النظام السوري يصعِّد من عمليات اعتقال الناشطين

في انتهاك واضح لبنود خطة أنان

صورة من شبكة شام نيوز تظهر جنازة رمزية في مدينة درعا أمس (أ.ف.ب)
TT

في انتهاك واضح لخطة المبعوث الدولي كوفي أنان، التي تنص في أحد بنودها الستة على وجوب الإفراج عن المعتقلين السوريين على خلفية الأحداث الأخيرة، وأكد ناشطون ومصادر بالمعارضة السورية أن النظام استغل دخول هدنة إطلاق النار حيز التنفيذ منذ الخميس الماضي في خنق المعارضة السورية، وذلك عبر اعتقال مئات الناشطين.

وصعَّد النظام السوري من عمليات الاعتقال بحق الناشطين بعد احتجازه الصحافية ماري عيسى وزوجها الطبيب جوزيف نخلة من منزلهما، وما سبق ذلك من اعتقال للاعب كرة سلة ولـ42 شابا وشابة أمام مجلس الشعب السوري في وسط العاصمة السورية الخميس لمطالبتهم بـ«وقف القتل».

وأعرب ناشطون سوريون، عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، عن استغرابهم الكبير لعدم تحرك المجتمع الدولي ومبعوثه كوفي أنان لحث النظام السوري على الإفراج عن المعتقلين السوريين تطبيقا لبنود خطة أنان، بعد أيام من إعلان النظام أنه بدأ بتطبيقها. وكتب الناشط موسى أحمد، على صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد» عبر «فيس بوك»: «بدلا من أن يفرج النظام عن المعتقلين نراه يعتقل المزيد منهم.. ألا يكفي ذلك لسحب مبادرة أنان من التداول؟».

يأتي ذلك في وقت أعلن فيه المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «جهاز إدارة المخابرات العامة (أمن الدولة) اعتقل، مساء السبت، الصحافية ماري عيسى وزوجها الطبيب جوزيف نخلة من منزلهما في جرمانا في ريف دمشق بسبب نشاطهما السلمي لدعم الحراك الثوري في سوريا»، مشيرا إلى أن عيسى «كتبت مقالات عدة تدعو إلى إقامة دولة ديمقراطية في سوريا».

وذكرت لجان التنسيق المحلية أن «ماري عيسى مدرسة وكاتبة، وأن زوجها استُدعي في السابق من الأجهزة الأمنية أكثر من مرة». وطالب المرصد السلطات السورية بـ«الإفراج الفوري وغير المشروط عنهما»، معتبرا «اعتقالهما انتهاكا واضحا لمبادرة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان».

بدوره، أدان مدير المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، أنور البني، على صفحته في موقع «فيس بوك» الإلكتروني، استمرار اعتقال ناشطين اعتصموا أمام مجلس الشعب السوري في وسط العاصمة السورية الخميس للمطالبة بـ«وقف القتل».

وأوضح بيان صادر عن المركز أن «مجموعة من الصبايا والشباب اعتصموا أمام مبنى مجلس الشعب في منطقة الصالحية في وسط دمشق وهم يحملون الشموع احتجاجا على القتل ضمن حملة (أوقفوا القتل)»، وأضاف: «هاجمتهم قوات الأمن بشراسة كبيرة وقامت بضربهم بشدة، ومنهم نساء متقدمات بالسن أوقعتهن أرضا، واعتقلت منهم 42 شخصا».

وأدان المركز «وحشية قوات الأمن تجاه المعتصمين السلميين»، مؤكدا أن «ما يجري يبين أن من يستعمل العنف والقوة هو النظام فقط تجاه كل الشعب السوري المطالب بحقوقه»، مطالبا بـ«وقف القتل والاعتقال والإرهاب وإطلاق سراح المعتقلين جميعا».

وبالتزامن، أورد بيان صادر عن رابطة الرياضيين الأحرار، أن «أحد الأجهزة الأمنية في مطار دمشق الدولي قام باعتقال اللاعب سامح سرور فور هبوط الطائرة التي كانت تنقله من حلب (شمال) إلى دمشق بعد لقاء فريقه، نادي الجيش، أمام نادي الجلاء يوم السبت الماضي»، وأشار البيان إلى أن سرور يلعب كرة السلة لصالح نادي الجيش، ومثَّل منتخب سوريا لكرة السلة في السنوات الأخيرة.

واعتبرت الرابطة في بيانها أن اعتقال سرور «يزيد الضغوط على الرياضيين الصامتين من زملائه في تحمل إجراءات النظام الاحترازية التي أودت بزميلهم إلى أحد الأقبية الأمنية المجهولة». ولم يذكر البيان سبب الاعتقال، كما لم يُشِر إلى أي نشاط سياسي للمعتقل.

كانت منظمة «آفاز» الدولية الحقوقية قد قدرت وفي وقت سابق عدد المعتقلين السوريين في السجون والمدارس والمستشفيات وحتى النوادي الرياضية، المنتشرة في معظم المناطق السورية، بـ69 ألفا، لافتة إلى أن ما يزيد على 617 منهم قضوا تحت التعذيب.. بينما قدرت الخارجية الفرنسية، مطلع الشهر الحالي، عدد المفقودين بما لا يقل عن 65 ألف شخص، وعدد المعتقلين بنحو 210 آلاف شخص، مستندة في ذلك إلى مصادر من بينها الأمم المتحدة والهيئة العليا للاجئين والصليب الأحمر الدولي.

ويشير كثير من التقارير الحقوقية إلى أن أبرز المخاوف المتعلقة بالمعتقلين في سوريا تتعلق بممارسة النظام لمختلف أساليب العنف ضدهم لإجبارهم على الاعتراف بجرائم قد لا يكونون ضالعين فيها، وبما قد يصل إلى حد قتل المعتقل من فرط التعذيب في بعض الأحيان، كما أن بين المعتقلين أطفالا ونساء، لا يسلمون بدورهم من مثل تلك الأساليب العنيفة، بل إن النساء قد يتعرضن لانتهاكات جنسية أو الاغتصاب في بعض الأحيان.