أوباما لميدفيديف: مهمة أنان يجب أن تتضمن رحيل الأسد.. والمطلوب حكومة شرعية في سوريا

الزعيمان اتفقا على دعم خطة المبعوث الدولي.. والرئيس الأميركي: إيران سلكت طريق الإنكار والخداع

أوباما وميدفيديف خلال لقائهما الذي استغرق 90 دقيقة (أ.ب)
TT

انطلقت أمس أعمال قمة الأمن النووي في سيول بمشاركة قادة 53 دولة من بينهم الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي أجرى لقاءات جانبية مع عدد من الزعماء المشاركين على هامش القمة.

وزار الرئيس الأميركي إحدى الجامعات الكورية والتقى لاحقا بنظيره الروسي المنتهية ولايته ديمتري ميدفيديف فيما يعتقد أنه سيكون اللقاء الأخير بينهما خاصة أن الأخير سيسلم مهامه الرئاسية قريبا إلى خلفه فلاديمير بوتين بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية. وتركزت مباحثات أوباما مع نظيره الروسي حول الأوضاع في سوريا ودعم مهمة المبعوث الدولي كوفي أنان والملف النووي الإيراني وخفض الترسانة النووية، والتوتر مع كوريا الشمالية التي تعتزم إطلاق صاروخ إلى الفضاء على الرغم من التنديد الدولي.

وافتتحت القمة رسميا مساء أمس، والتي تشارك فيها أيضا الشرطة الدولية «إنتربول» وثلاث منظمات دولية أخرى، بعشاء عمل ترأسه الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ باك.

وأشاد المنظمون في بيان «بالتقدم الملحوظ» الذي سجل منذ القمة الأولى في واشنطن في عام 2010. وكان أوباما صرح في وقت سابق أن «آلاف الكيلوغرامات من المواد النووية أزيلت من أماكن عدة في مختلف أنحاء العالم وهي مواد تشكل خطرا كبيرا لكنها في أمان الآن ولا يمكن استخدامها ضد مدينة مثل سيول».

وكانت قمة واشنطن عقدت بهدف الحؤول دون أن يقع بلوتونيوم أو يورانيوم عاليي التخصيب في أيدي إرهابيين. وقامت دول عدة من ذلك التاريخ من بينها كازاخستان والمكسيك وأوكرانيا بوضع معداتها النووية في أماكن آمنة.

وخلال لقاء أوباما ونظيره الروسي ميدفيديف اتفق الطرفان على دعم خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي أنان وانبثاق حكومة «مشروعة» في البلاد. واستغرق اللقاء بين الرئيسين 90 دقيقة في العاصمة الكورية الجنوبية. وهذا اللقاء شكل الاتصال الأخير المباشر بين أوباما وميدفيديف قبل عودة بوتين إلى الكرملين.

وفي ختام اللقاء الثنائي أدلى الزعيمان بتعليقات سادها جو من الود عندما كرر ميدفيديف دعوته إلى أوباما لزيارته في مسقط رأسه سانت بطرسبورغ، إلا أنه أشار إلى أنه يتفهم السنة الصعبة التي يمر بها الرئيس الأميركي مع قرب انطلاق سباق الانتخابات الأميركية. وبدوره تمنى أوباما حظا سعيدا لنظيره المنتهية ولايته، معلنا قبوله دعوته لزيارة سانت بطرسبورغ، وأكد «زيارتي المقبلة إلى روسيا ستكون بلا شك بعد الانتخابات».

وتطرق أوباما بشكل مقتضب أمام الصحافيين إلى الخلافات المستمرة بين البلدين حول سوريا، حليفة موسكو منذ الحقبة السوفياتية، لكن البلدين أصبحا متفقين على «دعم جهود كوفي أنان بهدف وقف حمام الدم في سوريا» كما قال موضحا إن الهدف النهائي هو قيام سلطة «مشروعة» في دمشق. وكانت روسيا والصين استخدمتا حق النقض ضد مشروعي قرار يدينان القمع في سوريا الذي أوقع أكثر من 9100 قتيل منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية قبل سنة بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. لكن موسكو وبكين صوتتا الاربعاء على بيان رئاسي في مجلس الأمن الدولي يدعم الوساطة التي يقوم بها كوفي أنان لوقف العنف ويطالب سوريا بتطبيق مقترحاته للتسوية بدون تأخير.

وتنص خطة أنان على وقف كل أشكال العنف من قبل كل الأطراف تحت إشراف الأمم المتحدة وإيصال المساعدات الإنسانية والإفراج عن الأشخاص المعتقلين تعسفيا.

وقال أوباما في اللقاء الودي إنه على الرغم من بعض الاختلافات خلال الأشهر الماضية حول الشأن السوري «إلا أننا متفقان على ضرورة دعم جهود كوفي أنان في محاولة إنهاء سفك الدماء داخل سوريا والمضي قدما نحو آلية تسمح للشعب السوري في آخر المطاف في اختيار ممثليه وحكومته الشرعية التي ستخدم مصالحه».

