قوى سياسية مصرية تبدي مخاوفها من إطالة أمد الفترة الانتقالية في البلاد

رفضت ربط «العسكري» تسليم السلطة بإنجاز الدستور قبل 30 يونيو

د. سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب المصري (يسار) ود. محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة يتتبعان سير العملية الانتخابية البرلمانية على شاشة تلفزيونية (أ.ب)
TT

أبدت قوى سياسية وأحزاب مصرية ومرشحون للرئاسة مخاوفهم أمس من إطالة أمد الفترة الانتقالية في مصر وتأجيل الانتخابات الرئاسية، بعدما أكد المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الحاكم)، ضرورة الانتهاء من وضع الدستور قبل انتخاب رئيس الجمهورية المقرر له نهاية مايو (أيار) المقبل، وحذرت ‏من التعجيل في كتابة الدستور بشكل لا يرضي جميع الأطراف.

كان طنطاوي وعدد من أعضاء المجلس العسكري قد اجتمعوا مساء أول من أمس (الأحد) مع رؤساء الأحزاب والقوى السياسية لبحث معايير اللجنة التأسيسية لوضع الدستور بعد الحكم القضائي ببطلان تشكيلها السابق، وشدد طنطاوي على ضرورة الانتهاء من وضع الدستور قبل انتهاء الفترة الانتقالية في ‏30‏ يونيو (حزيران) المقبل وقبل انتخاب رئيس الجمهورية‏.

ومن المقرر أن يعقد طنطاوي اجتماعا مشتركا آخر الأحد المقبل مع رؤساء الأحزاب ورئيسي مجلسي الشعب والشورى لاتخاذ الإجراءات لدعوة مجلسي البرلمان للاجتماع المشترك لتحديد أسس ومبادئ اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية الجديدة للدستور.

وانتقد الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية وكيل مؤسسي حزب الثورة، التعجل في وضع الدستور الجديد خلال مدة لا تتعدى شهرا، وقال البرادعي في تعليق له عبر صفحته على «تويتر»: «صاغت قمم الفكر دستور 1954 في 18 شهرا، بينما يطالب المجلس العسكري بكتابة دستور الثورة في شهر واحد»، وتابع البرادعي قائلا: «لا تستخفوا بأهمية الدستور.. مصر تستحق أفضل من هذا».

وقال الدكتور مصطفى النجار، رئيس حزب العدل (الليبرالي)، لـ«الشرق الأوسط: «إنه يجب التمسك بموعد انتخابات الرئاسة، سواء تم إنجاز الدستور أم لا، وعلى القوى السياسية إدراك أن اللحظة شديدة الخطورة ولا تحتمل ترف الاختلاف».

وقال عصام الشريف، المنسق العام لـ«الجبهة الحرة للتغيير السلمي»، وهو ائتلاف لشباب الثورة، لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مزيج من الغموض والتخبط في المواقف السياسية والجدول الزمني لنقل السلطة.. إننا ندرك أن ثمة مؤامرة كبيرة يجري تنفيذها للقضاء على ما بقي من أطلال الثورة»، مشيرا إلى أن وضع الدستور قبل الانتخابات يعني اختيار لجنة المائة ثم اجتماعها لوضع الدستور، الذي سيستغرق مدة ليست بالقصيرة، ثم طرحه على الشعب في استفتاء عام للموافقة عليه أو رفضه، وهو ما يعني إعادة صياغته من جديد، لتكون المحصلة النهائية هي تأخير تسليم السلطة لما بعد يوليو (تموز) المقبل وبقاء المجلس العسكري والحكومة في الحكم».

وأصدر الدكتور محمد البلتاجي، عضو مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة (الإخوان المسلمين)، بيانا قال فيه أمس: «إن اجتماع المجلس العسكري مع رؤساء الأحزاب وقع في ثلاثة أخطاء، أولها: استدعاء المجلس العسكري للدخول في موضوع هو دستوري من اختصاص المجلسين، وثاني تلك الأخطاء: الحديث عن حتمية انتهاء أعمال الدستور قبل الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي يستدعي عوامل القلق في ما وراءه، ويحدث ارتباكا في المشهد، فضلا عن مخالفته لسعة النص الدستوري، أما ثالث الأخطاء فهو الحديث عن القبول بالتشكيل الكامل من خارج المجلسين، وهو انتقال غير مبرر من مغالاة في تمثيل المجلسين إلى استبعاد تام للبرلمان».

