مصادر مصرية: مشاورات البرلمان و«العسكري» حول الحكومة لن تؤدي لإقالتها

خلافات بين النواب الإسلاميين أضعفت موقف «الإخوان» ضد وزارة الجنزوري

TT

قالت مصادر مصرية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أمس إن مشاورات البرلمان والمجلس العسكري الحاكم حول حكومة الدكتور كمال الجنزوري، لن تؤدي لإقالتها، مشيرة إلى أن خلافات بين النواب الإسلاميين أضعفت موقف حزب جماعة «الإخوان» المتحفز ضد وزارة الجنزوري، لإقالتها، منذ عدة أسابيع.

وأضافت مصادر بمجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان) أمس أن وفدا من المجلس بحث مع «العسكري» تداعيات الأزمة القائمة بين البرلمان الذي يهيمن على الأغلبية فيه قوى إسلامية، والحكومة التي ينتمي وزراء منها لفترة حكم مبارك، وسبل حل هذه الأزمة. وتطالب أكثرية البرلمان من نواب جماعة الإخوان المسلمين، بحل الحكومة، إلا إن الإعلان الدستوري المعمول به حاليا في البلاد، لا يعطي هذا الحق للبرلمان، مما أدى إلى خلافات بين نواب البرلمان أنفسهم خاصة نواب التيار الإسلامي (جماعة «الإخوان» والسلفيون).

ولا تقدم الحكومة برنامج عمل يوافق عليه البرلمان أو يرفضه كما يحدث في النظم البرلمانية، ولكن في مصر، حيث النظام رئاسي، تكتفي الحكومة بتقديم بيان يقوم البرلمان بدراسته وإعداد تقارير عنه من جانب لجانه المختصة، وإقراره أو الاكتفاء بانتقاده أو رفضه. ووفقا للائحة البرلمانية، يمكن للبرلمان سحب الثقة من الحكومة، أو من أحد وزرائها، وهو ما تستند عليه قيادات جماعة «الإخوان»، إلا أن هذه اللائحة مستمدة من دستور 1971 الذي عطله الجيش عقب توليه المسؤولية بعد سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك مطلع العام الماضي.

ويقول المراقبون إن استمرار عدم القدرة على وضع دستور متكامل قد يتسبب في كثير من الخلافات بين سلطات الدولة الثلاث؛ التشريعية والتنفيذية والقضائية.

وقالت المصادر البرلمانية إن الوفد البرلماني التقى مع المجلس العسكري، ومع عدد من الوزراء في حكومة الجنزوري لكن اللقاء لم يسفر عن جديد، وسط تمسك السلطة التنفيذية بحقوقها في الإعلان الدستوري التي من بينها عدم أحقية البرلمان في إقالة الحكومة أو أي من وزرائها. وكان البرلمان علق أعماله الأسبوع الماضي، ولمدة أسبوع، احتجاجا على استمرار وزارة الجنزوري، متهمين إياها بعدم الجدية في العمل مما تسبب في الإساءة لدور البرلمان.

ومنذ بدأت الأزمة بين البرلمان والحكومة الأسبوع الماضي، تقول وزارة الجنزوري إن الجهة الوحيدة التي تملك حق إقالتها هو المجلس العسكري، بناء على النصوص الواردة في الإعلان الدستوري الذي يقول إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتولى إدارة شؤون البلاد، وله في سبيل ذلك مباشرة عدة سلطات منها «تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم، وإعفاؤهم من مناصبهم».

وقالت مصادر مصرية مطلعة أمس إن رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، المشير محمد حسين طنطاوي، بحث مع رئيس مجلس الشعب، سعد الكتاتني، سبل حل أزمة البرلمان مع الحكومة وطرق حلها «بما لا يؤثر على أعمال السلطة التنفيذية، خاصة أن البلاد مقبلة على انتخابات رئاسية، وكذا اقتراب موعد تسليم السلطة من الجيش إلى رئيس منتخب». وقال وزير شؤون البرلمان، المستشار محمد عطية، إن أزمة سحب الثقة من الحكومة انتهت، خاصة أنه لم تتبق سوى أسابيع على بقاء الحكومة. وأضاف في تصريحات لوسائل إعلام محلية أمس إن الحكومة ومجلس المحافظين (محافظو المحافظات) سيتقدمان باستقالتيهما إلى رئيس الجمهورية عقب انتخابه.

