تصاعد الخلافات بين قطبي التيار الإسلامي في مصر على خلفية «الرئاسة والحكومة»

«الإخوان» رفضوا وصف مرسي بـ«المرشح الاحتياطي» واتهموا السلفيين بالتنازل عن «ثوابت الشريعة»

ملصق دعائي ضخم لمرشح «الإخوان» د. محمد مرسي في أحد شوارع وسط القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

في وقت تستعد فيه مصر للدخول في مرحلة حاسمة تتعلق باستحقاق الانتخابات الرئاسية التي ستجرى نهاية مايو (أيار) الحالي، تتسع يوما بعد الآخر الهوة بين قطبي تيار الإسلام السياسي في مصر، جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين، صاحبي الأغلبية الأولى والثانية في البرلمان المصري بمجلسيه.

وقال مراقبون إن هذه الخلافات تصب في مصلحة القوى المدنية الأخرى في المجتمع، وتحد من سيطرة تيار الإسلام المتشدد على مفاصل الدولة.

وطفت خلافات بين الجانبين بقوة في الآونة الأخيرة، خاصة بعد رفض أعضاء حزب النور السلفي في مجلس الشعب، الذين يشكلون 25 في المائة من مقاعده، إلحاح حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، على تغيير حكومة الدكتور كمال الجنزوري الآن، إضافة إلى إعلان غالبية الهيئات الدعوية السلفية مع حزب النور تأييدهم للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح في الانتخابات الرئاسية، في مواجهة مرشح «الإخوان» الدكتور محمد مرسي. وهو ما أثار حفيظة جماعة «الإخوان»، التي اتهمت السلفيين، وعلى لسان متحدثها الدكتور محمود غزلان، بـ«بالتنازل عن ثوابت الشريعة الإسلامية»، وأنهم يفضلون مرشحا «لا يحمل تصورا إسلاميا متكاملا».

وبينما رفضت جماعة «الإخوان» الإساءة لمرسي ووصفه بـ«الاحتياطي»، أو «الاستبن» كما يطلق عليه شباب «فيس بوك» باعتباره جاء بديلا للمرشح المستبعد خيرت الشاطر، ذكرت الجماعة أن أبو الفتوح «يوافق على إلغاء العمل بالشريعة الإسلامية إذا رفضها الشعب، ولا يمانع من تولي مسيحي الرئاسة، كما يرفض عدم مصادرة أي أعمال أدبية حتى لو كان صاحبها يدعو إلى الإلحاد».

وأعلن عدد من التيارات الدينية السلفية، منها (حزب النور، الدعوة السلفية، الجماعة الإسلامية، حزب الوسط)، في وقت سابق، دعم أبو الفتوح. وفسر الشيخ عبد المنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة السلفية، ذلك حينها قائلا: «ترشيح (الإخوان) لمرسي جعل الإعلام يعطيه لقب المرشح الاحتياطي»، لكن في المقابل «نجد أبو الفتوح اكتسب قبولا شعبيا كبيرا»، موضحا: «من الأمور المهمة التي دفعتنا لاختيار أبو الفتوح الخوف الكبير لدى قطاعات عريضة من الشعب، ومنهم السلفيون، من استئثار جماعة واحدة بكل مفاصل الحكم بالبلاد».

ووجه محمود غزلان، المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين، ما سماه «رسالة عتاب ونصيحة» لـ«الإخوة السلفيين»، قائلا: «لقد اختار السلفيون مرشحهم للرئاسة وهذا مطلق حقهم وليس من حق أحد أن يتدخل.. ومن حقهم أيضا أن يروجوا لهذا المرشح بالطرق المشروعة التي يرونها»، لكنه استدرك قائلا: «من غير المقبول وغير اللائق أن يتنقل عبد المنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة السلفية، بين الفضائيات للإساءة والتعريض بجماعة (الإخوان) ومرشحهم محمد مرسي، حيث وصفه بالضعف، وأن المرشد سيكون هو الحاكم الفعلي للبلاد، وبأنه كان مرشحا احتياطيا».

