أوكامبو في طرابلس لبحث تسليم سيف الإسلام.. ودعوى قضائية ضد وزير بريطاني سابق أعاد بلحاج لليبيا

قادة برقة: متمسكون بإعلانها «إقليما فيدراليا»

مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو يتحدث للصحافة في العاصمة الليبية طرابلس، بحضور رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل أمس (أ.ف.ب)
TT

قالت محامية عبد الحكيم بلحاج، قائد المجلس العسكري في العاصمة الليبية طرابلس: إنها ستقاضي وزير الخارجية البريطاني الأسبق جاك سترو للسماح بنقل موكلها إلى ليبيا بشكل غير مشروع حيث تعرض للتعذيب لسنوات طويلة في سجون العقيد الراحل معمر القذافي.

ويزيد هذا الإجراء ضد حليف لرئيس الوزراء الأسبق توني بلير الجدل حول دور بريطانيا في مساعدة الولايات المتحدة في نقل مقاتلين إسلاميين مشتبه بهم في قضايا الإرهاب إلى بلدان تعرضوا فيها غالبا للتعذيب أو سوء المعاملة.

ويقول محامون ممثلون لبلحاج الذي كان مقاتلا في صفوف المعارضة المسلحة التي أطاحت بالقذافي في 2011 إن هناك أدلة حديثة تشير إلى أن سترو وافق على قيام جواسيس بريطانيين بإعادة بلحاج إلى ليبيا دون إجراءات قانونية سليمة، وهو ما يعرف بالترحيل خارج إطار القانون.

وقالت سابنا مالك، محامية بلحاج لـ«رويترز»: «تم إرسال إخطار مما يمثل تمهيدا لبدء الإجراءات القانونية الرسمية.. الزعم هو أنه سمح بترحيل موكلنا بغرض التعذيب». ورفض مساعد لسترو (65 عاما) التعقيب.

ويقول بلحاج: إنه ألقي القبض عليه في 2004 مع زوجته الحبلى في ماليزيا ثم نقل إلى تايلاند حيث احتجزه ضباط من وكالة المخابرات المركزية الأميركية وأعادوه إلى ليبيا لمواجهة التعذيب هناك لسنوات.

ويقول بلحاج الذي أصبح رجلا ذا نفوذ في طرابلس: إن الولايات المتحدة تصرفت بناء على معلومة من المخابرات البريطانية (إم آي 6)، وإن طائرة وكالة المخابرات المركزية استخدمت جزيرة دييغو غارسيا البريطانية في المحيط الهندي لإعادة التزود بالوقود خلال الرحلة.

ويقاضي بلحاج بالفعل الحكومة البريطانية والمخابرات وسير مارك ألين الرئيس السابق لعمليات مكافحة الإرهاب بجهاز «إم آي 6».

ونفى وزراء بريطانيون أي علم بإرسال أي أحد لمواجهة التعذيب في الخارج، وتحقق شرطة لندن فيما إذا كانت بريطانيا أرسلت بشكل غير مشروع محتجزين إلى ليبيا لكن لم يصدر إنكار واضح من الحكومة البريطانية.

وقال متحدث باسم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون: «موقف الحكومة من التعذيب معروف جيدا. نحن نعارضه تماما. لا نطلب من الحكومات القيام به لحسابنا، لذلك فإننا نأخذ هذه المزاعم بجدية بالغة».

لكن هذه المزاعم أعادت فتح جدل في بريطانيا بشأن التحالف مع الولايات المتحدة والمدى الذي ذهب إليه وزراء في حكومة بلير لمساعدة الولايات المتحدة في تعقب مقاتلين إسلاميين بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.

ونقل تقرير في «صنداي تايمز» عن مصادر زعمها أن سترو المسؤول رسميا بصفته وزيرا للخارجية عن جهاز المخابرات سمح بنفسه بترحيل بلحاج إلى ليبيا.

وقال بلير في وقت سابق الشهر الحالي: إنه لا يتذكر قضية بلحاج لكن هذه الدعوى أغضبت قادة جهاز المخابرات الذين أصبحوا مضطرين الآن للتفكير فيما إذا كانت قراراتهم ستصبح يوما سببا للتعرض للملاحقة القضائية.

على صعيد آخر، أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في طرابلس أن مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو وصل أمس إلى ليبيا لمناقشة ملف سيف الإسلام القذافي، نجل العقيد الليبي السابق والذي ترفض طرابلس تسليمه.

وفي لاهاي، قالت المحكمة الجنائية الدولية في بيان إن زيارة أوكامبو التي تستمر حتى السبت تهدف إلى دعوة طرابلس للتعاون في هذه القضية، من دون أي تفاصيل إضافية.

ولدى وصوله إلى مطار طرابلس قال أوكامبو للصحافيين: «أنا هنا لأنني لا أزال أحقق في الجرائم». وسئل إن كان هناك اتفاق يجري التفاوض عليه مع الحكومة الليبية بشأن محاكمة سيف الإسلام في ليبيا تحت إشراف المحكمة الجنائية الدولية قال: «أنا مدع بالمحكمة الجنائية الدولية ولا أبرم اتفاقات. نحن نطبق القانون.. قضاة المحكمة الجنائية الدولية أمروا ليبيا بتسليم سيف». وقال أوكامبو، حسب رويترز، إنه سيتوجه إلى مدينة مصراتة الساحلية. وأضاف: «أنا ذاهب إلى مصراتة... لأن لدينا تفويضا للتحقيق في جميع الجرائم التي ارتكبت هنا لذلك علينا أن نرى ما تحقق ليبيا فيه».

