اجتماع وزاري دولي عربي في باريس اليوم لبحث تطورات الوضع السوري

جوبيه يدعو إلى رد فعل قوي لعرقلة عمل المراقبين.. ودبلوماسيون: المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود

صورة مأخوذة من موقع أوغاريت لمظاهرة مسائية نصرة للمدن المنكوبة في حوران
TT

أعلنت الخارجية الفرنسية أمس أن 14 وزير خارجية سيصلون اليوم إلى باريس للمشاركة في اجتماع دولي يتناول الوضع في سوريا بدعوة من وزير الخارجية آلان جوبيه، بينما اتهم دبلوماسيون في الأمم المتحدة سوريا بعرقلة التوصل إلى اتفاق مع مراقبي المنظمة الدولية، قائلين إن المفاوضات بهذا الشأن وصلت إلى طريق مسدود.

وأشارت الخارجية الفرنسية إلى أن من بين الوفود المشاركة، وزراء خارجية الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا والمملكة العربية السعودية وقطر والمغرب والأردن، وفق اللائحة الأولية التي كشف عنها الناطق باسم وزارة الخارجية برنار فاليرو في إطار المؤتمر الصحافي الإلكتروني أمس.

وقال آلان جوبيه في بيان إن «العراقيل التي تضعها دمشق أمام انتشار بعثة مراقبي الأمم المتحدة واستمرار القمع من جانب النظام السوري في تناقض مع التزاماته، تستدعي ردا قويا من المجتمع الدولي». وأضاف: «لهذا السبب دعوت العديد من نظرائنا في مجموعة أصدقاء الشعب السوري للحضور إلى باريس بهدف بحث الوضع وتوجيه رسالة شديدة إلى دمشق وكذلك رسالة دعم لكوفي أنان»، مشددا على ضرورة التعبير عن «العزم على عدم حرف عملية سياسية أساسية بالنسبة إلى الشعب السوري عن مسارها».

وردا على سؤال عن توجيه دعوة إلى روسيا لحضور الاجتماع، قال المتحدث باسم الخارجية برنار فاليرو في مؤتمر صحافي إن هذا اللقاء «ليس بديلا من عمل مجلس الأمن ولن يكون من الملائم تاليا دعوة أعضاء هذا المجلس بصفتهم المذكورة». وأضاف: «إنها عملية مكملة دعما لهذا العمل».

ويعقب اجتماع باريس الذي يبدأ في السادسة مساء اجتماع مشترك لوزراء خارجية ودفاع الحلف الأطلسي في بروكسل، الذي من المنتظر أن يتناول من جانبه التطورات في سوريا.

وتعتبر المصادر الفرنسية أن ما يحصل يوميا في سوريا، ومنذ بدء العمل بخطة أنان يظهر «عدم جدية» النظام في تنفيذ ما التزم به، و«سعيه المستمر إلى إدخال المبعوث الدولي العربي في متاهات التفاصيل»، اقتداء بما فعل النظام مع بعثة المراقبة العربية التي انسحبت بعدما تبين أن حضورها كان دون جدوى وأن العنف لم يتوقف.

من جهة أخرى، اتفق وزراء الخارجية والدفاع في دول «الناتو» على ضرورة وقف حقيقي للعنف في سوريا، وفي نفس الوقت أظهروا الاستعداد لتقديم المساعدة لتركيا، سواء لتفعيل الفقرة الخامسة من «ميثاق الناتو» لحمايتها في حالة تعرضها للتهديد أو في ما يتعلق بدور لـ«الناتو» يتعلق بالمساعدات الإنسانية للفارين من الأحداث على الحدود مع تركيا.

وحسب مصادر داخل الحلف شكلت اجتماعات وزراء الدفاع والخارجية في دول «الناتو» فرصة لإجراء مشاورات حول عدد من المسائل الدولية بين الوزراء المشاركين، وخصوصا تطورات تنفيذ خطة أنان، كما أن تركيا أرادت طرح المسألة السورية بسبب تداعياتها على أمن حدودها.

وقال وزير الدفاع الفرنسي، جيرار لونجيه، لـ«الشرق الأوسط» إن «ملف الوضع في سوريا هو الآن في الأمم المتحدة بناء على تنسيق مع الجامعة العربية، وإذا صدر قرار من مجلس الأمن فيمكن وقتها أن ننظر في الدور الذي يمكن أن يلعبه (الناتو)».

من جانبه قال وزير الخارجية البلجيكي، ديديه رايندرس، إنه «لا بد أن يتوقف العنف ضد المدنيين في سوريا، ولا بد من وضع خطوات لتنفيذ ذلك بشكل حقيقي.. ونحن قلنا من قبل إننا بحاجة لوجود عسكريين على الأرض. ونتفهم مطالبة البعض بإرسال مروحيات، ولكن قبل ذلك لا بد من وقف العنف. وننتظر ما سيتضمنه التقرير الذي سيقدم لمجلس الأمن (اليوم) ونحدد بعدها الخطوة المقبلة».

