أوساط فرنسوا هولاند: روكار غير مكلف بمهمة في طهران وزيارته لها خاصة

الرئيس الفرنسي الجديد لن يغير سياسة بلاده المتشددة إزاء إيران وبرنامجها النووي

فرانسوا هولاند
TT

هل ذهب رئيس الحكومة الفرنسي الأسبق الاشتراكي ميشال روكار إلى إيران في مهمة شبه رسمية ولغرض التقريب بين باريس وطهران المتباعدتين بسبب المواقف الفرنسية المتشددة إزاء الملف النووي الإيراني؟ السؤال طرح بقوة في الساعات الثماني والأربعين الماضية في العاصمة الفرنسية، خصوصا أن زيارة روكار التي تدوم 3 أيام تأتي مباشرة بعد فوز المرشح الاشتراكي فرنسوا هولاند بالانتخابات الرئاسية وقبل 4 أيام من تسلمه يوم الثلاثاء مهماته الرسمية. وما زاد الأمر بلبلة أن صحيفة «لو فيغارو» اليمينية التي يملكها سيرج داسو، المساهم الرئيسي في شركة «داسو» للصناعات الجوية (رافال، ميراج، فالكون) كانت الأشد عنفا إزاء المرشح فرنسوا هولاند والأكثر ترويجا لمنافسه اليميني الرئيس نيكولا ساركوزي إلى درجة أن هولاند رفض إعطاء مقابلة لهذه الصحيفة رغم أنها إحدى أهم الصحف الفرنسية.

وجاء الالتباس من خبر نشرته الصحيفة يوم الجمعة على موقعها الإلكتروني تحت عنوان «روكار في مهمة في طهران» وفيه تقول إن الأخير «سيسعى إلى إعادة إطلاق العلاقات الثنائية» بين البلدين، ناسبة ذلك إلى مصادر «مقربة» من روكار.

وبحسب الصحيفة، فإن المسؤول الفرنسي السابق سيلتقي وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي ومسؤول الملف النووي سعيد جليلي. ونقلت «لو فيغارو» عن لسان ميشال دوبوا، أحد مساعدي روكار والذي يرافقه إلى طهران، أن الإيرانيين «يعرفون روكار ونحن نأمل أن تسهل الزيارة الاتصالات الأولى بين الحكومة الفرنسية القادمة وإيران». وكان دوبوا يشير بذلك إلى الوساطة التي اقترحها روكار عام 2010 للإفراج عن الجامعية الفرنسية كلوتيلد رايس التي اتهمت بـ«التجسس» وسجنت وحوكمت قبل أن تقبل السلطات الإيرانية بإخلاء سبيلها في صفقة بقيت غامضة. لكن الصحيفة تعترف أنها «تجهل» ما إذا كان روكار «يحمل رسالة» من باريس للسلطات الإيرانية.

ومنعا لأي التباس، سارعت أوساط الرئيس المنتخب إلى نفي أن يكون روكار «حاملا لأي رسالة أو مكلفا بأي مهمة» من قبل فرنسوا هولاند وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسة عن مقربين من الرئيس الجديد ومكلفين بالنشاطات الدبلوماسية. وجدير بالذكر أن الحكومة الفرنسية الجديدة لن ترى النور قبل يوم الأربعاء القادم. ووصفت مصادر هولاند زيارة روكار بأنها «خاصة وبمبادرة شخصية منه». واستباقا لأي تأويلات حول احتمال أن يكون هولاند راغبا في اتباع سياسة أقل تشددا إزاء إيران وإزاء ملفها النووي، شددت هذه الأوساط على أن موقف هولاند من هذه المسألة «معروف» وأنه «يتعين على إيران تطبيق التزاماتها الدولية ووقف نشاطاتها النووية التي لا يبدو أن لها استخدامات مدنية ذات صدقية» و«التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية».

وكانت باريس من أولى الدول التي أكدت أن البرنامج النووي الإيراني لا غاية سلمية له بل يهدف إلى إنتاج السلاح النووي. وخلال السنوات الأخيرة، التزمت فرنسا، بدفع من الرئيس ساركوزي، خطا متشددا إزاء إيران. وبحسب أحد المسؤولين الفرنسيين، فإن باريس لعبت دور «حارس الهيكل» وهي تتمسك بأن تتوقف إيران عن نشاطاتها النووية وتحديدا عمليات التخصيب وأن توقف العمل بمصنع فاردو القريب من مدينة قم حيث تتم عمليات التخصيب العالية. وهذا الموقع هو الأكثر تحصينا باعتباره مقاما في قلب جبل ما يضمن حمايته من ضربات جوية.

وأكثر من مرة، كرر الرئيس ساركوزي أنه يرفض مصافحة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد «لأنه هدد بإلغاء إسرائيل عن الخريطة». وأول من أمس، قالت مصادر من قصر الإليزيه إن فرنسا «لم تستبعد أن تقوم إسرائيل بمهاجمة الإنشاءات النووية الإيرانية قبل السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) القادم» موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في حال بينت محادثات بغداد التي ستجرى بعد 10 أيام بين مجموعة الست (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) وإيران أنها «عقيمة». وتنبه باريس من هذا الاحتمال لأن من شأنه «ضرب استقرار منطقة ذات أهمية استراتيجية» وتدافع عن مصداقية «المقاربة المزدوجة» أي تشديد العقوبات والعزل السياسي والدبلوماسي بحق إيران وترك باب الحوار مفتوحا معها.

وكانت السلطات الإيرانية التي وجهت الدعوة إلى روكار لزيارتها قد أعربت عن أملها في أن يفضي انتخاب هولاند إلى فتح «عهد جديد» من العلاقات بين البلدين. لكن الأخير ما فتئ يردد أثناء حملته الانتخابية أنه «سينتهج خطا متشددا إزاء إيران التي يشكل برنامجها النووي تهديدا حيويا لإسرائيل وللسلام في العالم».