وأضافت المصادر أن المشاورات بين وفد البرلمان والمجلس العسكري تطرقت إلى عدد من الموضوعات العالقة سياسيا وأمنيا وقانونيا، من بينها الانتخابات الرئاسية المقرر لها 23 و24 من مايو (أيار) الحالي، والاشتباكات التي جرت في محيط وزارة الدفاع يوم الجمعة الماضي، والموقف القانوني لانتخابات البرلمان و«مدى دستورية القانون الذي جرت به هذه الانتخابات قبل خمسة أشهر». وضم الوفد البرلماني الكتاتني وممثلي غالبية الأحزاب التي لها نواب في البرلمان. يأتي هذا في وقت قالت فيه مصادر حكومية إن الدكتور الجنزوري واصل أمس أنشطته «التي يحتاجها الوطن في هذه الظروف العصيبة»، وأنه كان من بين هذه الأنشطة لقاءات عقدها مع نواب من البرلمان ينتمون إلى عدة أحزاب في محافظتي الإسكندرية ومطروح غرب القاهرة، بينما قاطعها نواب حزب جماعة «الإخوان» (الحرية والعدالة).

وتابعت المصادر قائلة إن لقاءات الجنزوري مع نواب ينتمون إلى أحزاب إسلامية (ليس من بينها «الإخوان») وغير إسلامية، شارك فيها نواب من التيار السلفي، ووزراء؛ منهم وزراء البترول والنقل والتخطيط والتعاون الدولي والإسكان والري والمالية والصحة التموين والتعليم العالي، إضافة إلى محافظي الإسكندرية ومطروح.

وقالت إن اللقاء عقد في المقر المؤقت لرئيس الوزراء في شرق القاهرة، و«كان لقاء وديا، ويثبت أن الحكومة يمكن أن تواصل تعاونها مع البرلمان»، وفقا للمصادر نفسها التي أضافت أن الدكتور الجنزوري أمر الوزراء المعنيين بالتوجه لحضور جلسة البرلمان أمس (الأحد) للرد على استفسارات النواب، وأنه «هو (الجنزوري) نفسه قد يشارك في إحدى الجلسات هذا الأسبوع».

ولا يمثل حزب جماعة «الإخوان»، وحده، أغلبية مؤثرة تحت قبة مجلس الشعب. ويعتمد في إخافة السلطة التنفيذية على تحالفه مع أحزاب إسلامية وغير إسلامية، لكن هذا التحالف، وفقا للمصادر البرلمانية، تضرر بشدة، إلى درجة تراجع عدد كبير من النواب المنتمين إلى تيارات أخرى من غير «الإخوان»، أعلنوا صراحة أنهم لا يدعمون طلب إقالة الحكومة في الوقت الراهن، وأنه يمكن الانتظار إلى حين انتهاء الفترة الانتقالية بنهاية الشهر المقبل.

وفي ضربة لموقف «الإخوان» المتشدد والداعي لإقالة الحكومة، أعلن حزب النور السلفي الذي يحوز نحو ربع مقاعد البرلمان أمس رفضه سحب الثقة من حكومة الجنزوري، مقترحا أن يتم تشكيل حكومة تسيير أعمال تكون بمثابة حكومة داخل الحكومة الحالية تتسلم أعمالها عقب نهاية الفترة الانتقالية، وفقا لما بثه موقع «اليوم السابع» المصري الإخباري على الإنترنت، الذي نقل عن محمد نور، المتحدث باسم حزب النور: «الوضع الحالي في مصر لا يتحمل إثارة العديد من القضايا والمشكلات، ولذلك لا نطالب بسحب الثقة خلال الفترة الحالية».