل التخلي عن الأسد؟

- الدروس الأساسية في ما حدث في العراق وليبيا أن على العالم يجب أن يرى النتائج المأساوية لاحتلال هاتين الدولتين. وبالتالي لا نقبل تكرار عمليات «الناتو» أو أي تدخل خارجي عسكري في سوريا وهذا موقف مبدئي لروسيا. أما الحديث حول الموقف من النظام السوري، فكان ولا يزال نفسه. بالنسبة لنا، الأولوية في سوريا هي لوقف الاقتتال، وضمان الخيار الديمقراطي للشعب السوري بما في ذلك اختيار القيادة من خلال الانتخابات النزيهة والشفافة، ولا نحدد الموقف من الرئيس السوري وقيادة سوريا، لأن هذا شأن داخلي سوري، وليس من حق أي طرف أجنبي أن يحاول فرض إرادته على السوريين.

* ومن يضمن نزاهة انتخابات مماثلة؟

- نحن الآن نسعى إلى ترتيب الحوار حول خطوات إصلاحية، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية، وهذا أحد بنود البرنامج القائم لدى السلطات السورية، ويمكن الاتفاق حوله مع المعارضة. وأن يكون الاتفاق حول المبادئ والتفاصيل. وفي ضوء الاهتمام المركز على سوريا من قبل المجتمع الدولي، يمكن تأمين مراقبة دولية جيدة، ولن تكون هناك شكوك في نتائج هذه الانتخابات. وأنا شرحت هذا الموضوع على أساس الافتراض، لأننا الآن في بداية التسوية السياسية. أما هذه الخطوات، فهي خطوات لاحقة.