أنان يحذر من النتائج العكسية للهجمات على مصالح جميع الأطراف

إدانات دولية لتفجيرات دمشق.. وروسيا والصين ترفضان أي تدخل عسكري

الجنرال مود رئيس بعثة المراقبين عند وصوله لمكان التفجيرات التي شهدتها دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

أدانت الولايات المتحدة الهجوم الانتحاري في العاصمة السورية دمشق، والذي أسفر عن مقتل 55 شخصا. وقالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، إن «واشنطن تدين بأشد العبارات الممكنة هجمات دمشق». وأكدت أن جميع أعمال العنف التي تؤدي إلى القتل العشوائي وإصابة المدنيين هي أمر يثير الاستهجان ولا يمكن تبريره. وأضافت نولاند «من أجل منع تصاعد العنف، فإننا ما زلنا ندعو النظام السوري إلى التنفيذ الفوري والكامل لخطة كوفي أنان».

وأدان وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ التفجيرات التي وقعت في جنوب دمشق، وقال «أدين التفجيرات التي وقعت في دمشق ونجم عنها مقتل ما يفوق 40 شخصا وإصابة أكثر من 300 آخرين، أغلبهم من المدنيين. نرى مجددا أن الشعب السوري هو من يعاني نتيجة القمع والعنف، والذي يجب أن يتوقف. وكما قال كوفي أنان لمجلس الأمن في وقت سابق من الأسبوع الحالي، تقع على عاتق السلطات السورية مسؤولية تنفيذ وقف إطلاق النار بالكامل وبدء الحوار السياسي وفق خطة أنان». وأضاف أن «المملكة المتحدة تدعم عمل الأمم المتحدة والمبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وجهودهم الرامية لإنهاء العنف وتسوية الأزمة في سوريا. وبالتالي من الضروري جدا نشر بعثة المراقبة التابعة للأمم المتحدة بالكامل، وأن يتمكن المراقبون من الانتشار بأكبر عدد ممكن من المناطق، وبأسرع وقت ممكن».

وقد أدان مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان الانفجارين في دمشق اللذين وقعا صباح الخميس، واعتبرهما هجمات «غير مقبولة»، وطالب بوقف كل أشكال العنف في سوريا فورا، محذرا من النتائج العكسية لهذه الهجمات على مصالح جميع الأطراف.

وقال أحمد فوزي، المتحدث باسم أنان، في بيان صحافي، إن «المبعوث الأممي يدين بأقصى العبارات الهجمات التي وقعت في وقت سابق صباح الخميس في دمشق، ويشعر بالحزن بسبب الخسائر في الأرواح الناجمة عن الانفجارين، ويقدم تعازيه لأسر الضحايا»، مؤكدا أن «هذه الأفعال البغيضة غير مقبولة، وأن العنف في سوريا يجب أن يتوقف».

وكرر أنان نداءاته إلى جميع الأطراف في سوريا إلى الالتزام بوقف العنف، وقال «إنني أدعو جميع الأطراف لتجنب المزيد من إراقة الدماء وحماية المدنيين، وقد عانى الشعب السوري بالفعل أكثر من اللازم». وحذر من تصعيد التوتر قائلا «أي أعمال لتصعيد التوتر، وزيادة مستويات العنف، ستكون لها نتائج عكسية على مصالح جميع الأطراف».

ومن جانبها طالبت الحكومة السورية مجلس الأمن الدولي أمس بـ«تحمل مسؤولياته في محاربة الإرهاب الذي تتعرض له» و«التصدي للدول التي تشجعه وتحرض عليه».

وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأن وزارة الخارجية أكدت في رسالة إلى مجلس الأمن أن هذين «التفجيرين الإرهابيين المدمرين» هما دليل على أن «سوريا تتعرض لهجمة إرهابية تقودها تنظيمات تتلقى دعما ماليا وتسليحا من جهات أعلنت تأييدها لهذه الجرائم الإرهابية والتشجيع على ارتكابها».

وأضافت الخارجية السورية في الرسالة التي أرسلتها إلى كل من رئيس مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن الحكومة السورية «تأمل من مجلس الأمن تحمل مسؤولياته في محاربة الإرهاب الذي تتعرض له والتصدي لتلك الدول التي تشجع وتحرض على الإرهاب». واتهمت دمشق في رسالتها تركيا وليبيا بالاسم بدعم «المجموعات الإرهابية»، كما اتهمت دولا أخرى لم تسمِّها.

وقالت: «لقد برهنت سفينة (لطف الله 2) التي أوقفها الجيش اللبناني على قيام ليبيا وتركيا بالتعاون مع دول أخرى بإرسال أسلحة فتاكة إلى المجموعات الإرهابية لممارسة القتل والدمار». وطالبت دمشق في رسالتها مجلس الأمن «باتخاذ إجراءات ضد الدول والأطراف وأجهزة الإعلام التي تمارس الإرهاب وتشجع على ارتكابه»، مؤكدة «تعاونها التام مع بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا لكشف الأطراف التي تمارس الإرهاب والعنف وتسعى بكل السبل لإفشال خطة المبعوث الدولي أنان».

