مبيكي يبحث مع البشير سبل احتواء التوتر بين الخرطوم وجوبا واستئناف المفاوضات

سلفا كير يصف جهات في الخرطوم بالحالمة في احتلال بلاده مرة أخرى

الرئيس السوداني عمر البشير وثابو مبيكي
TT

وصل ثابو مبيكي، رئيس جنوب أفريقيا السابق رئيس الوساطة الأفريقية في المحادثات بين السودان وجنوب السودان، أمس، إلى الخرطوم؛ حيث التقى الرئيس السوداني عمر البشير لبحث السبل الكفيلة لاحتواء التوتر بين البلدين، والوصول إلى اتفاق لوقف العدائيات، والبدء في معالجة القضايا العالقة بين البلدين. حضر اللقاء الرئيس البوروندي السابق بيار بويويا، العضو في الوساطة الأفريقية، وإدريس عبد القادر، وزير الدولة في رئاسة الجمهورية رئيس وفد السودان في مفاوضات أديس أبابا بين دولتي السودان وجنوب السودان حول القضايا العالقة.

من جهته، قال سلفا كير ميارديت، رئيس دولة جنوب السودان، إن جهات في الخرطوم تعتقد أنها يمكن أن تحتل الجنوب بمواصلة الهجوم العسكري على بلاده، ووصفها بأنهم حالمون، مشددا على أن بلاده ستعمل على حل المشكلات مع الحكومة السودانية، في وقت دعت جوبا دول الإيقاد (المنظمة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا) للعمل سويا مع الاتحاد الأفريقي بتقوية المفاوضات الجارية بينها وبين الخرطوم لحل القضايا العالقة.

وقال سلفا كير، في كلمة له أمام موظفي وعمال القصر الرئاسي ووجهها لمواطنيه بمناسبة عيد الفصح، أمس: على شعب جنوب السودان أن يحتفل بالأعياد بسلام. ودعاهم إلى ألا يقلقوا من المشاكل الجارية بين بلاده والسودان، التي أدت إلى مواجهات عسكرية في حدود البلدين، وفشل وفديهما في التوقيع على اتفاق الأربعاء الماضي لوقف العدائيات وإنهاء الاشتباكات الحدودية. وقال: «على الرغم من كل المشاكل المستمرة بين الخرطوم وجنوب السودان سيتم الخروج منها قريبا، وينبغي ألا يقلق أي أحد من ذلك». وتابع: «هناك في الخرطوم من يعتقدون أن الهجوم العسكري يمكن أن يؤدي إلى احتلال جنوب السودان، لكنهم يحلمون».

من جانبه، قال الدكتور برنابا مريال بنجامين، وزير الإعلام في جنوب السودان، لـ«الشرق الأوسط»: إن جوبا اقترحت أن تدخل مجموعة دول الإيقاد في المفاوضات الجارية بين السودان وجنوب السودان الذي ترعاه الآلية الرفيعة التابعة للاتحاد الأفريقي. وأضاف: «إن الغرض من المقترح تقوية الوساطة وليس تبديلها، لا سيما أن (الإيقاد) كانت وراء اتفاقية السلام الشامل التي تم توقيعها في 9 يناير (كانون الثاني) 2005. إن (إيقاد) لديها خبرة في الشأن السوداني».

وقال بنجامين إن رئيسه سلفا كير بعثه برسالة خاصة إلى رئيسي كينيا وأوغندا حول تطورات الأوضاع بين جوبا والخرطوم، مشيرا إلى أن البلدين وعدا بأنهما سيعملان على إقناع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لإيقاف القصف الجوي المستمر من السودان على بلاده، وقال إن قيادتي البلدين في نيروبي وكمبالا أكدتا أنهما ستعملان من موقعهما في منظومة «الإيقاد» على حث الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لوقف القصف الجوي من قبل القوات المسلحة السودانية وحل النزاع بين جوبا والخرطوم. وأضاف: «نحن لا نسعى إلى تغيير منبر الاتحاد الأفريقي، بل على تقويته عبر (الإيقاد) والمجتمع الدولي حتى يتم التوصل إلى اتفاق سلام مع السودان ووضع حد للنزاعات في الحدود».

من جهته، قال العبيد أحمد مروح، المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية السودانية، لـ«الشرق الأوسط» أمس: «إن السودان ما زال متمسكا في ما يتعلق بالمفاوضات حول القضايا العالقة مع دولة جنوب السودان بالآلية الأفريقية التابعة للاتحاد الأفريقي، التي يترأسها ثابو مبيكي، رئيس جنوب أفريقيا السابق، وإنه ليس من الحكمة تغيير منبر التفاوض في هذه المرحلة من المفاوضات».

