العربي: المعارضة لم تطالب بالتدخل العسكري.. والاعتراف بـ«الوطني السوري» يأتي من الدول لا الجامعة

قضماني دعت للانضمام إلى المجلس.. ومؤتمر «البحر الميت» ينادي بالوحدة

متظاهرون سوريون يحملون شعارات ضد رئيس الوزراء الصيني وين جيباو بسبب سياسات بلاده الداعمة للنظام السوري. وتظاهر المعارضون السوريون في هانوفر أمس حيث يقوم جيباو بزيارة رسمية (رويترز)
TT

في الوقت الذي دعت فيه 60 شخصية سورية معارضة إلى توحيد صفوفها على برنامج مشترك في مؤتمر عقد في منتجع البحر الميت بالأردن، نفى الدكتور نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، أمس، ما يتردد عن أن المعارضة السورية تطالب بالتدخل العسكري، وقال عقب لقاء له مع وفد من المعارضة إننا التقينا وفدا من المجلس الوطني السوري وتباحثنا في الموقف الحالي، فيما يتعلق بوقف إطلاق النار وإيفاد المراقبين و(مسألة) العدة والعتاد للمراقبين الذين أوفدتهم الأمم المتحدة، والمسار السياسي الذي سوف يقوم به المبعوث المشترك كوفي أنان.

وشدد العربي على أن المجلس الوطني السوري لم يطلب منه التدخل العسكري، مشيرا إلى أن من يطلب التدخل العسكري يبحث عن طريق غير طريق الجامعة العربية، وأكد أن كل ما تحدث به مع وفد المجلس الوطني هو وقف إطلاق النار من جهة، وبدء مسار سياسي يؤدي إلى تحقيق تطلعات الشعب السوري من جهة أخرى.

وردا على ما صرحت به الدكتورة بسمة قضماني، عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري، من أن الجامعة اعترفت بالمجلس كممثل شرعي للسوريين، قال العربي إن الجامعة العربية لم تعترف بأحد، والمجلس الوطني السوري مظلة كل الفئات ونحن نتعامل معه على هذا الأساس، بناء على القرارات، أما مسألة الاعتراف فتأتي من الدول ولا تأتي من جامعة الدول العربية.

وعن الخروقات المستمرة من النظام السوري لخطة أنان، وعن إمكانية الحل، قال العربي إن خطة أنان لم تبدأ بعد والمسار السياسي لم يبدأ بعد، والذي يحاول أن يقوم به أنان هو إيفاد عدد كاف من المراقبين للتحقق، والإشراف على أنه لا يوجد استخدام عنف ولا يوجد قتل ولا نزف دماء، ثم يبدأ أنان في المسار السياسي.

وعن استنساخ المراقبين الدوليين مثل المراقبين العرب، واحتمال أن تسفر أعمالها عن النتائج السابقة نفسها، قال: لا طبعا لسبب بسيط وهو أن مهمة المراقبين العرب أجهضت في منتصف مشوارها ولم تستمر لأسباب مختلفة متعلقة بأوضاع مختلفة، ومن البداية لم يكن لدى المراقبين العرب العدد ولا العتاد الكافي، أما الأمم المتحدة فهي متخصصة في هذا الموضوع، والجامعة العربية لم تتعرض لهذا الموضوع، وليست لديها خبرة في هذه المواضيع.

وأشار إلى أن الأمم المتحدة لديها الخبرة ولديها العتاد والعدد، وسيكون لديها (إمكانية) الانتقال من مكان إلى آخر عن طريق الجو، و«هذه أمور هامة، ووجود المراقبين الدوليين (سوف) يؤدي إلى وقف إطلاق النار».

والتقى العربي الوفد السوري المعارض قبل أيام من الاجتماع الوزاري العربي الذي يعقد بالجامعة العربية نهاية الأسبوع الجاري، من أجل التشاور حول إمكانية مساهمة مهمة أنان في وقف إطلاق النار وإيجاد المناخ المناسب لإطلاق العملية السياسية.

واستغرق اللقاء نحو ساعتين. وعلقت الدكتورة قضماني للصحافيين على نتائج الاجتماع قائلة إنه كان تشاوريا، خاصة بعد قرار مجلس الأمن الذي صدر بالإجماع لإيفاد مراقبين عسكريين إلى سوريا. وأضافت أنها رحبت بهذا القرار.. «كما وعدنا بإعطاء فرص نجاح مهمة المبعوث المشترك كوفي أنان».

وطالبت المعارضة السورية خلال لقائها مع العربي بضرورة تنفيذ بنود إنقاذ الشعب السوري، وعلى رأسها وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المعتقلين، وإيصال المساعدات الإنسانية، والسماح للمتظاهرين السلميين بالتعبير عن مطالبهم.

ودعت قضماني كل قوى المعارضة السورية للانضمام إلى المجلس الوطني السوري باعتباره إطارا وطنيا يتفق فيه على كل ما يهم الوطن السوري الجديد.

وحول إمكانية نجاح المراقبين في مهمتهم، أوضحت قضماني أن العدد غير كاف، وأن المطلوب هو 3000 مراقب وليس 300 مراقب، خاصة في ظل مراوغة النظام السوري، كما طالبت بضرورة وجود مراقبين جويين، وتزويد فرق المراقبة بكل الإمكانيات التي تساعدهم على تنفيذ مهمة المبعوث المشترك بنجاح.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أوضح عبد الباسط سيدا، عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني، أن وفد المجلس السوري تناول مع الدكتور العربي عددا من المواضيع، منها مبادرة أنان والجهود المبذولة لتنفيذها، والإعداد للاجتماع التحضيري للمعارضة.

