العاهل الأردني يحدد أولوية الحكومة الجديدة في استكمال مسيرة الإصلاح

مسيرات سلمية تطالب بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة

اردنيون في مسيرة مساندة للحكومة يعرضون صورة للملك الأردني عبد الله الثاني في عمان أمس (إ.ب.أ)
TT

حدد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أولوية الحكومة الجديدة، برئاسة فايز الطراونة، في استكمال مسيرة الإصلاح بمختلف جوانبه، السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

وقال الملك عبد الله الثاني في كتاب التكليف الذي وجهه، أمس (الجمعة)، إلى رئيس الوزراء المكلف، فايز الطراونة، إن «تكليف هذه الحكومة لفترة انتقالية محددة مرهون باستكمال إنجاز منظومة القوانين والتشريعات الإصلاحية السياسية وإخراجها إلى حيز التنفيذ». وأوضح أن الهدف من هذه المسيرة يتمثل في التمكن من إجراء الانتخابات النيابية، وما يترتب على ذلك من الاستحقاقات الدستورية القائمة على الفصل بين السلطات، وإطلاق الحريات، وترسيخ المسيرة الديمقراطية بالبلاد، وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرار.

وأضاف أن رؤيته ترتكز على عدة محاور، يتمثل أولها في الالتزام بمبدأ الفصل بين السلطات، بحيث تكون العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في أعلى مستويات التعاون والتنسيق، والحرص الحقيقي على إنجاز القوانين والتشريعات التي تشكل «أساس مسيرتنا الإصلاحية».

وأشار إلى أن المحور الثاني يتمثل في الإسراع في تشكيل الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات وإدارتها، مشددا على ضرورة أن يضمن قانون انتخاب مجلس النواب تمثيلا حقيقيا لجميع الأردنيين على اختلاف توجهاتهم الفكرية والسياسية، «مع مراعاة تحقيق أكبر قدر من العدالة في التمثيل، على أن يتم كل ذلك في أسرع وقت ممكن، تمهيدا لإجراء الانتخابات، فور الانتهاء من اتخاذ الإجراءات والترتيبات اللازمة لذلك، قبل نهاية هذا العام».

كما أكد ضرورة تحديد موعد قريب لإجراء الانتخابات البلدية، لتفعيل مبدأ الحكم المحلي. وتابع أن المحور الثالث يتعلق بضرورة استناد إنجاز القوانين الإصلاحية السياسية إلى التواصل مع مختلف مكونات واتجاهات الطيف المجتمعي والسياسي الأردني، «وصولا إلى أكبر قدر من التوافق الوطني على هذه القوانين المحورية، فهي التي ستحدد مستقبل الأردن في القادم من السنوات». وأكد العاهل الأردني أيضا ضرورة تلازم الإصلاح السياسي والاقتصادي، باعتباره إحدى الركائز الراسخة في نهجه الإصلاحي، داعيا إلى بلورة سياسات اقتصادية وتنموية محورها الأساس المواطن.

وأشار إلى أن التصدي لكل حالات وشبهات الفساد يندرج ضمن توجهات الإصلاح الاقتصادي، مؤكدا على ضرورة تحويل قضايا الفساد إلى القضاء ليقول كلمته فيها، «حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة». وخلص إلى أن المرحلة التاريخية التي يمر بها الأردن في طريقه نحو التحديث والديمقراطية، تتطلب الاستمرار في التعامل الحضاري مع كل «مظاهر الاحتجاج والمطالبات باستيعاب وتفهم لدوافعها».

إلى ذلك طالب المشاركون في مسيرة سلمية وسط العاصمة الأردنية عمان، أمس، بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة «وفق قانون يمهد للوصول إلى حكومات برلمانية منتخبة». وحمل المشاركون في هذه المسيرة، التي تأتي بتنظيم من أحزاب المعارضة والحركة الإسلامية، بالتنسيق مع حركات سياسية شبابية وشعبية، تحت شعار «جمعة الوطن»، بشدة على مجلس النواب الحالي، مرددين شعارات تنتقد «سرعة إغلاق المجلس لقضايا الفساد»، وما وصفوه بـ«المماطلة في السير بعملية الإصلاح». كما دعوا إلى العمل على «تغيير السياسات لا الحكومات»، مطالبين بضرورة تحقيق الإصلاح السياسي الشامل وبالحرية والعدالة الاجتماعية ومحاربة جميع أشكال الفساد.

