سوريا تبدأ الانتخابات البرلمانية اليوم.. ولا أحد يهتم

الأسد يظهر في زيارة خاطفة لنصب الجندي المجهول.. وناشطون: على من يضحك النظام؟

لافتتات المرشحين للانتخابات النيابية بدأت تنتشر بالشوارع رغم إحجام أغلب السوريين عن الانتخاب (أ.ف.ب)
TT

بينما يسعى النظام السوري اليوم، من خلال انطلاق الانتخابات البرلمانية، لتوصيل رسالة خارجية مفادها أن الأوضاع في سوريا مستقرة وأن عملية الإصلاح السياسي تجري على قدم وساق، أكد أغلب الناشطين السوريين أنهم غير مهتمين بمتابعة ما قالوا إنه «عرض مسرحي هزلي لمشاهد واحد هو (الرئيس السوري بشار) الأسد، وربما يشاهده بعض مناصريه».

وظهر أمس الرئيس السوري بشار الأسد على شاشة التلفزيون الرسمي السوري خلال زيارة خاطفة لنصب الجندي المجهول في جبل قاسيون بدمشق، حيث قام بوضع إكليل من الزهور وقرأ الفاتحة عند النصب التذكاري، قبل أن يصافح كبار ضباط الجيش الذين حضروا المراسم، وذلك في «ذكرى الشهداء»، حيث يحيي المواطنون في سوريا ولبنان ذكرى أبطال قوميين في البلدين أعدمهم الوالي العثماني جمال باشا، بحسب ما نقلته الوكالة السورية للأنباء (سانا).

وعلق ناشط سوري من دمشق ساخرا: «قتل آلافا من شعبه بيديه ويد شبيحته، ثم خرج لوضع أكاليل من الزهور على قبر جنود قتلهم العثمانيون منذ عشرات السنين!! أي مهزلة تلك؟»، وأضاف أن «الأسد يحاول من خلال هذا الظهور أن يطمئن تابعيه للخروج غدا (اليوم) لإضفاء شرعية وهمية على الانتخابات النيابية.. من أجل إكمال المسرحية الهزلية التي يسميها بالإصلاح».

وتابع الناشط، الذي طلب تعريفه باسم «علي الدمشقي»، قائلا لـ«الشرق الأوسط» عبر إحدى الوسائط الاجتماعية، أن «بشار يصطنع كل ذلك لتوفير مجال لحلفائه - روسيا والصين - من أجل التعلل بوجود إصلاح سياسي، مما يمكنه من الحصول على مهلة جديدة، وينقذ ماء وجه الدولتين أمام المجتمع الدولي المطالب بإجراءات أكثر شدة تجاه الأسد».

وبينما تشير شعارات تتبناها الحكومة السورية وتذيعها عبر وسائل الإعلام المملوكة لها، إلى أن «التصويت واجب وطني، ويجب علينا جميعا التصويت لصالح وحدة البلاد»، أكد عدد كبير من قوى المعارضة مقاطعتها الفعاليات الانتخابية.

وبين أكثر من 7 آلاف مرشح؛ بينهم 710 سيدات بنسبة نحو 10 في المائة، من المفترض أن يحدد نحو 14 مليون سوري مقيدين بجداول الناخبين أصحاب الـ250 مقعدا الفائزين في الانتخابات النيابية الحالية التي تم تأجيل إجرائها من مايو (أيار) الماضي، إلى فبراير (شباط)، ثم إلى اليوم، نظرا لما تشهده سوريا داخليا من احتجاجات. وأشارت وكالة الأنباء السورية الرسمية إلى أن مراكز الاقتراع سيتم فتحها للناخبين بدءا من الثامنة صباحا بتوقيت دمشق. وصرح وزير الإعلام السوري عدنان محمود أمس أن «التلفزيون السوري سيغطي الانتخابات بالبث المباشر من نحو خمسين موقعا في البلاد، إلى جانب وجود ما يزيد على 200 وسيلة إعلامية عربية وأجنبية، بالإضافة إلى مائة شخصية سياسة وفكرية وحقوقية وإعلامية من دول عربية وأجنبية ستكون موزعة على المراكز الانتخابية للاطلاع على حسن سير العملية».

وبينما تسيطر الجبهة الوطنية التقدمية، وهي تجمع لأحزاب سياسية برئاسة حزب البعث الحاكم، على 169 مقعدا في البرلمان المنتهية ولايته، مقابل 81 مقعدا للمستقلين، لا يوجد أي معارض بذلك البرلمان، في حين قالت وسائل الإعلام الرسمية إن نصف المقاعد سيخصص «للعمال والفلاحين»، الذين يسيطر حزب البعث الذي يتزعمه الأسد على نقاباتهم.

وستكون انتخابات اليوم الثالثة من نوعها منذ تولي الرئيس بشار الأسد السلطة عام 2000، لكنها الأولى في ظل نظام التعددية الحزبية المصرح به طبقا للدستور الجديد الذي صدق عليه الأسد في وقت سابق من هذا العام في إطار مجموعة من الإصلاحات تهدف على ما يبدو إلى تهدئة احتجاجات مناهضة للحكومة.

وقال الوزير محمود في تصريحات صحافية إن «السوريين من خلال المشاركة في هذه الانتخابات، يتحدون حملة الإرهاب والعدوان على سوريا الذي تشنه قوى دولية وإقليمية، متورطة في الحرب الإرهابية على سوريا».

في حين قال معارضون من حمص وحلب لـ«الشرق الأوسط» إن «النظام السوري بقيادة الأسد هو من يحاول تصدير فكرة وجود إرهابيين داخل سوريا، وكذلك خلايا تابعة لتنظيم القاعدة، وذلك حتى تمتنع الدول المتعاطفة مع الشعب السوري عن مدهم بالسلاح خشية تحول سوريا إلى أفغانستان أخرى».

وقال ناجي طيارة عضو المجلس الوطني السوري المعارض لوكالة الأنباء الألمانية أمس: «بالنسبة لنا؛ لا النظام، ولا المرشحون، ولا الانتخابات تعنينا»، فيما قال الناشط السوري محمد الأتاسي إن «البلاد في حالة حرب تقريبا، وهذا النظام يريد أن يجري انتخابات لتحسين صورته.. إن هذا جنون». وحسب رأي الأتاسي، فإن الأحزاب الجديدة تخدم أغراض نظام الأسد، وأضاف: «إنهم يتنافسون في الانتخابات لإعطاء العالم انطباعا كاذبا بأن سوريا لديها تعددية سياسية.. إن هذه الانتخابات مسرحية هزلية ببساطة».