المعارضة السورية بدأت اجتماعات «التوحيد» في إسطنبول وتوقع اليوم وثيقة «العهد والميثاق»

الإحباط يسيطر على أجواء المجتمعين نتيجة «تباطؤ» المجتمع الدولي في التدخل العسكري

TT

بدأ مؤتمر المعارضة السورية المنعقد تحت عنوان «توحيد الصفوف»، أعماله في الجزء الآسيوي من العاصمة التركية بعشاء رسمي أقامه «المجلس الوطني»، الذي يسعى إلى ضم أكبر قدر ممكن من المعارضين السوريين إليه، قبل نحو أسبوع على انعقاد مؤتمر أصدقاء سوريا الثاني في إسطنبول الأحد المقبل.. فيما طرحت وثيقة الإخوان المسلمين نفسها على الساحة، وقد استوحى منها المجلس الوطني معظم بنود وثيقته لجهة الإصرار على «الدولة المدنية التعددية التداولية».

ويسيطر على الاجتماع هاجسان، الأول يتعلق بمدى قبول بعض الأطراف بالتوقيع على «وثيقة» سيعرضها المجلس، قبل الوصول إلى حل لمشكلته التنظيمية. والثاني يتعلق بالإحباط الذي يسيطر على قوى المعارضة السورية نتيجة تباطؤ المجتمع الدولي في التحرك وإصراره على عدم التدخل العسكري في وقت بلغ فيه العنف من قبل النظام مستويات جنونية. وقال عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني عبد الرحمن الحاج، لـ«الشرق الأوسط»: «إن المعارضين يتساءلون عما إذا كان التوقيع على الوثيقة سيفيد في إقناع هذه الدول»، موضحا أن النقاش الأساسي أمس كان عنوانه «الفائدة من التوحيد»، ومنبها إلى أن الإحباط قد يكون سببا في عدم توقيع البعض لهذه الوثيقة.

وقال مصدر تركي رسمي لـ«الشرق الأوسط» إن أنقرة «تشجع» المعارضين السوريين على التوحد والتوجه إلى مؤتمر أصدقاء سوريا بخطاب واحد وخطة عمل مشتركة، مؤكدا أن بلاده ترى في وحدة المعارضة مدخلا إجباريا لحل الأزمة السورية، إذ لا يجوز الاستمرار في هذه الحال فيما القتل يزداد في سوريا ونزف الدم لا يقف. وشدد المصدر على أن أنقرة «ستسعى إلى حض المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته في الأزمة السورية والخروج بنتائج عملية تساهم في حل الأزمة»، مؤكدا أنها لن تقبل بفشل المؤتمر الذي تستضيفه لأصدقاء سوريا؛ لأن المجتمع الدولي في سباق مع الزمن في هذه الأزمة. وأوضح المصدر أن أنقرة تبذل كل ما لديها من جهود لحض المعارضين على توحيد وتنسيق جهودهم، مشيرا إلى أن ما تسرب عن التحضيرات لمؤتمر المعارضة «مشجع».

وعلى الرغم من أن المؤتمر لم ينطلق رسميا، فإن الاتصالات الجانبية كانت مكثفة جدا بهدف الخروج بتوافق حول وثيقة «العهد والميثاق»، التي سيطرحها المجلس على المشاركين في المؤتمر، والتي لم تتضمن في نسختها الأولية أي ذكر للتدخل العسكري الخارجي.. غير أن أعضاء في الأمانة العامة للمجلس قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن غياب هيئة التنسيق الوطنية المعارضة والمنشقين عنها عن المؤتمر سيجعل من طرح فكرة «التدخل العسكري» أكثر سهولة.

وخصص اليوم الأول من المؤتمر لاستقبال الوفود التي وصل معظمها بخلاف «هيئة التنسيق» والمعارضين عارف دليلة (رئيس المنبر الديمقراطي المنشق عن هيئة التنسيق) وفايز سارة وميشال كيلو، فيما لم يكن هيثم المالح قد وصل إسطنبول حتى مساء أمس.