وانتقد المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين بالأردن، سالم الفلاحات، في كلمة ألقاها في ختام المسيرة «قرارات المجلس»، منتقدا أيضا «أداءه وسرعة إغلاقه ملفات الفساد التي أثارت الرأي العام، وطريقة تبرئة جميع المتورطين فيها»، معلنا عن رفض الحركة الإسلامية لقانون الانتخابات الجديد.

من جهته، طالب أمين عام حزب البعث العربي الاشتراكي، أكرم الحمصي، بتشكيل حكومات برلمانية، معتبرا أن مجلس الأمة (البرلمان) «لا يسير وفق مصالح المجتمع وتطلعاته ومستقبله».

وتأتي هذه المسيرات بعد يوم من تكليف فايز الطراونة لتشكيل حكومة جديدة، عبرت هتافات المشاركين فيها عن استيائهم من اختيار الطراونة رئيسا للوزراء معتبرين أنه أحد الفريق الوزاري الذي أسقطته هبة أبريل (نيسان).

واعتبر المشاركون في المسيرة تغيير 4 حكومات في عام واحد ليس سوى أسلوب لتشتيت أفكار وهروب النظام من الإصلاح، على حد قولهم.

وانتقدت المسيرة أداء مجلس النواب بالتعامل مع قضايا الفساد التي أثارت الشعب وإغلاق ملفاتها. وهتف المشاركون: «اسمع كان يا ما كان.. كان في عنا برلمان.. فيه 111 جبان.. منحو العفو بالمجان» و«بالأردن عنا دكان.. بسموه برلمان» و«مش تغيير شخصيات.. بدنا تغيير السياسات» و«الخصاونة راح راح بطل قادر عالإصلاح» - «يا طراونة اسأل عون.. كيف الشرعية بتكون» و«إذا الشعب ما اختارك.. ما رح تفرض قرارك» و«راح رئيس واجا رئيس والقصة هي هي» و«حكومة تجويع الناس.. ما عندهم ذرة إحساس».

وبالتزامن مع المسيرة التي دعت إليها أحزاب المعارضة خرجت مسيرة ولاء وانتماء نظمها تجمع شباب الولاء والانتماء للرد على تصريحات عضو المكتب السياسي في حزب جبهة العمل الإسلامي زكي بني رشيد الذي بدوره اعتبرهم مدفوعي الأجر من قبل النظام للخروج بالمسيرات.

وأصدر تجمع شباب الولاء والانتماء بيانا اعتبروا فيه «الإخوان المسلمين» هم من يتبلطجون على الدولة بفرض أجنداتهم المشبوهة تحت اسم «الدين». ووصف البيان أسلوب أحزاب المعارضة ومسيراتهم وتعطيل مصالح الناس والإضرار باستقرار الوطن تحت غطاء محاربة الفساد بـ«الحقير». كما شهدت مناطق الشوبك ومعان والمزار الجنوبي والكرك جنوب الأردن مسيرات سلمية ووقفات احتجاجية ومهرجانات خطابية، نظمها الحراك الشبابي والشعبي، شدد المشاركون فيها على ضرورة حل مجلس النواب، منتقدين أداءه الذي اعتبروه «مخيبا لآمال وطموحات الشعب الأردني».

واعتبر المشاركون في هذه الفعاليات أن مجلس النواب الحالي «يسعى إلى تحقيق المزيد من المكاسب الشخصية لأعضائه في تحد صارخ لإرادة الشعب»، مطالبين بـ«حله وإلغاء كل ما قرر من امتيازات، بعد أن تناسى هموم المواطنين والوطن».

وكان الحراك الشبابي والشعبي الأردني قد أعلن أول من أمس عن تنظيم مسيرات واعتصامات سلمية موحدة اليوم في 10 مناطق ومحافظة، ردا على قرارات مجلس النواب بتبرئة بعض من اتهموا بالفساد.

يذكر أن الأردن يشهد منذ مطلع العام الماضي مسيرات سلمية شعبية للمطالبة بالإصلاح الشامل ومحاربة الفساد.