كما تطرق الاجتماع إلى إمكانية المساهمة الأطلسية في توفير المساعدات الإنسانية للفارين إلى تركيا، وقال وزير خارجية هولندا أوري روزنتال: «تباحثت مع زميلي التركي، وأبلغته أننا على استعداد لتقديم أي مساعدة يطلبونها، ومنها تفعيل مواد (ميثاق الناتو).. ولكن حتى الآن لم تطلب أنقرة رسميا هذا الأمر. ونحن الآن نركز على ضرورة تسهيل مهمة المراقبين وزيادتهم إلى 250 شخصا بالتنسيق مع دمشق لتوفير الضمانات وحرية الحركة، لأن وجودهم على أرض الواقع أمر مهم».

إلى ذلك، صرح مسؤول أميركي أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ستشارك في محادثات باريس حول سوريا، في إطار الجهود الدولية التي تبذل من أجل إنهاء أعمال العنف في هذا البلد.

وقال هذا المسؤول للصحافيين خلال توقف تقني لطائرة كلينتون في لاس بالماس بجزر الكناري في طريق توجهها من برازيليا إلى بروكسل الأربعاء: «الآن، نتوقع أن يعقد هذا الاجتماع وهي (كلينتون) ستكون هناك»، مضيفا أن «التوقيت (الاجتماع) بالغ الأهمية مع بدء انتشار أول مجموعة من المراقبين» في سوريا للتأكد من أن نظام الرئيس بشار الأسد يطبق خطة سلام.

وعبر المسؤول نفسه، الذي طلب عدم كشف هويته، عن قلقه لانتهاكات وقف إطلاق النار المعلن منذ نحو أسبوع. وقال: «إما أن يتحسن الوضع أو نعود إلى الضغط مجددا (على النظام السوري)». وتابع أن الاجتماع يشكل «فرصة للدول الأساسية للعمل معا فعليا حول طريقة دعم كوفي أنان وما نحتاج إلى فعله لاحقا».

وفي غضون ذلك، اتهم دبلوماسيون في الأمم المتحدة سوريا أول من أمس بعرقلة التوصل إلى اتفاق مع مراقبي المنظمة الدولية الذين وصلوا مطلع الأسبوع الحالي إلى دمشق، مما يهدد مهمتهم بأكملها. وقال دبلوماسيون إن المفاوضات حول مذكرة تفاهم تسمح للمراقبين الموجودين حاليا في سوريا بالعمل في البلاد، وصلت إلى طريق مسدود.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعا سوريا إلى السماح للمراقبين العسكريين بالتحرك بحرية في البلاد، وقال بان خلال زيارة إلى لوكسمبورغ إنه «من مسؤولية الحكومة السورية ضمان حرية تحرك هؤلاء المراقبين في البلاد». وصرحت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس للصحافيين «إذا لم يكن الوضع على الأرض مستقرا ولم تحترم الحكومة تعهداتها وتصاعد العنف، فسيكون من الصعب على مجلس الأمن إرسال مراقبين غير مسلحين وسط حرب مفتوحة».

وأضافت أن «الشروط التي نطلبها والتي نحتاج إليها لنشر سائر المراقبين لم تتوافر حتى الآن»، معتبرة أن «الوضع لا يتحسن. فأعمال العنف مستمرة ويبدو أن القصف على حمص يتصاعد»، ورأت أن خطة أنان «في خطر» لأن حكومة الأسد لا تحترم تعهداتها الواردة فيها.

ولم تعلق رايس على الملاحظات بشأن محادثات المراقبين مع الحكومة السورية. لكن دبلوماسيا كبيرا آخر في الأمم المتحدة قال إنه «إذا لم تنجز سوريا الاتفاق في نهاية الأسبوع فإننا لن ننتقل إلى المرحلة التالية؛ القاضية بالسماح لكامل البعثة (التي تضم نحو 250 مراقبا) بالانتشار».

وقال هذا الدبلوماسي: «أعتقد أن هناك خطرا بألا يوافق السوريون على كل الشروط الضرورية لإنجاز مهمة البعثة، وسيكون علينا عندها أن نقرر ما علينا أن نفعله». وأضاف: «أعتقد أننا سنكون في وضع يسمح لنا بالحكم في نهاية هذا الأسبوع، ما إذا كان السوريون مستعدين لتنفيذ الالتزامات التي تترتب عليهم نتيجة القرار وتسهيل عملية تقدم المهمة أم لا». بينما رأى دبلوماسي آخر أن «السوريين يتعمدون عرقلة (الاتفاق) على ما يبدو».