وأوضح البلتاجي أن الحل في العودة للمجلسين لتدارك أخطاء المشهد السابق، وعدم الغلو في نسبة تمثيل المجلسين، واعتماد نسبة التصويت بما يضمن توافقا واسعا دون تحكم من الأغلبية، أو تعطيل من الأقلية، واعتماد معايير وقواعد مناسبة للتشكيل، وإعطاء وقت مناسب لإجراءات الترشيح والانتخاب، والتوافق السياسي المسبق حول الأسماء المقترحة من الجميع.

كان الدكتور محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة، قد شدد، عقب اجتماع القوى السياسية مع «العسكري»، على أن لجنة الدستور ستمثل جميع أطياف الشعب المصري، وأهمية حسن استغلال الوقت المتبقي من المرحلة الانتقالية، قائلا: «إن الوقت ليس في صالحنا؛ لذلك سنعمل بكل سرعة لننتهي من الدستور في موعده، إلا أننا لن نتعجل في إعداد مواده».

وأوضح مرسي أن خريطة الطريق التي رسمها المجلس العسكري ستسير وفقا للمواعيد المقررة بها، وأنه يجب على الجميع بذل جميع الجهود للانتهاء من الاستحقاقات المحددة قبل تاريخ موعد تسلم الرئيس الجديد مهام منصبه.

على صعيد مرشحي الرئاسة، وصف الدكتور محمد سليم العوا حديث المشير طنطاوي عن عدم تسليم السلطة إلا بعد وضع دستور جديد يحدد صلاحيات الرئيس ومهامه بأنه «أمر بالغ الخطورة».

وأضاف العوا، في بيان له أمس: «لدينا إعلان دستوري يتضمن سلطات محددة لرئيس الجمهورية، والرئيس المنتخب سيعمل وفق هذه الصلاحيات إلى أن يصدر الدستور الجديد، وكل حديث عن صلاحيات للرئيس يتجاهل نصوص الإعلان الدستوري هو حديث غير دقيق».

وأوضح العوا أنه «ليس من شأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يحدد صلاحيات الرئيس، أو يعترض على شيء منها، أو يمتنع عن تسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب بدعوى عدم تحديد صلاحياته؛ لأن هذا كله يتعارض مع إرادة الشعب الذي سينتخب هذا الرئيس».

ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط تصريحات للمرشح الرئاسي عمرو موسى حذر فيها من استمرار المرحلة الانتقالية، مؤكدا أن الالتزام بإجراء الانتخابات الرئاسية في الموعد المحدد هو أمر حيوي وإلا ستكون هناك عواقب وخيمة، خاصة من الناحية الاقتصادية، مشيرا إلى أنه من الصعب إنهاء الدستور خلال أسابيع قليلة وفي ظروف الاستقطاب التي تشهدها مصر.

واقترح موسى أن تبدأ اللجنة بمناقشة طبيعة النظام السياسي المقبل مع تعريف صلاحيات الرئيس كأولوية لعمل اللجنة؛ حيث يتم الاتفاق على إنهاء هذا الموضوع قبل انتخابات الرئاسة، المقرر لها 23 مايو المقبل على أن تستمر مناقشة باقي المواد منفصلة عن موعد انتخابات الرئاسة.

إلى ذلك، طالب الأزهر الشريف بضرورة سيادة الحق والقانون وضرورة خضوع المواطنين كافة لأحكامه والامتثال لأوامره ونواهيه، باعتبارها مناط الاستقرار ودعامة الحل للمشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وطالب الأزهر، في بيان له أمس، في ختام لقاءات أجراها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب مع نخبة من المثقفين لتدارس الموقف الراهن على الساحة المصرية، بالحفاظ الصارم على مبدأ الفصل بين السلطات دون السماح بأن تطغى سلطة على أخرى.

وكشف الأزهر عن أنه يعتزم طرح مبادرة حول مقترحات استرشادية تتضمن معايير ملائمة لتشكيل اللجنة التأسيسية للدستور توضع بين يدي الهيئة البرلمانية المنتخبة لمجلسي الشعب والشورى للاسترشاد بها انطلاقا من مبدأ الجمع بين تمثيل مختلف فئات الشعب من ناحية وتحقيق أقصى درجة من الإفادة من الكفاءات الوطنية واحترام النصوص الدستورية في الوقت نفسه.