دبابات الأسد تواصل قصف المدن مع تآكل «مهلة أنان»

عشرات القتلى بعد إطلاق قوات الأمن النيران لتفريق الآلاف من المتظاهرين

سوريون يقومون بدفن ضحايا المجازر جماعيا في تفتناز بسوريا (أ.ب)
TT

في الوقت الذي لبت فيه مناطق سورية عدة، أمس، دعوة المعارضة السورية للتظاهر في جمعة «من جهز غازيا فقد غزا»، رغم الانتشار الأمني الكثيف وحصار قوات الأمن للمساجد، للمطالبة بتسليح «الجيش السوري الحر»، سابقت القوات النظامية الزمن قبل انتهاء المهلة التي أعلنها مجلس الأمن أول من أمس لتنفيذ خطة المبعوث الأممي والعربي كوفي أنان، والتي تنتهي في الساعة 6 من صباح يوم 10 أبريل (نيسان) الحالي.

واشتبكت قوات سورية تدعمها الدبابات مع مقاتلي المعارضة أمس، وأكد ناشطون إطلاق دبابات سورية النار على ثلاث مناطق على الأقل في بلدة دوما القريبة من العاصمة دمشق، ومدينة حمص المضطربة والرستن إلى الشمال من حمص.

وقال ناشط، إن «الدبابات دخلت دوما الليلة الماضية (مساء الخميس) ثم غادرت. واليوم (الجمعة) في السابعة صباحا عادت من جديد.. تتعرض دوما للقصف منذ الصباح. لسنا متأكدين من سقوط قتلى، لكن القصف لم يتوقف»، كما أضاف «على الأقل دخلت دوما خمس دبابات وعشر حافلات محملة برجال الأمن والشبيحة الموالين للأسد».

وفي الرستن قال ناشط آخر: «الدبابات بدأت تتقدم في الصباح، ثم خرج مقاتلون من الجيش الحر وتصدوا لها.. ومنعوا تقدم الدبابات وغادر جيش الأسد. ثم بدأت المدفعية».

من جهة أخرى، خرجت مظاهرات حاشدة أمس في مختلف المدن السورية، على غرار ما يحصل منذ أكثر من عام عقب صلاة يوم الجمعة في كل أسبوع، وهتف المشاركون فيها للمدن السورية المنكوبة والمحاصرة من قبل قوات الأمن السورية، مطالبين بتسليح «الجيش السوري الحر».

وقالت المعارضة السورية، إن عشرات الآلاف من المواطنين لبوا أمس الدعوة للتظاهر، في مختلف المناطق السورية، وتحديدا في درعا ودمشق وحلب وحمص وحماه وإدلب ودير الزور والقامشلي، في حين نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن قوله، إن «أعداد المتظاهرين تفاوتت من منطقة إلى أخرى، بحسب الانتشار الأمني والعمليات العسكرية».

ولم يحل تصعيد النظام السوري، وفق ما أعلنه ناشطون سوريون، لوتيرة عملياتها العسكرية في الأيام الأخيرة، دون خروج أعداد كبيرة من المواطنين للتظاهر، حتى في أكثر المناطق السورية سخونة. وأفادت «لجان التنسيق المحلية» في سوريا، التي وثقت مقتل أكثر من ثلاثين شخصا ظهر أمس، في تقاريرها المتتالية، بأن مظاهرات حاشدة خرجت أمس في إدلب، وتحديدا في منطقة جسر الشغور «هتفت للمدن المنكوبة وطالبت بإسقاط النظام المجرم». وشهدت مناطق ريف إدلب، وفق ما أظهرته مقاطع فيديو بثها ناشطون على موقع «يوتيوب» وصفحات المعارضة السورية، خروج مظاهرات عدة تضامنا مع المناطق التي تشهد عمليات عسكرية. ووزع المكتب الإعلامي لمجلس قيادة الثورة في إدلب مقاطع فيديو تظهر آثار الدمار والخراب في تفتناز وكللي وحزانو في ريف إدلب، كما عرضوا مقاطع تظهر استمرار وجود الدبابات العسكرية في مناطق الريف.

وفي درعا، أكد ناشطون، أن المحافظة شهدت خروج مظاهرات أكبر من تلك التي خرجت الأسبوع الماضي. ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن عضو تنسيقيات حوران لؤي رشدان قوله، إن «ازدياد حدة العمليات العسكرية التي ينفذها جيش الأسد، وغضب السكان من عدم تسليم القوى الأمنية جثث القتلى إلى ذويهم، واعتماد النظام سياسة حرق المنازل، ولدت غضبا شعبيا كبيرا في المحافظة».

وقال إن «آلاف المتظاهرين خرجوا في بصر الحرير»، مشيرا إلى أن «قوات الأمن هاجمت المتظاهرين واعتقلت عددا منهم في النعية وأنخل ودرعا المحطة».

وأشارت «لجان التنسيق المحلية» إلى أن «خروج مظاهرة حاشدة في خربة غزالة هتفت للمدن المنكوبة وطالبت بإسقاط النظام المجرم»، كما انطلقت مظاهرات حاشدة من مساجد بلدة اليادودة وفي الغارية الشرقية، وفي مدن أبطع والحارة، طالب المشاركون فيها «بإسقاط النظام المجرم» و«دعم تسليح الجيش الحر».

