كتيبة «الرجل البخاخ» تملأ جدران دمشق بالكتابات المعارضة

يحاربون الأسد بالكلمة في عقر داره.. والنظام يحظر بيع الدهانات

شاب سوري يتحدى النظام بالكتابات الجدارية في أحد أحياء دمشق (يوتيوب)
TT

بعد أن اتخذت الثورة في سوريا طابعا مسلّحا تجلى بعمل الجيش السوري الحر، ارتبطت كلمة كتيبة في أذهان السوريين بمجموعة من الجنود الذين انشقوا عن الجيش النظامي والتحقوا بالثورة. لكن مجموعة من الشبان الدمشقيين المؤيدين للحراك الثوري أعطوا هذه الكلمة معنى آخر حين أنشأوا «كتيبة الرجل البخاخ» المتخصصة بكتابة الشعارات المعارضة للنظام السوري على جدران العاصمة دمشق وفي أحيائها المختلفة، شعارات من قبيل «يلعن روحك يا حافظ»، «الشعب يريد إسقاط النظام»، «ارحل»، «يسقط الأسد»، «الجيش السوري الحر قادم»، «سنة حلوة ثورة..».

وتتركز نشاطات المجموعة في أحياء دمشق القديمة، في الميدان وباب سريجة والشوريكة، إضافة إلى الشوارع والأزقة التي تحيط بالجامع الأموي. ويعود سبب اختيار هذه الأحياء إلى «ضيق المساحة فيها وعدم قدرة قوات الأمن على الوجود داخل شوارعها لوقت طويل»، كما يقول أحد أعضاء المجموعة. ويضيف: «عملنا يهدف إلى فضح ممارسات النظام وقمعه العنيف ضد مدن وقرى سوريا، والتعبير عن رغبة الناس التي يكبحها الأمن والمتمثلة بدعوة هذا النظام المجرم إلى الرحيل عن البلاد».

ويشير عضو كتيبة الرجل البخاخ إلى أن «هذا الأسلوب قد اعتمده الكثير من الناشطين في سوريا منذ بداية الثورة من أجل التعبير عن رغبة الشعب بالتغيير، لكننا في المجموعة نحاول أن نوحد صفوفنا وننظم عملنا، فحين يقوم شخص واحد بهذه المهمة من السهولة أن يقع بيد أجهزة الأمن، أما إذا كنا مجموعة يصبح أمر اعتقالنا صعبا». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن عملهم لا يقتصر على الكتابة على جدران الأحياء، وإنما يشمل أيضا توزيع المنشورات المعارضة، ورميها في كل مكان. ويضيف: «في يوم واحد ملأنا جميع الشوارع المحيطة بالجامع الأموي بالكتابات المنددة بالأسد والمطالبة برحيله».

أسلوب الكتابة على الجدران الذي استخدم خلال اندلاع جميع حركات الاحتجاج في العالم، لا سيما الثورات العربية الراهنة، يُستخدم في سوريا من قبل ناشطين معارضين بحذر شديد، خوفا من التعرض للاعتقال والتعذيب، وربما التصفية، في مراكز الأمن. ويقول ناشطون إن «قوات الأمن قتلت محمد راتب النمر الذي اشتهر بكتابة شعارات معادية للنظام الحاكم على الكثير من جدران مدينة حمص»، ويضيفون: «كما اختفى الطالب الجامعي أحمد الخانيجي، خريج كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية، في ظروف غامضة من منطقة (باب شرقي) بتاريخ الثامن من الشهر الحالي، بعد أن شاهده الناس مطاردا من قبل أفراد من الشبيحة يحملون سكاكين وعصيا».

ويكشف أحد الناشطين من دمشق أن أجهزة الأمن السورية قامت وبعد اعتماد الكثير من الناشطين هذا الأسلوب للتعبير عن معارضته للنظام الحاكم، بإعطاء أوامر صارمة لجميع محلات بيع الدهانات ومواد «البخ» بعدم بيعها، إلا في حال التحقق من الأوراق الثبوتية للمشتري.

يُذكر أن شرارة الثورة في سوريا قد اندلعت بعد قيام مجموعة من الأطفال في مدينة درعا بكتابة شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» على جدار مدرستهم، مما استدعى اعتقال الأطفال من قبل أجهزة الأمن وتعذيبهم، وخروج مظاهرات شعبية تطالب بإطلاق سراحهم تطورت بسبب قمع النظام، إلى شعارات تطالب برحيل الرئيس.