وبرر بيان «هيئة التنسيق الوطنية» الغياب عن المؤتمر بوجود «كثير من التجاوزات التنظيمية والسياسية»، وعدّد بين التجاوزات «مشاركة تركيا وقطر في توجيه الدعوات»، معتبرا إياها «محاولة للقفز فوق دور جامعة الدول العربية ومصادرته لصالح شراكة متفردة ولافتة للانتباه بين قطر وتركيا».

كما أشار البيان إلى أن «الدعوة لم توجه إلى معارضة الداخل وقواها المنظمة الرئيسية والشخصيات الوطنية، واقتصرت الدعوات على عدد من الأفراد الذين اختارتهم الجهة الداعية بنفسها، متجاهلة حق أحزابهم وتياراتهم ومجموعاتهم وتحالفاتهم التي ينتمون إليها في اختيار من يمثلها إذا قررت المشاركة». واعترض بيان هيئة التنسيق على ما اعتبره «مسعى لوصاية سياسية على المعارضة السورية وحشرها مع رؤى ومصالح الجهات الداعية»، داعيا إلى «تحضير متقن ومتأن للمؤتمر، بعد إنضاج عوامل التوحيد والانسجام الفعلي بين القوى الأساسية على الأقل».

وفي المقابل أوضح عضو المكتب الإعلامي في «المجلس الوطني السوري»، محمد السرميني، أن اجتماعات مؤتمر المعارضة السورية ستنطلق من العاشرة صباحا وحتى السابعة مساء، وتختتم بمؤتمر صحافي، مشيرا إلى أن الهدف من هذا المؤتمر هو «توحيد رؤى المعارضة، ووضع الخطوط العريضة للعهد الوطني الذي يتكلم عن دولة مدنية يتساوى فيها المواطنون بغض النظر عن انتمائهم الديني والعرقي». وقال سرميني لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماعات الجانبية تظهر وجود «رغبة صادقة لدى أطراف المعارضة في الخروج برؤية موحدة تكون بديلا قادرا على بناء سوريا المستقبل»، مشيرا إلى أن المؤتمر سوف يشدد على الخروج برؤية سياسية مشتركة لسوريا المستقبل، وتقدم تصورا لسوريا الديمقراطية المتعددة، موضحا أن التركيز سيكون على أن يخرج مؤتمر أصدقاء سوريا برؤية عملية وخطوات لتحقيق مطالب الشعب السوري، ومنها التدخل العسكري.

وأكد عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني، عبد الرحمن الحاج، لـ«الشرق الأوسط»، أن «إعادة هيكلة المجلس الوطني ليست مطروحة الآن، بل المطروح إصلاح المجلس من أجل استيعاب قوى أخرى لم تنضم إليه، وإعادة قوى أخرى انسحبت منه، وضم قوى جديدة نشأت في سوريا وخارجها خلال عام من الثورة».

وإذ اعترف الحاج بوجود «إشكالية» لدى بعض قوى المعارضة في العلاقة مع المجلس الوطني، رأى في المقابل وجود توافق بين كل المعارضين مع الرؤية التي يطرحها المجلس للخروج من الأزمة. آملا ألا تنعكس هذه الإشكالية على قرار هذه المجموعات توقيع الوثيقة التي تتضمن شقين، الأول حول نظرة المعارضة لكيفية الخروج من الأزمة الحالية، والثاني تصور لسوريا المستقبل.

وأشار إلى مشكلة أخرى تتعلق بالإحباط الذي يسيطر على قوى المعارضة السورية نتيجة تباطؤ المجتمع الدولي في التحرك، وإصراره على عدم التدخل العسكري، في وقت بلغ فيه العنف من قبل النظام مستويات جنونية. وقال إن المعارضين يتساءلون عما إذا كان التوقيع على الوثيقة سيفيد في إقناع هذه الدول، موضحا أن النقاش الأساسي أمس كان عنوانه «الفائدة من التوحيد»، منبها إلى أن الإحباط قد يكون سببا في عدم توقيع البعض على هذه الوثيقة.