من جانبه، أطلق رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال روبرت مود نداء للمساعدة على وقف أعمال العنف في سوريا. وقال مود في تصريحات للصحافيين أثناء وجوده في موقع التفجيرين «أدعو الجميع في سوريا وخارجها إلى المساعدة على وقف أعمال العنف هذه». وأضاف «هذا مثال آخر على ما يعانيه الشعب السوري من أعمال العنف، وقد شاهدنا هذه الأعمال في دمشق وفي مدن وقرى أخرى في سوريا». وعبر الجنرال مود عن تعازيه لمن فقدوا أعزاء لهم في هذا الحادث المأساوي، وإلى كل الشعب السوري الذي يعيش حوادث مأساوية مماثلة بشكل يومي منذ عدة أشهر.

ومن دون أن يوجه اتهامات أي جهة محددة، قال الجنرال مود «أتوجه لكل من يدعم ويقف وراء تلك التفجيرات سواء داخل سوريا أو خارجها بالقول إن عليهم أن يدركوا أن هذه التفجيرات تسبب المزيد من المعاناة للسوريين، وعليهم أن يتوقفوا عن ذلك، وإعطاء فرصة للسوريين للتقدم باتجاه سلمي من دون مقتل الأبرياء».

ورفض مود التعليق على تأثير تلك الهجمات على عمل المراقبين، وقال «بعثتي كما ترون هي على الأرض في سوريا، ومع الشعب السوري، ولا أعتبر ما حدث رسالة لبعثتي والمجتمع الدولي على الأرض في سوريا».

بدوره، حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون المجتمع الدولي من التصاعد المزعج للهجمات في سوريا، واستمرار مقتل السوريين كل يوم. وأشار مون أمام الجمعية العام للأمم المتحدة مساء الأربعاء إلى تضاؤل فرص تفادي اندلاع حرب أهلية في سوريا إذا لم يتم الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الذي ساندته منظمة الأمم المتحدة الشهر الماضي. وتوالت الإدانات من الاتحاد الأوروبي، حيث قال مايكل مان، المتحدث باسم كاثرين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي «إننا ندين بشدة الهجمات بالقنابل في دمشق صباح اليوم (أمس)، والتي يبدو أنها استهدفت إحداث أكبر قدر من الخسائر والأضرار، ونعتبر الهجمات عملا إرهابيا».

على الجانب الآخر، دعت كل من الصين وروسيا جميع الأطراف في سوريا إلى وقف العنف بعد التفجيرين في دمشق. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للصحافيين بعد محادثات في بكين صباح الخميس مع نظيره الصيني يانغ جيشي «نطلب من جميع الأطراف وقف العنف والتعاون مع مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان». واتهم لافروف شركاء - لم يسمهم - بالضلوع في زعزعة الأوضاع في سوريا، وقال «يتخذ بعض شركائنا خطوات عملية تهدف إلى تفجير الوضع في سوريا بالمعنى الحرفي والمجازي للكلمة، وأقصد هنا التفجيرين في دمشق». وأضاف «للأسف الدول التي لها تأثير كبير على المعارضة السورية تحرض الجماعات المسلحة كي لا توافق على حلول وسط واتفاقيات وتطلب منهم عدم المساومة ومواصلة إحداث المشاكل، وتدفع المتمردين للاعتقاد أن العنف سيؤدي في نهاية المطاف إلى حتمية التدخل الخارجي».

وأكد لافروف أن روسيا لن تغير موقفها من الوضع في سوريا، مشيرا إلى أنه يكمن في ضرورة وقف العنف بجميع أشكاله، ومهما كان مصدره، إضافة إلى تنفيذ خطة كوفي أنان. وشدد الوزير الروسي إلى أن موسكو ترفض بشكل قاطع أي تدخل عسكري في سوريا، مؤكدا أن مجلس الأمن الدولي لن يعطي تفويضا لعملية من هذا القبيل.

ودعا هونغ لي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، إلى إنهاء العنف. وأدان التفجيرات التي وقعت في كل من درعا ودمشق، وشدد على معارضة بكين لأي تدخل عسكري في سوريا، داعيا جميع أطراف النزاع إلى تأييد وتنفيذ خطة كوفي أنان واستكمال نشر المراقبين الدوليين.

وهاجمت صحيفة «واشنطن بوست» إدارة الرئيس أوباما، واتهمتها بالتخاذل عن الاعتراف بفشل خطة أنان رغم اقتناع الإدارة بأن الرئيس السوري بشار الأسد ليست لديه نية لإنهاء العنف أو الاستجابة لخطة أنان.