تركيا تدعو إلى تدخل دولي للمساعدة في استيعاب تدفق اللاجئين السوريين

يتحدون الألغام للوصول إلى ملاذ آمن.. وقالوا إن الأسد يستغل المهلة الدولية ليوقف هروبهم

نشطاء سوريون يدرسون خريطة الطريق إلى تركيا
TT

بينما قال نشطاء من المنشقين السوريين ومسؤول تركي أمس، إن القوات السورية تواصل الهجوم العسكري وتزرع الألغام قرب الحدود مع تركيا، في محاولة لمنع تدفق اللاجئين والإمدادات للمنشقين. دعت تركيا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، أمس، إلى تكثيف جهودهما لمساعدة اللاجئين السوريين، بعد تدفق أعداد قياسية منهم عبر الحدود خلال أقل من يومين.

وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، في تصريحات تلفزيونية، «لم ندخر جهدا في استيعاب السوريين الفارين من العنف في وطنهم، ولكن إذا استمروا في الوصول بهذه الوتيرة، فنحتاج إلى تدخل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي».

وعبر نحو 2800 لاجئ سوري الحدود التركية خلال فترة 36 ساعة فرارا من هجوم شنته القوات السورية المدعومة بالمروحيات، بحسب ما صرح الوزير للصحافيين. وبهذا، يرتفع عدد اللاجئين السوريين الموجودين على الأراضي التركية إلى 23.835 شخصا، بحسب الإحصاءات الرسمية التركية، منذ بدء الأزمة السورية.

وفي أعقاب التدفق الهائل للاجئين، اتصل داود أوغلو بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، صباح أمس الجمعة، يطلب منه إرسال مسؤولين لمراقبة الوضع على الأرض. وقال أوغلو: «أخبرته بأن وتيرة تدفق اللاجئين تضاعفت بعد أن قال (الرئيس السوري) بشار الأسد إنه سيطبق خطة (مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية) كوفي أنان» بشأن سوريا.

وأضاف أوغلو: «إن على من يعطونه (الأسد) وقتا أن يعلموا أن عدد السوريين الفارين يتزايد، وأن هذا يتحول إلى مشكلة دولية».. ودعا أوغلو بان كي مون إلى إرسال ممثلين ليطلعوا بشكل مباشر على الأزمة الإنسانية المتفاقمة على الحدود التركية - السورية، في الوقت الذي يتزايد فيه عدد اللاجئين القادمين من سوريا.

وأبلغ داود أوغلو المسؤول الأممي قائلا «يشن الجيش السوري عمليات عسكرية بالمروحيات بالقرب من الحدود التركية، كما عبر أكثر من 2500 سوري إلى تركيا خلال الـ24 ساعة الماضية». وأضاف متحدث باسم الخارجية التركية أن «الأمين العام قال إنه أبلغ أمانة الأمم المتحدة وممثلي المفوضية العليا لشؤون اللاجئين على الحدود بأن يتابعوا بشكل مباشر تطورات الوضع».

وقال المتحدث «نقوم بجمع بيانات عن عدد اللاجئين الذين وصلوا الليلة الماضية، ولكن نتوقع أن يصل عددهم الإجمالي إلى نحو 24 ألفا». وذكر أن القادمين الجدد عبروا الحدود في منطقة ريهانلي القريبة من الحدود السورية، حيث يعتقد أنها تشهد عمليات عسكرية.

وتصاعد القتال في سوريا رغم قبول النظام السوري بسحب قواته من المدن المضطربة بحلول العاشر من أبريل (نيسان)، في إطار خطة لوقف العنف في سوريا تمت بوساطة أنان.

ويشن الجيش السوري، تدعمه المروحيات، عمليات في المناطق الحدودية، مما يدفع بمزيد من اللاجئين إلى تركيا، بحسب ما أفاد به مصدر دبلوماسي وكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق.

من جهة أخرى، قال نشطاء من المنشقين السوريين ومسؤول تركي أمس، إن القوات السورية تواصل الهجوم العسكري وتزرع الألغام قرب الحدود مع تركيا، في محاولة لمنع تدفق اللاجئين والإمدادات للمنشقين.

ويأتي نشاط الجيش السوري، الذي يمكن رؤيته عبر بساتين الزيتون من قرية بوكولميج الصغيرة على الحدود التركية، قبل أيام من انتهاء مهلة لوقف إطلاق النار، التي وافق عليها الرئيس السوري بشار الأسد.

وقال أحمد الشيخ وهو طالب في كلية الحقوق وناشط «أصبحت إدلب الشمالية كلها بابا عمرو أخرى»، في إشارة إلى الحي الواقع بمدينة حمص الذي دمره القصف في الشهرين الماضيين.

ومن المستحيل التحقق من التقارير الواردة من الكثير من اللاجئين الفارين من سوريا، حيث تفرض حكومة دمشق قيودا صارمة على دخول المراسلين الأجانب. وأمكن رؤية طائرة هليكوبتر بوضوح وهي تحلق فوق الجبال على الجانب السوري من الحدود.. وقال صحافي خبير بالمنطقة يعمل بوكالة «رويترز»، إنها المرة الأولى منذ بداية الأزمة التي يتبين له فيها تحليق طائرات سورية على مقربة من تركيا.

وأورد سكان القرية تقارير عن سماع دوي المدفعية على طول الحدود.

وقال مسؤول بوزارة الخارجية التركية أثناء قيامه بجولة في مخيمات المنطقة، إن هناك نشاطا جديدا على مقربة من الحدود. وأضاف المسؤول، الذي رفض نشر ذكر اسمه، أن «السوريين يزرعون الألغام على الحدود، وخصوصا الجزء الجنوبي من إدلب، مما يحد من تدفق اللاجئين». بينما قال نشطاء إن زرع الألغام يتركز على الأجزاء الجنوبية من الحدود التركية مع سوريا من بلدة حارم غربا باتجاه الساحل.

وقال ناشط حقوقي من إدلب يدعى محمد عبد الله، إن «الأسد يستغل الأيام الممنوحة له من قبل المجتمع الدولي ليوقف تدفق اللاجئين إلى تركيا وتوصيل أي نوع من المساعدات».

وأضاف أن مساحة كبيرة من المنطقة الحدودية من ساحل البحر المتوسط أغلقت، بينما لا يدع سوى ممر بطول عشرة كيلومترات على امتداد واد قرب الريحانية يسيطر عليه الجيش السوري الحر.. وتابع: «لكنني لا أتوقع استمرار هذا طويلا، لأننا نرى قرى وبلدات قريبة تتعرض لقصف مكثف من طائرات الهليكوبتر والدبابات والمدفعية».. يأتي ذلك بينما لا يزال اللاجئون يتدفقون على الحدود.

ويمثل تدفق اللاجئين مبعث قلق بالغ لتركيا التي كانت تعتبر دمشق حليفا إقليميا، لكنها الآن في طليعة المعارضة الدبلوماسية للأسد وتوفر الملاذ للمدنيين وقوات الجيش المنشقة عنه. وتخشى تركيا من أن يؤدي انهيار كامل في سوريا إلى تفجير موجة من اللاجئين مشابهة للموجة التي تدفق خلالها نصف مليون شخص على الأراضي التركية قادمين من العراق خلال حرب الخليج في أوائل التسعينات.

ويشير مسؤولون في أنقرة إلى مثل هذا التطور باعتباره أحد الأشياء القليلة التي قد تجعلها تفكر في إقامة منطقة آمنة على الجانب السوري. وسوف يجعل وجود قوات سورية على مسافة قريبة على هذا النحو هذه الخطوة محفوفة بالمخاطر.