أما في حمص، فقد واصلت قوات الأمن السورية، وفق ما أعلنه ناشطون أمس، قصف أحياء عدة في المدينة، حيث أفيد ظهرا عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل (عرف منهم جهاد حسون وعبد الإله دربي من حي البياضة، محمد إبراهيم ومحمود سليمان من حي دير بعلبة، علي الأجعة من حي القصور، و3 جثث مجهولة الهوية). وفي الحولة، سقط عدد من الجرحى والقتلى في بلدة كفرلاها، إثر سقوط قذيفة صاروخية على مسجد الفاروق. وذكرت لجان التنسيق المحلية أن «سيدة قتلت على الأقل وأصيبت ثلاث بجراح بالغة في إطلاق نار عشوائي من قبل الشبيحة على مجموعة نسوة كن يعملن في الأراضي الزراعية». وفي الرستن، استهدف قصف مدفعي عنيف المدينة، في ظل تمركز حشود عسكرية على مدخلها الشرقي.

وفي حماه، خرجت مظاهرات حاشدة في أحياء جنوب الملعب والقصور والشيخ عنبر والحميدية، وكذلك في كفرزيتا، طالبت بإسقاط النظام وتسليح «الجيش السوري الحر»، تضامنا مع المدن المحاصرة، وواجهتها قوات الأمن بإطلاق النار. وقال ناشطون، إن «قوات الأمن نفذت انتشارا أمنيا كثيفا في ساحة العاصي وشارع العلمين وجسر العبيسي».

وفي مشاع منطقة وادي الجوز، الواقعة في حي طريق حلب، أفادت «لجان التنسيق» بمقتل ناشط يدعى مجد الطرن ووالدته «ذبحا على أيدي قوات الأمن أثناء محاولتهم اعتقاله ورفض أمه تسليمه لهم». وأشارت إلى أن «قوات الأمن نفذت حملة مداهمات للمنازل وتكسير للمحلات في المنطقة، إضافة إلى حرق قرابة 6 منازل، تزامنا مع خروج الكثير من المظاهرات التي طالبت بإسقاط النظام».

وفي كفر نبودة في ريف حماه، أظهر مقطع فيديو بث على الإنترنت متظاهرين يقفون خلف قضبان ويرفعون لافتات كتب عليها: «إذا أراد السيد أنان كشف كذب النظام السوري فليأت إلى كفر نبودة»، في إشارة منهم إلى عدم التزام النظام السوري بوقف العنف وفق خطة المبعوث الأممي كوفي أنان. وبدا المتظاهرون وهم يهتفون: «اسأل مسيحيين وإسلام.. الشعب يريد إعدامك بشار».

وفي حلب، وثق ناشطون خروج قرابة ثلاثين مظاهرة في أحياء عدة من المدينة، لا سيما أحياء صلاح الدين وسيف الدولة والمرجة ومساكن هنانو وبستان القصر والسكري والميسر والصاخور والشعار، إلا أن المظاهرة الأكبر سجلت في حي القصور. وردد المتظاهرون هتافات «الشعب يريد تسليح الجيش الحر»، و«ما رح نركع لو جبت الدبابة والمدفع». كما خرجت في مدن تعرضت للقصف، منها تل رفعت وحريتان وحيان في ريف حلب، حيث هتف المتظاهرون «خاين خاين الجيش السوري خاين».

وأشارت لجان التنسيق المحلية إلى خروج مظاهرات حاشدة في صوران ودابق ومارع، مشيرة إلى أن قوات الأمن هاجمت مظاهرة في حي مساكن هنانو وعملت على تفريق المتظاهرين واعتقال عدد منهم.

وفي ريف دمشق، أفاد «مجلس قيادة الثورة» بوجود «اقتحامات ومداهمات ليلية في عربين وحرستا وزملكا، إضافة إلى اقتحام مدينة دوما لليوم الثاني على التوالي ومحاصرتها بالكامل، حيث تحولت إلى ثكنة عسكرية». وذكر أن قوات الأمن «منعت التجول، في ظل انتشار للقناصة الذين صوبوا رصاصهم القاتل بشكل مباشر على أي شخص يتحرك»، متحدثا عن توثيق مقتل امرأة في منزلها ووقوع الكثير من الإصابات، التي لم يستطع أحد إسعافها إلى المستشفيات.

واقتحمت قوات الأمن صباح أمس مدينة الضمير، بالتزامن مع إطلاق نار كثيف. وأفادت «لجان التنسيق» بتعرض المدينة لقصف عنيف، وتحديدا حارة البلد ومحيط مسجدي الشيخ محمود والنشاوي. وتعرضت الأحياء المدنية عند حي الساحة وجانب الحصن لقصف بالهاون.

ولم يمنع الانتشار الأمني الكثيف أمس أهالي عربين وحرستا وعين منين والمليحة وداريا وعرطوز وقارة والزبداني من الخروج في مظاهرات بعد صلاة الجمعة، مطالبين بفك الحصار عن عدد من المدن المنكوبة ومعلنين تأييدهم لتسليح «الجيش الحر».

وفي العاصمة دمشق، قال ناشطون، إنه تم «سماع أصوات إطلاق رصاص كثيف من أحياء الميدان، وكفر سوسة، والقدم، ونهر عيشة». وانطلقت مظاهرة حاشدة في حي القابون، هتف المشاركون فيها مطالبين بإسقاط النظام. ونفذت قوات الأمن «حملة مداهمات واعتقالات في حيي العسالي وجورة الشريباتي عقب خروج مظاهرات فيهما».

وفي حين خرجت مظاهرة حاشدة في حي المطار القديم في دير الزور، على الرغم من التشديد الأمني، أشارت «لجان التنسيق» إلى خروج مظاهرة في الصليبة في اللاذقية، داخل جامع الجديد، حيث تعالى التكبير والهتافات المطالبة بدعم «الجيش الحر» وإسقاط النظام. وأفيد عن «اعتقال عدد من المصلين من أمام جامع الشريعة من قبل الشرطة العسكرية بعد أن أوسعوهم ضربا». وفي مخيم الرمل الجنوبي، خرجت مظاهرة من داخل جامع المهاجرين، الذي حاصرته قوات الأمن وعناصر من الشبيحة.