وأضاف مروح: «إن اقتراح جوبا بتدخل مجموعة دول (الإيقاد) في المفاوضات الجارية بين البلدين لن يدعم جهود الوساطة الأفريقية بقدر ما يحدث من إرباك وبلبلة؛ لذلك فمن الضروري أن تتضافر الجهود الأفريقية وغيرها في دعم جهود الآلية الأفريقية لإنجاح وساطتها في معالجة القضايا العالقة بين البلدين».

من جهة أخرى، قال فيليب أغوير، المتحدث باسم جيش جنوب السودان، لـ«الشرق الأوسط» إن قواته كشفت عن أنبوب نفطي يعبر حدود بلاده من ولاية الوحدة الغنية بالنفط إلى السودان ليصب في حقل هجليج عند وحدة المعالجة. وأضاف: «هذه سرقة، وكل يوم نكتشف أن الخرطوم تقوم بنهبنا، وهذا الأنبوب غير قانوني». وقال إن اكتشاف الأنبوب تم عندما كانت القوات تحفر خنادق في تلك الناحية، مشيرا إلى أن قوات الجيش الشعبي استولت على حفارتين كانت تستخدمهما إحدى الشركات العاملة في مجال النفط.

وفي جنيف، نددت نافي بيلاي، مفوضة الأمم المتحدة العليا لحقوق الإنسان، بشدة، بتصريحات أحمد هارون، والي ولاية جنوب كردفان، التي «يمكن أن تؤدي إلى تصعيد العنف» في المنطقة.

وأعلنت بيلاي، في بيان صدر عن المفوضية العليا، أنه تم التقاط تسجيل فيديو لهارون «الذي تتهمه المحكمة الجنائية بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية»، وهو يأمر جنودا سودانيين بعدم إحضار أسرى أحياء (من المتمردين)، إلا أن حكومة ولاية جنوب كردفان أكدت أنه تم تحوير أقوال هارون وأنه كان يحاول رفع معنويات الجنود الذين يحاربون متمردين في المنطقة.

وأضافت بيلاي: «ليس لدينا سوى معلومات محدودة حول حجم العمليات العسكرية في جنوب كردفان؛ لأننا لا يمكننا الوصول إلى المنطقة». وتابعت: «لاحظنا في أغسطس (آب) الماضي حصول انتهاكات لحقوق الإنسان يمكن أن ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب في جنوب كردفان».

وأشار تقرير إلى «عمليات قتل دون محاكمة وتوقيف تعسفي واختفاء قسري وهجمات ضد مدنيين وتدمير مساكن»، بالإضافة إلى نزوح كبير للسكان.

وشددت بيلاي على «ضرورة القيام بتحقيق مستقل وموضوعي حول هذه الادعاءات وأن تضمن الحكومة الإقليمية حرية وصول مراقبين مدافعين عن حقوق الإنسان والوكالات الإنسانية».

من جهة أخرى، قال الفريق عبد الرحمن سر الختم، سفير السودان في أديس أبابا: إن وفد الخرطوم المفاوض سيعود إلى إثيوبيا لاستئناف التفاوض خلال 10 أيام، ونفى مزاعم الجنوب بانسحاب الوفد. وقال سر الختم، في تصريحات صحافية: إن ذلك لا أساس له من الصحة. وقدم السفير تنويرا لهيلا مريام دسالي، وزير الخارجية الإثيوبية، عن آخر تطورات المفاوضات بين السودان وجنوب السودان. وقال إن وفد السودان لم ينسحب وإنما طلب من الوساطة مهلة للتشاور مع القيادة في الخرطوم، جاء ذلك ردا على وصف باقان أموم، رئيس وفد جنوب السودان للمفاوضات، طلب الوفد السوداني لمزيد من التشاور بالانسحاب.

من جهته، قال أرنو لودي، المتحدث باسم الحركة الشعبية في شمال السودان، لـ«الشرق الأوسط» إن تصريحات هارون التي بثتها قناة «الجزيرة» تؤكد للعالم أنه مستهتر بقيم الإنسان وحقه في الحياة. وأضاف: «ليس من الضروري أن يعرف الناس من الذي سلم الشريط إلى القناة وكيف تم التسليم، الأهم هو أن العالم كله شاهد على تصريحات هارون، التي أكد فيها أنه مرتكب الجرائم ضد الإنسانية في دارفور». ودعا لودي المجتمع الدولي إلى التحرك بسرعة «لاعتقال المجرمين الذين ارتكبوا جرائم إبادة وما زالوا يواصلون جرائمهم».