وفي اليوم الأول لزيارته، التقى أوكامبو رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل، ورئيس الوزراء عبد الرحيم الكيب. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق سيف الإسلام الذي اعتقل في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت في جنوب ليبيا بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية إبان قمع الثورة الليبية العام الماضي.

ولا يزال سيف الإسلام معتقلا في الزنتان التي تبعد 180 كلم جنوب غربي طرابلس لدى ثوار ليبيين سابقين قاتلوا نظام معمر القذافي.

وفي اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية، توقع مصدر عسكري في الزنتان أن يزور أوكامبو المنطقة المذكورة إثر محادثاته مع السلطات في طرابلس.

وقال هذا المصدر رافضا كشف هويته: «نتوقع زيارته. لكن هذا الأمر يتوقف على نتائج مشاوراته مع السلطات الليبية».

واستأنفت الحكومة الليبية في 10 أبريل (نيسان) الجاري قرارا للمحكمة يطلب منها تسليم سيف الإسلام «فورا». كما أعلنت أنها ستقدم في 30 أبريل وثيقة تطعن في صلاحية المحكمة الدولية في محاكمة سيف الإسلام الذي تريد محاكمته بنفسها.

وأجرت السلطات الليبية الاثنين والثلاثاء مفاوضات مع السلطات في مدينة الزنتان بهدف نقل سيف الإسلام إلى طرابلس.

وأفاد مصدر شارك في المفاوضات أن المسؤولين المحليين في الزنتان يريدون محاكمة سيف الإسلام في مدينتهم، معتبرين أن الحكومة «عاجزة عن ضمان أمن محاكمة لسيف الإسلام»، لافتين إلى احتمال فراره على غرار مسؤولين في النظام السابق تمكنوا من الهرب من ليبيا.

ونقل المصدر نفسه عن عبد الجليل تشديده على «ضرورة تسليم سيف الإسلام لطرابلس» بهدف «تخفيف الضغط» الذي تمارسه المحكمة الجنائية الدولية على السلطات الليبية.

وأضاف أن المحكمة الجنائية اعتبرت أن إجراء محاكمة في الزنتان «في ظل سيطرة الثوار» هو أمر «صعب» كون هؤلاء سبق أن قاتلوا نظام القذافي.

وتابع المصدر أن المسؤولين في الزنتان «طلبوا عندها مهلة للتفكير قبل إعطاء رد».

وفي مدينة البيضاء، عقد أكثر من 1000 سياسي ومن وجهاء وأعيان شرق ليبيا اجتماعا مساء أول من أمس أكدوا خلاله «تمسكهم» بإعلان منطقة برقة «إقليما فيدراليا، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي مارس (آذار) الماضي، أثار إعلان منطقة برقة «إقليما فيدراليا اتحاديا» استياء السلطات الليبية وأدى إلى تأجيج المخاوف من تقسيم البلاد.

وفي بيان نشر على هامش الاجتماع في البيضاء التي تقع على بعد 1200 كلم شرق طرابلس، أكد المشاركون «تمسكهم بإعلان إقليم برقة الممتد من الحدود الليبية - المصرية شرقا وحتى مدينة سرت غربا، فيدرالية اتحادية».

وطالبوا بـ«كتابة الدستور وقانون الانتخابات من هيئة منتخبة بالتساوي بين أقاليم ليبيا الثلاثة، وأن يكون النظام السياسي وفق ما يقرره الدستور بالإضافة إلى تدوير الرئاسات الثلاث (رئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة ورئاسة الدولة) بين الأقاليم الثلاثة برعاية البرلمان المنتخب ديمقراطيا مراعاة للعدالة بين الأقاليم».

وكانت ليبيا تتألف من 3 أقاليم إدارية قبل أن يلغى هذا النظام الاتحادي في 1963.

وينص القانون الانتخابي الذي تبنته السلطات الليبية على برلمان يتكون من 200 مقعد موزعة بين مدن ومناطق البلاد وفق عدد السكان، وليس بحسب الأقاليم الثلاثة المذكورة.

وفوض المشاركون في الاجتماع «المجلس التأسيسي لإقليم برقة باتخاذ الإجراءات القانونية التي يراها مناسبة لإبطال قانون الانتخابات والمطالبة بانتخاب هيئة تأسيسية مؤلفة من أعضاء متساوين عدديا من الأقاليم الثلاثة».

وأعلن رئيس المجلس الأعلى لإقليم برقة أحمد الزبير السنوسي «إنشاء الهيئة الاستشارية المكونة من مشايخ ووجهاء سكان برقة، وإنشاء هيئة استفتاء الإقليم حول النظام الاتحادي الفيدرالي بعد إحصاء وبناء سجل الانتخابات لأهل الإقليم.

وكشف «إنشاء الحرس الوطني للإقليم للحفاظ على أمنه وأمانه على أن يكون ظهيرا للجيش والأمن الوطنيين»، مؤكدا «تفعيل القضاء».