إطلاق النار على مظاهرة مؤيدة للشعب السوري في طرابلس وتوقيف أحد المتورطين

قوى سياسية تتهم «شبيحة الأسد» في لبنان.. والجيش يضبط شاحنة أسلحة في طريقها إلى دمشق

مظاهرة ليلية معارضة للنظام بمدينة الزبداني أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

تفاعلت حادثة إطلاق النار على مظاهرة مؤيدة للشعب السوري في منطقة أبو سمراء في مدينة طرابلس (شمال لبنان)، التي أدت إلى إصابة أربعة أشخاص بجروح مختلفة، حيث استدعت تحركا سريعا للأجهزة القضائية والأمنية للجم الوضع على الأرض، كما استتبعت باتصالات سياسية لتطويق ذيولها والحؤول دون تفاقم الأمور سلبا في ظل التشنجات القائمة. بينما اتهمت شخصيات سياسية ونيابية طرابلسية حركة «التوحيد الإسلامية» الموالية للنظام السوري، ومن سمتهم «شبيحة النظام السوري في لبنان بارتكاب هذه الجريمة».

وكانت المظاهرة انطلقت ليل أول من أمس، من منطقة أبو سمراء في مدينة طرابلس، ولدى وصولها إلى مستديرة (ميدان) الشراع، أطلق مسلحون النار في اتجاهها، فأصيب أربعة شبان نقلوا على الفور إلى المستشفى للمعالجة. وعلى أثر وقوع الحادث، حضرت إلى المكان وحدات من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وضربت طوقا أمنيا للحؤول دون تطور الأمر، وبدأت بتعقب الفاعلين.

وفي هذا الإطار، أوضح مصدر قضائي أن النيابة العامة الاستئنافية في الشمال بدأت تحقيقاتها بالحادث، وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أنه «جرى توقيف أحد المتورطين في الحادث، بينما لا يزال البحث جاريا عن ثلاثة آخرين»، مشيرا إلى أن «هناك عملا ميدانيا يتولاه الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، من أجل توقيف كل المتورطين في هذه الحادثة وإحالتهم إلى القضاء لملاحقتهم».

وقد اعتبر عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل»، النائب السابق مصطفى علوش، أن «حادثة أبو سمراء لها شقان: الأول يؤكد مدى التوتر الذي تعيشه جماعة النظام السوري في طرابلس وكل لبنان مما أدى إلى هذا التصرف، والثاني التهديد الدائم للأمن والسلم الأهلي، من خلال وجود السلاح بيد أتباع النظام الأسدي في لبنان». وأكد علوش لـ«الشرق الأوسط» أن «أحد أتباع حركة التوحيد الإسلامية يقف وراء حادثة أبو سمراء، والمؤسف أن هذه الحوادث مرشحة لتحصل في أي وقت على يد جماعات مسلحة نشرها حزب الله في مناطق عدة من طرابلس، لا سيما في الزاهرية وباب التبانة والقبة وأبو سمراء والميناء تحت مسميات مختلفة، وهي تحظى بالحماية الأمنية والتسليح والدعم المالي الكامل من حزب الله». وقال علوش: «لا حل لهذه المعضلة إلا بسحب الغطاء السياسي عن العصابات المسلحة في أي مكان كانت، وإغلاق كافة المكاتب المسلحة في طرابلس، ومنع الظهور المسلح في المدينة، وإلا فإننا سنبقى عرضة للاهتزاز الأمني ولكافة الاحتمالات».

إلى ذلك، أعلن مصدر ميداني في طرابلس أن «المظاهرة التي كانت تجوب شوارع أبو سمراء سلمية»، وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الحادث وضع برسم الجيش والأجهزة الأمنية المطلوب منها وضع حد نهائي لهذه التعديات، وإزالة كافة المربعات الأمنية التي بات من الصعب السكوت عنها». في المقابل، أعلن الأمين العام لـ«حركة التوحيد الإسلامية»، الشيخ بلال شعبان، أن «حركة التوحيد ليست طرفا في هذه الحادثة التي هي عبارة عن مشكلة فردية، سببها التحريض السياسي والإعلامي والديني القائم في مدينة طرابلس».

وقال الشيخ شعبان لـ«الشرق الأوسط»: «كانت هناك مظاهرة في منطقة أبو سمراء استعملت فيها عبارات التحريض والشتائم والإساءات، وصودف أن الحادثة وقعت في مستديرة الشراع القريبة من مقرنا، وفي محاذاة موقف للسيارات، وهي ناجمة عن تدافع بالأيدي تبعها إطلاق نار، مما أدى إلى إصابة أربعة أشخاص، اثنان منهم أصيبا بخدوش بسيطة والآخران عولجا في المستشفى، وأعتقد أن أحدهما غادر المستشفى». وأضاف: «نحن مسلمون وأهل بلد واحد، وأي خلاف من هذا القبيل يتعارض مع قيمنا الدينية والأخلاقية ولا يخدم مصلحة البلد، نحن بالأساس لسنا طرفا في ما حصل، وللصدف كان شاب قريب منا في موقع الإشكال وحصل تدافع بينه وبين أحد العسكريين فجرى توقيفه، لكن لا علاقة له بإطلاق النار».

إلى ذلك، أوقفت مخابرات الجيش اللبناني، أمس، شاحنة صغيرة محمّلة بالأسلحة في طريقها للتهريب إلى سوريا. وقالت مصادر أمنية لبنانية إن مخابرات الجيش «أوقفت في بيروت شاحنة صغيرة محمّلة بالأسلحة والقذائف المضادة للدروع وهي تتجه نحو الحدود اللبنانية - السورية، وجرى توقيف شابين لبنانيين وآخر سوري الجنسية، كانوا على متن الشاحنة المعدة للتهريب».

وفي وقت لاحق، أعلنت أمس مديرية التوجيه في قيادة الجيش اللبناني في بيان لها، أنه «في إطار الحفاظ على الأمن والاستقرار ومكافحة أعمال نقل السلاح والاتجار به، أوقفت مديرية المخابرات في منطقة بيروت المواطنين (ح.أ) و(م.أ) والمدعو (م.م) من التابعية السورية، لحيازتهم كمية من الذخائر المتوسطة والخفيفة ومحاولة نقلها بواسطة سيارة بيك آب بهدف الاتجار بها». وأوضحت أنه «قد تم تسليم الموقوفين مع المضبوطات إلى القضاء المختص».

وقد ادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي صقر صقر، على الموقوفين الثلاثة بجرم «شراء أسلحة وبيعها والمتاجرة بها وتهريبها إلى سوريا سندا إلى المادة 72 أسلحة، التي تنص على عقوبة السجن لمدة سنة»، وأحالهم إلى قاضي التحقيق العسكري الأول لاستجوابهم وإصدار مذكرات توقيف بحقهم.