الخطوات المقبلة بعد انتهاء مهلة أنان.. بين مجلس الأمن والجنائية الدولية

اجتماع دول الثماني في واشنطن يركز على الملف السوري

TT

يرفض مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان الإدلاء بأي تصريحات حول الخطوات المحتملة في حال واصلت الحكومة السورية رفضها الالتزام بمطالب مجلس الأمن والجامعة العربية بسحب الآليات العسكرية من المدن السورية واستهداف المدنيين. وأنان، والفريق الذي يعمل معه، حريص على عدم «استباق الأحداث» في تحديد الخطوات المقبلة التي يمكن اتخاذها في حال فشلت الحكومة السورية في الالتزام بوقف إطلاق النار، إلا أن نافذة الوقت بدأت تتراجع إذ تنتهي المهلة المحددة لتنفيذ الهدنة يوم غد.

وبينما ناشد أنان المجتمع الدولي أمس لإعطاء مهمته المزيد من الوقت، تدور تساؤلات حول الخطوات الممكنة لصد النظام السوري وإقناعه بالكف عن استخدام العنف، بينما تؤكد مصادر دبلوماسية غربية أن هناك جهودا متواصلة لإقناع المعارضة بالإبقاء على التزامها بالمهلة التي حددها أنان. وهناك احتمالات عدة تدرس حاليا للتعامل مع الوضع السوري في عواصم إقليمية وغربية، من المتوقع أن تتبلور خلال الأيام المقبلة وترتكز بشكل كبير على مجلس الأمن. وبينما تعمل تركيا على تكثيف الجهود الدبلوماسية خاصة في ما يخص إقناع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن بإصدار قرار حول سوريا، خاصة بعد حادثة إطلاق قوات سورية النار عبر حدودها، فإنها ما زالت تدفع أيضا باتجاه فرض منطقة عازلة على الحدود التركية - السورية. لكن ناطقا باسم وزارة الخارجية الأميركية أكد رفض بلاده لهذه الفكرة حتى الآن، قائلا «أي تحرك يزيد من الوجود العسكري على الحدود أمر يزيد من احتمالات تصاعد العنف، ونحن نريد تجنب ذلك بكل الوسائل». وتعتبر واشنطن أن مسألة فرض منطقة عازلة، التي تتطلب نشر قوات لضمانها، إجراء غير وارد في الوقت الراهن.

وستتصدر سوريا المحادثات التي يجريها وزراء خارجية الدول الصناعية الثماني في واشنطن يوم غد، حيث من المتوقع أن تكون هناك مناشدة جديدة للنظام السوري في البيان الختامي للوزراء من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة وكندا وروسيا. وأفادت مصادر أوروبية وأميركية دبلوماسية، «الشرق الأوسط»، بأن الوزراء الأوروبيين ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون سيعملون مجددا على إقناع روسيا باتخاذ موقف أكثر حزما مع الحكومة السورية. وبعد أن أجرى وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو اتصالات مع كلينتون ونظيره البريطاني ويليام هيغ ونظيره الروسي سيرغي لافروف يوم أمس حول الأزمة السورية وحادثة إطلاق النار عبر الحدود، كان من المتوقع أن يتشاور داود أوغلو مع وزراء الدول الثماني إما من خلال اتصال هاتفي أو التوجه إلى واشنطن للقائهم.

وفي تصريحات من الصين، قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إنه تشاور مع الروس والصينيين خلال الأيام الماضية، وإنهم مستعدون للتشاور والعمل بإيجابية حول الملف السوري، موضحا «علينا أن نتأمل في أن الأمور لن تكن كالسابق»، في إشارة إلى استخدام روسيا والصين حق النقض «الفيتو» لإبطال قرارات سابقة في مجلس الأمن.

وتتطابق الآراء الدولية حول أهمية دور مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في المرحلة المقبلة، لكن ما زالت «عقبة» الفيتو الروسي والصيني قائمة. وأوضح ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: «نواصل العمل على خطوات تدريجية للتوصل إلى اتفاق مع الروس والصينيين». وبينما تعتبر مصادر دبلوماسية فرنسية أن الأمور «بدأت تتحرك» في مجلس الأمن، لم تتأكد بعد إذا ما كانت الظروف أصبحت ناضجة للسير بقرار ملزم في المجلس وليس الاكتفاء ببيان رئاسي.

وهناك جهود بريطانية للدفع باتجاه تحويل ملف الحكومة السورية إلى المحكمة الجنائية الدولية. وفي بيان أمس، قال وزير الخارجية البريطاني «سنكون جاهزين لتكثيف دعمنا للمعارضة السورية ولدعم آخرين يسعون للأمر نفسه، وسنبدأ عملية السعي إلى إحالة مجلس الأمن الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية». إلا أن ذلك يتطلب أيضا إجماعا في مجلس الأمن، مما يضعف من فرص نجاح هذا الخيار. إلا أن ناطقة باسم وزارة الخارجية البريطانية شرحت أن «بريطانيا أوضحت مرات عدة أنه تجب محاسبة النظام السوري، مع الإقرار بأن الموقف الروسي والصيني يمنع في الوقت الراهن إصدار قرار من مجلس الأمن يمكن ذلك، لكن تطورات الأيام الأخيرة تعني أن علينا العمل بهذا الاتجاه». وأضافت «نتشاور مع الشركاء الدوليين حول الاحتمالات الواردة لمحاسبة النظام السوري.. ونحن نبحث الآليات القانونية المتوفرة لذلك، حتى وإن كان ذلك خارج مجلس الأمن».

وحتى الآن لم يحدد بعد تاريخ لاجتماع لجنة العقوبات التي أقرها مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في اسطنبول. لكن مصادر أوروبية ترجح أن تعقد في الأيام القليلة القادمة. وفي المقابل، فإن الاجتماع القادم لمجموعة الأصدقاء يبدو أنه ما زال بعيدا ويرجح أن يعقد بعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستجرى دورتها الأولى في 22 الحالي. ومن المتوقع أن يطرح موضوع آلية دعم المعارضة بشكل وثيق خلال اجتماع أصدقاء الشعب السوري، المنتظر أن تعقد جولته القادمة في العاصمة الفرنسية، ومن ضمن أهدافه فرض مزيد من العقوبات على النظام السوري ومؤسساته.

وعلى الرغم من التصريحات المتعددة لدعم المعارضة السورية، فقد أكد الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني مجددا أمس «موقفنا بشأن تقديم مساعدات عسكرية لم يتغير»، مضيفا «لا أعتقد في هذا الوقت أن الخطوة الصحيحة ستكون المزيد من العسكرة. ستكون لها عواقب كثيرة».

وعلى الرغم من الجهود المتعددة لمواصلة الحراك الدبلوماسي حول مجلس الأمن، ما زالت الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا تجتمع على أهمية دعم أأنان. واعتبر تقرير من «مجموعة الأزمات الدولية» أن تنفيذ خطة أنان لم يكن ناجحا، والأولوية هذه المرحلة يجب أن تكون منع التصعيد الأمني. وقال التقرير الصادر أمس إن «قوات الأسد ستتوقف إذا كان هناك تحول في ميزان القوى (السياسي أو العسكري) خصوصا من موسكو. لكن هذه المسألة غير متوقعة». وأضاف التقرير أن «بعثة أنان تبقى الخيار الوحيد لحل الأزمة السورية لبعض الوقت».