التحركات الدبلوماسية تزيد من الضغط على الأسد

تكهنات حول احتمال تقليص أصدقائه الإيرانيين دعمهم له

TT

يقول محللون إنه في الوقت الذي تدخل فيه بلاده في ما يشبه حربا أهليا طائفية، يحاول الرئيس السوري بشار الأسد إبراز نفسه كزعيم شعبي واثق من نفسه وعلى وشك الانتصار، وإنه ربما يحاول استعارة دروس مستقاة من حليفه الإقليمي الوحيد المتبقي، إيران، في كيفية مقاومة الضغوط الخارجية في وقت الأزمات. وعلى الرغم من ذلك، تضيف التحركات الدبلوماسية الدولية المكثفة، مثل الاجتماع الذي عقده أعداؤه المنقسمون في تركيا المجاورة وبعض التكهنات حول احتمالية قيام أصدقائه الإيرانيين بتقليص دعمهم له، تحديات جديدة بالنسبة للأسد، أحد أطول الحكام المستبدين بقاء في السلطة في العالم العربي. طالب السكرتير العام للأمم المتحدة يوم الأربعاء الماضي بضرورة التزام الأسد الفوري بمقترح وقف إطلاق النار المؤلف من ست نقاط والذي وافقت عليه حكومته في اليوم السابق، بينما يتهم كبير مسؤولي حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الحكومة السورية بتعذيب الأطفال. وافق المجلس الوطني السوري، وهو المنظمة الأم التي تضم السوريين المنفيين المناهضين للأسد والتي تعاني من الخلافات الداخلية، على محاولة توسيع وإعادة تنظيم نفسها لتشكيل جبهة موحدة. ربما تكون الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لإيران، عقب اجتماعه مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في مؤتمر في كوريا الجنوبية، أكثر الأخبار المثيرة للاهتمام، حيث تجمع أردوغان علاقات طيبة مع أوباما والقادة الإيرانيين. ويعد أردوغان أيضا أحد أبرز المعارضين للأسد، حيث يقف إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية، وضد إيران، في مسألة شرعية الرئيس السوري منذ أن بدأ الأسد في استخدام القسوة في قمع الانتفاضة الدائرة في سوريا منذ عام، والتي تتخذ مناحي طائفية على نحو متزايد. نفى المسؤولون أن يكون أردوغان قد حمل معه رسالة من أوباما لإيران، بينما زادت زيارة الزعيم التركي من التوقعات بأن إيران ربما تسعى لتنأى بنفسها عن الأسد، على الرغم من تأييدها العلني له. ويتمثل أحد الاحتمالات في قيام إيران بتغيير موقفها تجاه سوريا لتقديم بعض التنازلات بخصوص القضية المهمة الأخرى التي تواجه قيادتها، وهي الخلاف النووي مع الغرب. يقول بروس جنتلسون، أستاذ السياسة العامة والعلوم السياسية في جامعة ديوك والمستشار السابق في وزارة الخارجية الأميركية «يمكنك أن تتخيل اتفاقا يقول بموجبه الإيرانيون: لن ندعم الأسد في مقابل عقد صفقة حول موضوع الأسلحة النووية». ويقول رضوان زيادة، عضو المجلس الوطني السوري والمدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية في واشنطن، لقد أصبح «دعم الأسد أكثر صعوبة بالنسبة لإيران». وفي إشارة للتحركات المتزايدة بشأن الملف النووي، أعلن وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي يوم الأربعاء أن يوم الثالث عشر من أبريل (نيسان) سوف يشهد استئناف المفاوضات (التي تم تأجيلها لفترة طويلة) الخاصة بأنشطة تخصيب اليورانيوم الإيرانية المثيرة للجدل. وأضاف صالحي، الذي نقلت وكالة الأنباء الرسمية في الجمهورية الإسلامية تصريحاته، أن طهران دعمت خطة السلام الخاصة بسوريا التي وضعها كوفي أنان، المبعوث الخاص للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وقبلها الأسد رسميا يوم الثلاثاء. يذكر أن البيان الإيراني أشار إلى أن طهران قد تزيد من الضغط على الأسد للالتزام بتلك الخطة، والتي تضع إطارا لوقف إطلاق النار لا ينطوي على مغادرته للسلطة. ويقول محللون إنه من المحتمل أن يكون الأسد والقادة الإيرانيون يتبعون استراتيجية استخدمتها إيران بنجاح كبير قبل ذلك، وهي التعهد بالالتزام بالأساليب الدبلوماسية كوسيلة لكسب الوقت. وكانت هناك بعض الأدلة على أن الأسد ينتهج الاستراتيجية نفسها يوم الأربعاء، وذلك طبقا لمزاعم من قبل المعارضة السورية لم يتم التحقق من صحتها حول استمرار الهجمات العسكرية في شتى أنحاء البلاد. قال زيادة «هذا هو سبب عدم ثقتنا في قيام الأسد بتنفيذ خطة أنان». وأشار آخرون إلى أن الأسد ربما يكون مقتنعا بأنه في طريقه لتحقيق النصر، وهو الأمر الذي قد يفسر سبب قيامه بزيارة متلفزة إلى مدينة حمص المدمرة، وهي حصن للثوار، في اليوم نفسه الذي وافق فيه على مقترح عنان. يقول جوشوا لانديس، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما «ليس لدى الأسد شيء ليخسره إذا اتبع هذه الطريقة، وأنا واثق من أن إيران تشجعه على القيام بذلك. لكنني أعتقد، في الوقت نفسه، أن الأسد مؤمن بأنه الآن في مرحلة الانتهاء من هذه الأزمة».

* أسهم في كتابة هذا التقرير آلان كويل من لندن وآن برنارد من منطقة القاع في لبنان وهويدا سعد وهالة دروبي من بيروت بلبنان وآرتين أفخمي من بوسطن

* خدمة «نيويورك تايمز»