وبدوره أشار ميدفيديف إلى لقائه أول من أمس بأنان، وأضاف «نعتقد أن مهمة أنان جيدة جدا ونأمل أن يتمكن من تحقيق نتائج فعالة، وأن تهدأ الأوضاع هناك». وأضاف «نريد التأكد من أننا لن ننتهي بمشكلات أكبر من تلك التي نعاني منها الآن، وأن نتفادى التهديدات بحرب أهلية وأن لا تصبح حقيقة واقعة، وأن تنتهي تلك المهمة (مهمة أنان) بالحوار بين الفصائل الموجودة داخل البلاد وبين السلطات الحكومية». من جانبه، كشف بن رودس نائب مستشار الأمن القومي الأميركي للاتصالات الاستراتيجية أن أوباما شدد خلال لقائه بنظيره الروسي على أن أي عملية انتقالية في إطار مهمة أنان يجب أن تشمل مغادرة الرئيس السوري بشار الأسد للسلطة.

وأشار رودس في تعليقات أدلى بها للصحافيين على هامش القمة في سيول، إلى أن الرئيسين بحثا الخلافات بين بلديهما بشأن سوريا على مدار الأشهر القليلة الماضية، وأشارا إلى أنه يمكنهما الاتفاق على أرضية مشتركة لمهمة أنان، وأعربا عن اهتمامهما بالعمل معا للمضي قدما بطريقة تعزز مهمته.

إلى ذلك، وحول الملف النووي الإيراني، دعا الرئيس الأميركي إلى انطلاق المفاوضات بين مجموعة 5+1 (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) وبين إيران لحل الأزمة القائمة «دبلوماسيا»، وحث طهران على تنفيذ التزاماتها إزاء المجتمع الدولي. وأن تسعى لاستخدامات سلمية للطاقة النووية.

وكان أوباما قد حذر طهران في وقت سابق أمس خلال لقائه بعدد من الطلاب في جامعة هانكوك بكوريا الجنوبية من أنه لم يعد هناك وقت طويل كي تظهر الجمهورية الإسلامية حسن نيتها وأن تحل بالطرق الدبلوماسية خلافها مع الغربيين حول برنامجها النووي. وقال «لا يزال هناك وقت لحل هذا الأمر عبر الدبلوماسية، ولا أزال أفضل حل هذه المسائل بطريقة دبلوماسية» لكن «الوقت يضيق». وأضاف أوباما أن على إيران أن تتصرف بجدية، واتهمها بأنها «سلكت طريق الإنكار والخداع».

وتشتبه الدول الغربية وإسرائيل في أن إيران تسعى لامتلاك السلاح النووي تحت غطاء برنامجها النووي المدني.

وفي سياق ذي صلة، تعهد أوباما بالسعي إلى إجراء تخفيضات أكبر في الأسلحة الاستراتيجية مع روسيا، واعترف بامتلاك الولايات المتحدة رؤوسا نووية أكثر من اللازم وطرح احتمال إجراء تخفيضات جديدة في الترسانة النووية الأميركية مع سعيه لحشد تأييد زعماء العالم لاتخاذ خطوات إضافية ملموسة ضد خطر الإرهاب النووي.

وقال أوباما في كلمته أمام الطلاب الكوريين الجنوبيين «بإمكاننا أن نقول بثقة بالفعل إن لدينا أسلحة نووية أكثر مما نحتاجه»، متعهدا ببدء حملة جديدة للحد من التسلح مع الرئيس الروسي المنتخب بوتين عندما يلتقيان في مايو (أيار).

لكن أي تخفيضات إضافية ستواجه معارضة شديدة من الجمهوريين بالكونغرس الأميركي الذين يتهمونه بإضعاف الرادع النووي الأميركي في عام يشهد انتخابات الرئاسة.

ورفع أوباما سقف التوقعات في كلمة ألقاها في براغ عام 2009 عندما أعلن أن الوقت قد حان للسعي إلى إيجاد «عالم بلا أسلحة نووية»، واعترف في ذلك الوقت بأنه هدف بعيد المدى ولكن توقعاته الطموحة ساعدته في الفوز بجائزة نوبل للسلام.

وأوضح أوباما في سول أمس أنه ما زال ملتزما بهذه الفكرة وأصر على أن «هؤلاء الذين يتهكمون على رؤيتنا ويقولون إنها هدف مستحيل لن يتم بلوغه أبدا مخطئون».

وعلى الرغم من عدم وضوح أوباما بشأن كيفية تحقيق مثل هذه الرؤية على وجه الدقة فإنه قال إنه واثق من أن الولايات المتحدة وروسيا يمكنهما «مواصلة تحقيق تقدم وخفض مخزوناتنا من الأسلحة النووية»، وكانت روسيا والولايات المتحدة قد توصلتا لاتفاقية نووية تاريخية في 2010.

وقال أوباما «أعتقد بحزم أن بإمكاننا ضمان أمن الولايات المتحدة وحلفائنا والحفاظ على رادع قوي ضد أي تهديد والسعي لإجراء مزيد من التخفيضات في ترسانتنا النووية».

لكن إقناع المحافظين الأميركيين باتفاق آخر بشأن الأسلحة مع موسكو سيكون صعبا. ويقول المحافظون إن أوباما لم يتحرك بالسرعة الكافية لتحديث الترسانة الاستراتيجية الأميركية وهو الوعد الذي قطعه مقابل أصوات الجمهوريين التي ساعدت في التصديق على معاهدة ستارت النووية.