وأضاف غزلان، في رسالة له نشرها موقع الجماعة أمس، أن «الشحات لمح إلى ما يقوله البعض على سبيل السخرية، وأنه لو كان المرشح هو المهندس خيرت الشاطر لأيده لأنه قوي ولن يستطيع المرشد التأثير فيه، بل إنه هو الذي يقود الجماعة ويوجهها، وفي هذا ما فيه من الإساءة للجماعة ولرموزها وقادتها»، مؤكدا أن «مرسي الذي يصفه الشحات بهذا الوصف السيئ كان رئيسا للكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين في الدورة 2000 - 2005، وأدى أداء جيدا، في الوقت الذي كان رأي غيرنا سلبيا في مجرد الترشح لمجلس الشعب»، وتابع: «التلميح إلى الأسلوب البذيء والساخر الذي استخدمه السفهاء واعتباره ذريعة لعدم أهلية مرسي أمر مؤسف».

وذكر غزلان تصريحات لأبو الفتوح تشير إلى تهاونه في تطبيق الشريعة الإسلامية، منها قوله: «لو يوافق الشعب على إلغاء المادة الثانية من الدستور يبقى خلاص، والمادة الثانية وهي الحكم بالشريعة ليست فرضا على الناس»، و«نحن لا نعترض على اختيار مسيحي رئيسا لمصر بالانتخاب؛ لأن هذا حق لأي مواطن بغض النظر عن دينه وعقيدته السياسية»، إضافة إلى أن «الأعمال الأدبية المختلف عليها، من حق صاحبها أن ينشرها على نفقته أو على نفقة ناشر خاص ويقول فيها ما يشاء حتى لو كان يدعو إلى الإلحاد، وفي هذه الحالة ليس من حق أحد أن يطالب بمصادرته».

ولفت غزلان السلفيين إلى أنهم رفضوا مساندة «الإخوان» في انتخابات مجلس الشعب الماضية بسبب هذه التصريحات، عندما كان أبو الفتوح واحدا منهم، باعتبار أنهم (الإخوان) «لا يحملون تصورا إسلاميا متكاملا، وأنهم يقدمون تنازلات عن ثوابت إسلامية في مقابل الحصول على مكاسب سياسية مزعومة».

وقال غزلان: «إذا كنتم تعاقبون (الإخوان) بعدم تأييد واحد منهم لوجود هذه التصريحات، فهل يجوز تأييد هذا الشخص بعينه رئيسا للجمهورية؟ علما بأن (الإخوان) استنكروا تصريحاته.. فهل بهذا يكون (الإخوان) هم الذين يتنازلون عن ثوابتهم؟ وهل هم بالفعل لا يملكون تصورا إسلاميا متكاملا؟!». وتساءل غزلان: «كيف تختارون مرشحا يقول عن نفسه بصريح العبارة إنه ليس مرشحا إسلاميا ولكنه مرشح محافظ أو ليبرالي؟».

من جانبه، قال مجد أحمد حسين، رئيس حزب العمل الإسلامي، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الخلاف بين الجانبين هو سياسي بحت من أجل تحقيق مكاسب آنية، وليست له علاقة بالشريعة الإسلامية أو ثوابتها، كما يدعي كل طرف»، مؤكدا أن المرشحين أفكارهما متقاربة، والخلاف حول نفوذ كل فصيل لدى الشارع. ورفض حزب النور، أمس، مطالبة «الإخوان» بتغيير حكومة الجنزوري. وقال أشرف ثابت، وكيل مجلس الشعب وعضو الحزب، إنه «رغم أن مجلس الشعب رفض بيان الحكومة، فإن التيار الأغلب كان يطالب باستمرار الحكومة حتى انتخاب رئيس جديد، ما عدا حزب الحرية والعدالة»، مؤكدا أن «أي تغيير وزاري الآن، حتى لو كان محدودا، عبث بمصر، وأن الأزمة بين الحكومة والبرلمان ستحل خلال أيام».