أنان يدعو دمشق إلى التوقف «نهائيا» عن استخدام الأسلحة الثقيلة

واشنطن ليست متفائلة.. وتقارير صحافية عن الاقتراب من اللجوء لـ«الخطة ب»

جانب من الفعاليات الاحتجاجية ويظهر علم الاستقلال خلال مظاهرة بمدينة درعا أمس (أ.ف.ب)
TT

مع تواصل خروقات وقف إطلاق النار رغم وجود المراقبين في عدد من المناطق السورية، فإن مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي أنان وجه أمس انتقادا شديد اللهجة إلى السلطات السورية، داعيا إياها إلى التوقف «نهائيا» عن استخدام الأسلحة الثقيلة، فيما قال مصدر في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن واشنطن ليست متفائلة، وذلك بعد يوم واحد من قرار مجلس الأمن حول سوريا الذي صدر بالإجماع، مقررا زيادة عدد المراقبين الدوليين إلى ثلاثمائة.

ورحب المبعوث الدولي كوفي أنان، في بيان له أمس، بقرار مجلس الأمن إرسال مراقبين إلى سوريا، مطالبا «الحكومة السورية بشكل خاص بالتوقف عن استخدام الأسلحة الثقيلة، والقيام -كما تعهدت - بسحب هذه الأسلحة ووحداتها المسلحة من المناطق السكنية». كما دعا أنان دمشق إلى التنفيذ «الكامل» لخطته المؤلفة من ست نقاط لحل الأزمة في سوريا.

وقال أنان: «إنها لحظة حاسمة الآن بالنسبة لاستقرار البلاد»، مضيفا: «أناشد جميع القوات، أكانت حكومية أو من المعارضة أو أخرى، إلقاء السلاح والعمل مع مراقبي الأمم المتحدة لترسيخ الوقف الهش للعنف بشتى أشكاله».

وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعا السبت الحكومة السورية إلى «أن تؤمن سريعا الظروف الضرورية لانتشار بعثة المراقبين الـ300»، التي نص عليها القرار الدولي رقم 2043. وشدد بان على «ضرورة أن تضع الحكومة السورية حدا للعنف وانتهاكات حقوق الإنسان»، خصوصا أن تسحب أسلحتها الثقيلة من المدن السورية. ودعا إلى «التعاون الكامل من جميع الأطراف للسماح لبعثة المراقبة (أنسميس) بتنفيذ مهمتها لمراقبة وقف العنف المسلح بجميع أشكاله من قبل كل الأطراف. وأيضا، مراقبة ودعم التطبيق الكامل لخطة المبعوث المشترك كوفي عنان ذات النقاط الست». وأعرب عن أمله في أن يساعد تشكيل بعثة المراقبين على «وقف القتل والمعاناة في سوريا، وعلى الإسهام في تحرك البلاد قدما تجاه التعددية والديمقراطية».

وتبنى مجلس الأمن الدولي بإجماع أعضائه السبت قرارا يتيح إرسال 300 مراقب غير مسلحين إلى سوريا، لكن انتشار هؤلاء الفعلي يبقى رهنا بقرار من بان كي مون. وأدت الخروقات المتكررة لوقف إطلاق النار إلى سقوط مئات المدنيين السوريين منذ دخول القرار حيز التنفيذ في 12 أبريل (نيسان) الحالي.

من جهة أخرى، قال مصدر في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن «واشنطن ليست متفائلة»، وذلك بعد يوم واحد من صدور القرار، رغم النجاح في إصداره بالإجماع.

وقال المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه أو وظيفته، إن الرئيس السوري بشار الأسد نجح في «تخدير المجتمع الدولي بقرارات من مجلس الأمن بالإجماع عن وقف مؤقت لحربه ضد شعبه.. لكن، ليست هذه القرارات عن رحيله، ولا حتى عن الإشارة إلى إمكانية رحيله»، وأضاف: «يجب أن لا تشغلنا التفاصيل الدقيقة حول عدد المراقبين وتوقيت إرسالهم، عن الصورة الكبيرة؛ وهي أن سيطرة الأسد على سوريا، لم تقلّ فقط، ولكنها أيضا زادت، بحماية مجلس الأمن الذي يركز على وقف العنف وليس على السبب الرئيسي للعنف؛ وهو حكم الأسد الديكتاتوري».

