المالكي في زيارة حاسمة إلى طهران وسط ضغوط سياسية ودعوات سحب الثقة

هجوم إيراني غير مسبوق على بارزاني .. وأردوغان عن نظيره العراقي «لن نعطيه فرصة للاستعراض»

محمد رضا رحيمي نائب الرئيس الإيراني خلال استقباله نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

أكدت الحكومة العراقية أمس أن رئيس الوزراء نوري المالكي أكد فور وصوله إلى إيران، في زيارة رسمية، ضرورة إجراء مباحثات تخدم مصالح البلدين. وقال بيان لرئاسة مجلس الوزراء العراقي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «المالكي التقى عقب وصوله إلى العاصمة الإيرانية طهران اليوم (أمس) نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي، وبحث معه تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين»، مشيرا إلى أن «المالكي أكد على ضرورة إجراء مباحثات بين البلدين، بما يخدم مصلحة الشعبين العراقي والإيراني». وأضاف البيان أن «نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي أبدى استعداد إيران للتعاون مع العراق في مجال الطاقة من خلال تجهيز العراق بالكهرباء، وتذليل الصعوبات التي تحول دون تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين البلدين».

ويرافق المالكي في زيارته إلى إيران التي تدعم المالكي ثلاثة وزراء، هم: الصناعة والمعادن أحمد الكربولي (القائمة العراقية)، والتجارة خير الله حسن بابكر (التحالف الكردستاني)، والتخطيط علي يوسف الشكري (التيار الصدري). وكانت آخر زيارة للمالكي إلى إيران في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2010 ضمن جولة كانت شملت عددا من الدول، منها سوريا والأردن وتركيا، لكسب دعمهم لتشكيل الحكومة وقتذاك.

من جهتها أعلنت مريم الريس، مستشارة رئيس الوزراء للشؤون السياسية، أن «زيارة المالكي كانت مقررة في إطار سلسلة من الزيارات التي نفذ بعضها قبل القمة العربية، ومنها زيارته إلى الكويت، وسينفذ القسم الآخر خلال الفترة المقبلة». وقالت الريس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المالكي سيبحث مع المسؤولين الإيرانيين جميع الملفات الثنائية بين البلدين، بالإضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية، وخصوصا العلاقة مع دول الجوار، حيث إن لدى العراق مسعى في أن تكون علاقاته مع دول الجوار جيدة ومبنية على أساس المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية».

وردا على سؤال عما إذا كانت هذه الزيارة تأتي أيضا في إطار الجو السائد من خلافات داخلية بين الكتل أو التوترات الإقليمية، قالت الريس إن «هذه الزيارة لا علاقة لها بردود الفعل من أي طرف هنا أو هناك، حيث إن لدى العراق التزاماته مثلما للآخرين التزاماتهم، وبالتالي فإنه يؤمن بسياسة الحوار، لكنه لن يسمح لأحد بأن يتدخل في شؤونه الداخلية». وحول ما إذا كان الاجتماع الخاص بالملف النووي الإيراني المعروف باسم «5+1» الذي من المقرر أن يستضيفه العراق الشهر المقبل، سيكون ضمن جدول أعمال هذه الزيارة، قالت الريس إن «هذا الموضوع هام جدا سواء بالنسبة للعراق أو لإيران والمنطقة، وبالتالي فإنه في ضوء ما يريد أن يلعبه العراق من دور إيجابي، على هذا الصعيد، فإن هذا الموضوع سيكون في صلب المباحثات التي يجريها المالكي في إيران؛ لأن من الضروري للجميع التوصل إلى حلول جادة لهذه المسألة»، مشيرة إلى أن «الجانب الإيراني متفهم لهذه القضية، لا سيما أن العراق سبق له أن تدخل، وبالتالي فهو وسيط مقبول من كل الأطراف».

على صعيد متصل تأتي زيارة المالكي إلى إيران في ظل أزمة سياسية حادة بين الكتل السياسية في وقت تتواتر فيه الأنباء عن جهود لسحب الثقة من حكومته. من جهته أكد القيادي البارز بدولة القانون، سامي العسكري، أن «المساعي لسحب الثقة عن المالكي من قبل القائمة العراقية ليست جديدة، وإنما هي بدأت منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة الحالية». وقال العسكري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «القائمة العراقية كانت قد تحمست لعقد اللقاء الوطني قبل القمة العربية وأبدت مرونة كاملة من أجل ذلك، ولكن كان هدفها فرض شروط من خلال القمة»، مشيرا إلى أن «نجاح القمة العربية أدى إلى تغيير في موقف العراقية وقسم من التحالف الكردستاني، بحيث بدأوا بوضع شروط جديدة».

