تقرير: مسلمو أميركا قادرون على حسم سباق الانتخابات في الولايات المتأرجحة

بوصلة تأييدهم تحولت إلى الديمقراطيين منذ 11 سبتمبر ويدعمون بقوة فترة ثانية لأوباما

أميركيون يدلون بأصواتهم في الانتخابات التمهيدية الجمهورية في فريدونيا بولاية ويسكونسن أمس (رويترز)
TT

اعتبر تقرير أميركي أن المسلمين في الولايات المتحدة بات لهم، مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة، دور أكبر في العملية، خصوصا في الولايات التي يكاد يتساوى فيها مؤيدو الحزبين الرئيسيين. وجاء نشر هذا التقرير الذي أصدره «معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم (اي إس بي يو)» في ولاية ميتشغان، عشية بدء الناخبين أمس الإدلاء بأصواتهم في واشنطن وولاية ماريلاند المجاورة في إطار الانتخابات التمهيدية لاختيار الخصم الجمهوري للرئيس الديمقراطي باراك أوباما في اقتراع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ويتوقع أن يعزز ميت رومني موقعه في هذه الانتخابات.

ورأى تقرير معهد «اي إس بي يو»، أن المسلمين، إذا زادوا نشاطاتهم وتعاونهم، فإنهم سيكونون قادرين على تحويل اتجاه الانتخابات في هذه الولايات، غير أن التقرير انتقد قلة اشتراك المسلمين الأميركيين في العملية السياسية.

وقال إبراهيم كوبر، المتحدث باسم «مجلس العلاقات الأميركية - الإسلامية (كير)» في واشنطن (أكبر منظمة تعنى بالدفاع عن حقوق المسلمين في الولايات المتحدة)، إن المجلس لا يتدخل في طريقة تصويت المسلمين، لكنه يركز على تسجيل المسلمين وتشجيعهم على التصويت. وأضاف كوبر لـ«الشرق الأوسط» أنه يتفق مع التقرير حول أهمية مزيد من المشاركة الإسلامية في العملية السياسية الأميركية.

وكانت تقارير سابقة توصلت إلى الحقيقة نفسها، مثل «مركز المسلمين في الميدان العام (إم إيه بي إس)»، و«مركز استطلاعات الرأي الأميركي المسلم (إم أي بي أو إس)»، ومركز «بيو» لاستطلاعات الرأي. وقال تقرير مركز «اي إس بي يو» إن الأميركيين المسلمين، بصورة عامة، كانوا «في مفترق الطرق» حول انتماءاتهم السياسية عندما وقعت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وإنهم، بعد ذلك، بدأوا يبتعدون عن الحزب الجمهوري بسبب سياسات الرئيس السابق جورج بوش الابن الذي أعلن الحرب ضد الإرهاب وقرر غزو أفغانستان ثم العراق. لكنهم في انتخابات الرئاسة التي جرت عام 2004، وأعيد فيها انتخاب بوش الابن لفترة ثانية، صوتت نسبة كبيرة منهم للمرشح الديمقراطي السناتور جون كيري، وكانت غالبية هؤلاء من منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا.

وتعزز التحول نحو الحزب الديمقراطي عندما صوتت أغلبية ساحقة لباراك أوباما في انتخابات الرئاسة عام 2008. وقال التقرير: «على الرغم من بعض خيبات الأمل، فإن المسلمين يؤيدون (أوباما) بقوة خلال فترة ولايته الحالية. ويظل أوباما يحافظ على أعلى تأييد وسط المسلمين الأميركيين مقارنة مع عامة الناس». وتابع: «منذ هجمات 11 سبتمبر، يواجه المسلمون الأميركيون زيادة في التمييز، وجرائم الكراهية». وفي 2009، اعتبر 60 في المائة من الأميركيين أن المسلمين يواجهون «كثيرا من التمييز». في الجانب الآخر، حفزت زيادة العداء، مقرونة بالخوف من الإسلام (إسلاموفوبيا) المجتمع المسلم لتعبئة أعضائه، وليصبح أكثر نشاطا سياسيا.

وحسب استفتاء أجراه المعهد، يهتم المسلمون الأميركيون بالسياسة أكثر من غيرهم من قطاعات الشعب الأميركي، ويتابعون باهتمام ما يحدث داخل وخارج الولايات المتحدة. ورأى التقرير أن الغالبية العظمى (95 في المائة) من المسلمين الأميركيين يريدون المشاركة في العملية السياسية.

غير أن استفتاء مركز «بيو» أوضح أن 66 في المائة من المواطنين المسلمين البالغين فقط هم المسجلون للتصويت.

وقال تقرير «اي إس بي يو»: «خلافا لاعتقاد الرأي العام الأميركي، لا يرى معظم المسلمين الأميركيين تعارضا بين دينهم وكونهم أميركيين ويعيشون في مجتمع حديث. غالبيتهم يشعرون بأنهم مسلمون أميركيون، وعدد كبير من المهاجرين وأبنائهم، يرون أنهم مطالبون بالاندماج في الثقافة الأميركية وأن يصبحوا جزءا من التيار الرئيسي الأميركي».

وعلاوة على ذلك، يدعم التقرير فكرة أن المساجد، مثل الكنائس والمعابد اليهودية، ترتبط بمستوى أعلى من المشاركة المدنية، وأن نسبة خمسين في المائة من المسلمين الأميركيين المشتركين في الأنشطة المدنية (مثل المنظمات الخيرية، والبرامج المدرسية، ونشاطات الشباب) يرتادون المساجد أو لهم صلات قوية بها.

وقال إبراهيم كوبر لـ«الشرق الأوسط»: «ضروري أن يشارك المسلمون الأميركيون في العملية الديمقراطية ببلادنا. هناك العديد من الطرق للقيام بذلك. وواحد من أبسط هذه الطرق وأكثرها أهمية، التصويت في الانتخابات الفيدرالية والمحلية». وأضاف: «مشاركة المجتمع المدني، لا سيما التصويت، حق مشروع ومطلوب للمواطن الأميركي».

وقال إنه يتفق مع ما جاء في التقرير بأنه، على عكس الاعتقاد الأميركي العام، يستطيع المسلمون الجمع بين دينهم وأميركيتهم. وأضاف: «رسالة الإسلام شاملة، وتشمل جميع جوانب الحياة. وهذا ضد التقاعس عن العمل السياسي والاجتماعي، أو السخرية منه». ورأى أيضا أن مشاركة المسلمين في الشؤون العامة تقوي المجتمع، وتعمق المشاركة مع الآخرين نحو الحد من الفقر، وتقديم الرعاية الطبية، وضمان الحريات المدنية، إضافة، إلى أنها تعكس، كما قال، الصورة الطيبة للمسلمين، مثل التدين، ورعاية العائلة، والتعاون مع الآخرين، وحسن السلوك.