وأشار المصدر إلى تصريح كانت أدلت به هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، بأنها ما زالت تأمل - على الرغم من الأدلة المضادة – في أن مهمة أنان سوف تنمو لها جذور قوية. وقال إن هذه تصريحات من الوزيرة لا تدعو إلى التفاؤل، موضحا أن الخطوة التالية يمكن أن تكون اللجوء إلى حلف الناتو، «بعد ما يبدو أنه فشل من جانب مجلس الأمن في تخليص الشعب السوري من حكم الديكتاتور الأسد».

وقال إن كلينتون نوهت بذلك الأسبوع الماضي عندما أشارت إلى أن تركيا تملك حق طلب مساعدة من زميلاتها الدول الأعضاء في الناتو لمواجهة ما تراه اعتداءات من جانب سوريا. وإن ميثاق الحلف (الناتو) يدعو إلى إجراء مشاورات بين أعضائه عندما يشتكي عضو واحد، على الأقل، من تهديد يتعرض له.

وأشارت مصادر إخبارية أميركية إلى أن كلينتون كانت تحدثت عن دور محتمل لحلف الناتو: «يجب أن نجعل الأسد يحتار؛ بأن نضع خيارات كثيرة على الطاولة، ولا يقدر هو على أن يعرف أي خيار سنختار»، وأضافت: «لا شك أن تركيا تقدر على أن تستعمل المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة لمواجهة ضرب مواقع تركية من جانب قوات سورية».

وفي افتتاحية رئيسية لصحيفة «واشنطن بوست» أمس، عنوانها: «خطة (ب) لسوريا»، انتقدت الصحيفة «احتضان إدارة أوباما خطة سلام الأمم المتحدة غير العملية»، وقالت الافتتاحية: «الخبر السعيد الجديد الوحيد هو أن إدارة أوباما يبدو أنها بدأت النظر في البدائل».

وعن خطة أنان، التي كانت افتتاحيات الصحيفة انتقدتها مرات كثيرة خلال الأسابيع الماضية، قالت: «خطة أنان لم تحترم بأي طريقة من جانب نظام بشار الأسد. هذه نتيجة كان يمكن التنبؤ بها بالتأكيد، وهي النتيجة التي أدت إلى مقتل أكثر من ألف شخص»، وأضافت الافتتاحية: «لن تغري أبدا الدبلوماسية الأسد لوضع حد للهجمات على المدن السورية، وللسماح بمظاهرات سلمية، وللإفراج عن السجناء السياسيين. والسبب الرئيسي هو أنه غير راغب في ترك السلطة، وفي السماح بانهيار نظامه. مجرد جهود حسنة النوايا من الأمم المتحدة، وجهود مثل تلك التي كانت جاءت من جامعة الدول العربية، فقط توفر غطاء للأسد ليواصل ذبح شعبه»، وتابعت: «يجب أن تعرف الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو من تجربة بعثة المراقبين التابعين للجامعة العربية في سوريا العام الماضي أن المراقبين لن يوقفوا عنف هذا النظام، وأن هؤلاء المراقبين الجدد سوف يعوقون ويرهبون».

وكان جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، رفض يوم الجمعة الإجابة مباشرة عن سؤال حول إذا ما كانت لدى الحكومة الأميركية «خطة ب»، ستقدمها إلى مجلس الأمن إذا فشلت «الخطة أ» وهي وقف إطلاق النار، وإرسال مراقبين إلى سوريا للتأكد منه. وقال كارني إنه لن يتحدث عن «الخطة أ» و«الخطة ب»، لكنه قال: «ليست هناك حاجة لإعلان، أو تسمية في الوقت الحاضر، لكن، تأكدوا أننا نناقش الخطوات المقبلة وخيارات المستقبل مع حلفائنا وشركائنا».