وقال سيدا: اتفقنا على موعد مقترح ربما يكون في منتصف الشهر المقبل. وحول أسباب تأجيل اجتماع المعارضة من شهر أبريل (نيسان) الجاري إلى منتصف شهر مايو (أيار) المقبل، أوضح سيدا أن الأسباب تتعلق بأمور تقنية وأخرى بانتظار نتائج تحققها مهمة كوفي أنان، وبعض الجهود التي تجري حاليا حول تصورنا لهيكلة المجلس الوطني وانخراط كل القوى المعارضة في صفوفه.

وعما إذا كانت المعارضة ستشارك في الاجتماع الوزاري العربي المقبل، أفاد عبد الباسط سيدا بأن وفدا من المجلس الوطني السوري سوف يحضر في الجامعة خلال هذا الاجتماع لتقييم التطورات والنتائج.

على صعيد متصل يلتقي محمد عمرو، وزير الخارجية المصري، اليوم (الاثنين) بوفد من المجلس الوطني السوري برئاسة برهان غليون. ويضم الوفد عددا من قيادات المجلس من بينهم قضماني، وسيدا، وأحمد رمضان.

وصرح الوزير المفوض عمرو رشدي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، بأن لقاء الوزير عمرو بقيادات المجلس الوطني يأتي في إطار جهود مصر لحث المعارضة السورية على توحيد صفوفها والانتظام في كيان واحد يطرح رؤية متفق عليها فيما بينهم بشأن مستقبل سوريا. وأضاف أن اجتماع الوزير المصري بوفد المجلس المقرر له اليوم (الاثنين) يعد استمرارا للقاءاته بكل أطياف المعارضة السورية «لاستكشاف سبل حل الأزمة ووقف العنف وحقن الدماء في سوريا الشقيقة».

وأشار المتحدث باسم الخارجية إلى تكثيف التحركات المصرية بشأن الأزمة السورية في الآونة الأخيرة، حيث سبق لوزير الخارجية الالتقاء بالسيد هيثم مناع ممثل هيئة التنسيق السورية، والتقى في القاهرة بالسيد ميشيل كيلو وقيادات المنبر الديمقراطي السوري، كما شارك وزير الخارجية الأسبوع الماضي فقط في اجتماعين دوليين حول الأزمة، وهما اجتماع لجنة المبادرة العربية في الدوحة واجتماع أصدقاء سوريا في باريس.

إلى ذلك، دعت 60 شخصية سورية معارضة إلى توحيد صفوفها على برنامج مشترك، محذرة من الأخطار والتهديدات التي تحيط بالثورة السورية التي في رأيهم تشكل فرصة تاريخية نادرة للخلاص من الديكتاتورية والفساد والاستبداد.

وأكدت هذه الشخصيات، في ختام مؤتمر «المواطنة والدولة المدنية الديمقراطية نحو توافق وطني حول دستور جديد لسوريا»، الذي عقد في منتجع البحر الميت بالأردن بدعوة من مركز القدس للدراسات السياسية وتنسيق مع المعهد الوطني الأميركي الديمقراطي، على وجوب محاربة «محاولات تطييف الثورة ومذهبتها»، مشددين على أهمية دعم الثورة والحفاظ على طابعها الشعبي – السلمي، وتفادي محاولات النظام و«بعض الجهات المتطرفة» حرف الثورة عن مسارها وأهدافها، وعدم الانجرار إلى مربعات العنف والاقتتال الأهلي.

وقال بيان لمركز القدس أمس إن ستين شخصية مثلت مختلف ألوان الطيف السياسي ومجموعات المعارضات وتياراتها، ومختلف المكونات الاجتماعية (القومية والدينية) السورية، قد ناقشت على مدى يومين محاور «أي نظام سياسي لسوريا المستقبل؟».. «الدين والدولة».. «حقوق الأفراد والجماعات».. «أسئلة الهوية والمواطنة والاندماج».. كما خصصت جلسة ختامية للبحث في عدد من المقترحات والتوصيات وملامح خريطة طريق للمستقبل، كما طرحت في المؤتمر أفكار ومداخلات كثيرة، تناولت «سبل التغيير في سوريا.. الفرص والتحديات» و«ملامح مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية».. موضحا أن المؤتمر شهد نقاشات مستفيضة اتسمت بالعمق والصراحة والجرأة في مناقشة «علاقة الدين بالدولة»، و«ووضع الأقليات في النظام السياسي السوري الجديد»، و«طبيعة نظام الحكم المناسب لسوريا». وعلى هامش المؤتمر، وقع 24 مشاركا على ما سموه «إعلان البحر الميت»، الذي تضمن دعوة لوحدة المعارضة وتعظيم «مشتركاتها» والرهان على الشعب وقواه في الداخل بوصفها «الحامل الوطني» للثورة، والحفاظ على سلمية الحراك والطابع المجتمعي الشامل، ورفض التدخل العسكري و«ضبط السلاح وإخضاعه للمرجعية السياسية» للمعارضة الموحدة، محذرا من انفراد أي طرف بأية تسوية منفردة مع النظام.. ولقد عبر البيان عن الدعم لخطة كوفي أنان ودعوة الجامعة العربية لاستئناف مبادرة توحيد المعارضة.