وحول إصرار العراقية والتحالف الكردستاني على تطبيق اتفاقيات أربيل، قال العسكري إن «اتفاقيات أربيل هي جزء من مشكلة عامة ولا يمكن اختزال كل شيء باتفاقيات أربيل، لكن ملخص ما تريده العراقية هو لماذا لم يصبح إياد علاوي رئيسا للوزراء؟»، مؤكدا أن «المشكلة أكبر من علاوي، وبالتالي لا بد من الارتفاع إلى مستوى المسؤولية في حال أردنا معالجة قضايا الدولة كلها بعيدا عن هذه الجزئية أو تلك». وحول مدى نجاح مساعي سحب الثقة من المالكي قال العسكري إن «هذا الأمر لن ينجح، وحتى لو تمكنوا من جمع ما يكفي من أصوات فإن المالكي سيبقى حتى آخر ولايته رئيسا لحكومة تصريف أعمال؛ بسبب صعوبة الاتفاق على مرشح بديل».

القائمة العراقية التي يتزعمها إياد علاوي حذرت من أي اتفاق سياسي ضد العملية الديمقراطية خلال زيارة رئيس الوزراء إلى طهران. وقال عضو القائمة طه اللهيبي في بيان أمس: «نعتبر تكرار ما حصل في عام 2010 حيث نتج عنه تشكيل الحكومة الحالية وتنصلها من الاتفاقات المبرمة تجاوزا على المصالح العليا الوطنية للعراقيين، والتجاوز على الخط الأحمر الوطني للبلاد». وأضاف اللهيبي أن «زيارة المالكي إلى طهران، وخاصة أنها تتزامن مع الأزمة السياسية المهددة للعملية الديمقراطية، والكلام عن التغيير الحكومي، تثير الكثير من الاستفسارات؛ لأن هنالك مخاوف لتكرار السيناريو في عام 2010 الذي أدى إلى تدخل إيراني في تشكيل الحكومة، ودعم طرف على حساب شركائه، ليتجاهل الاتفاقات التي شكلت الحكومة وعدم تطبيقها».

وفي هجوم غير مسبوق فسره الكثير من المراقبين السياسيين هنا في إقليم كردستان بأنه رد فعل على الزيارة الناجحة التي قام بها رئيس الإقليم مسعود بارزاني إلى كل من الولايات المتحدة وتركيا وعدد من الدول الأوروبية، وجهت قناة «سحر» الفضائية الإيرانية الرسمية اتهامات إلى الزعيم الكردي بتلقي توجيهات من المملكة العربية السعودية للعمل مع نائب رئيس الجمهورية العراقي طارق الهاشمي على تقويض الحكم الشيعي في العراق، واستعادة السلطة فيه إلى الطائفة السنية، وهذا ما نفاه المتحدث الرسمي باسم ديوان رئاسة إقليم كردستان أوميد صباح، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «ما فسر كونه موقفا مستجدا من الحكومة الإيرانية تجاه الرئيس بارزاني لا يعدو سوى تقرير صحافي نشر بوسيلة إعلام إيرانية، وأن مجمل ما ورد في ذلك التقرير غير صحيح، فالاتهامات التي وجهت إلى بارزاني لا أساس لها من الصحة مطلقا، وندعو وسائل الإعلام عموما إلى تحري الدقة في نشر الأخبار والتقارير حفاظا على مصداقيتها»، مشيرا إلى أن «علاقتنا مع الجمهورية الإسلامية جيدة ومتينة، ولا أعتقد أنها ستتأثر بمجرد نشر بعض التقارير المفبركة وغير الصحيحة».

ومن جهة أخرى رفض رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان اتهامات بأنه يسعى لإشعال الخلافات الطائفية في العراق بانتقاد حكومته في الآونة الأخيرة، وقال للصحافيين في تصريحات بثتها قناة «إن تي في» الإخبارية التلفزيونية «إننا لا نفرق بين السنة أو الشيعة أو العرب أو الأكراد أو التركمان، إنهم جميعا أشقاؤنا»، مضيفا «إذا كنا نرد على السيد المالكي فإننا نعطيه الفرصة للاستعراض. لا يوجد ما يدعو للسماح له بكسب نفوذ».

وزادت سخونة الخلاف يوم الخميس الماضي عندما اتهم أردوغان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالتصرف «بأنانية» وبإثارة التوترات بين الشيعة والسنة والأكراد في العراق وسط أزمة دستورية في بغداد. ووصف المالكي بدوره تركيا، بأنها «دولة معادية».