شكوك وتضارب حول تبني جماعة تنسب لـ«القاعدة» تفجيري دمشق

إسلامي مصري لـ «الشرق الأوسط» : أبو مصعب السوري منذ إطلاق سراحه تحت الإقامة الجبرية

TT

تبنت منظمة غير معروفة على نطاق كبير بين الأصوليين, تدعى «جبهة النصرة لأهل الشام»، تفجيرات دمشق الأخيرة، كما أعلنت تبنيها عمليات سابقة حصلت خلال الأشهر الماضية في حلب، وذلك عبر أشرطة فيديو جديدة, ونشرت جماعة «جبهة النصرة» بيانا رقم 4 بثه موقع «سريا بوليتيك» الإلكتروني أمس، أعلنت فيه تبينها عملية تفجيرات دمشق.

وأسفر انفجاران انتحاريان وقعا أول من أمس عن سقوط ما لا يقل عن 55 قتيلا و372 جريحا. وقلل إسلاميون من بيان جبهة النصرة الذي حمل اسم: «المنارة البيضاء», وقال الدكتور هاني السباعي، الإسلامي المصري، لـ«الشرق الأوسط»: «إن التنظيمات الإسلامية ترى أن «الجيش السوري الحر» يقاتل تحت راية علمانية, ومن المتوقع ظهور جماعات أخرى على غرار ما حدث في العراق», مشيرا إلى أن «جبهة النصرة» ربما تكون جماعة جهادية تتلاقى أفكارها مع «القاعدة», وقد يكون هناك إسلاميون سوريون متأثرون بالأفكار الجهادية, ولكن ليسوا تحت مظلة «القاعدة». وأوضح أن «الجهاد ذروة سنام الإسلام, خطاب موجه للأمة كلها وليس محصورا على (القاعدة) فقط». وتوقع الإسلامي المصري زيادة عدد التنظيمات الإسلامية في الأراضي السورية كلما زاد بطش وتعنت النظام المتمسك بالسلطة. وقلل السباعي، الإسلامي المصري، من أهمية إطلاق سلطات الأسد سراح أبو مصعب السوري (مصطفى ست مريم نصار)، المتهم بأنه العقل المدبر لتفجيرات لندن قبل سبع سنوات، من معتقله في حلب, مشيرا إلى أن الإفراج عن أبو مصعب السوري، قيادي «القاعدة»، يبدو أنه تحذير للولايات المتحدة وبريطانيا من عواقب سقوط النظام وإدارة ظهرهما له في مواجهة الانتفاضة التي تشهدها البلاد، ولكن في الحقيقة يبدو أن أبو مصعب تحت الإقامة الجبرية, فلم يصدر بيان واحد منه أو كلمة من عائلته أو من زوجته، وهي تقيم خارج سوريا, منذ الإفراج عنه فبراير (شباط) الماضي. وفي حين يصر النظام على وجود عناصر لـ«القاعدة» في سوريا، تؤكد المعارضة أن النظام هو المسؤول الأول والأخير عن التفجيرات والمفخخات التي تهز البلاد بين حين وآخر. وانتقدت المعارضة نظام الرئيس بشار الأسد لاستخدامه «تكتيك الانفجارات في المدن بهدف ترهيب الشعب». وتبادل النظام والمعارضة الاتهامات بالمسؤولية عن الهجوم الذي عزز المخاوف من اندلاع حرب أهلية في البلاد؛ «حيث يجري انتهاك وقف إطلاق النار بانتظام منذ دخوله حيز التنفيذ في 12 أبريل (نيسان) الماضي». فيما اعتبر ناشطون أن الأمر قد يكون مفبركا، فالنظام يهدف لإثارة البلبلة والتحذير من تسليح الجيش الحر, وقال ناشطون في الشأن السوري: «ما إن تحدث تفجيرات في سوريا حتى يبادر إعلام النظام وقبل أي تدقيق أو إجراء تحقيق لوصف التفجير بأنه انتحاري ليعزز نظريته بأن (القاعدة) تنشط في الداخل السوري».

ويرى بعض الخبراء أن النظام السوري يستغل حالة عدم الوضوح هذه ليسوق روايته بأن «القاعدة» تقف وراء أعمال العنف في البلاد منذ 14 شهرا, مؤكدين أن الثورة السورية لا علاقة لها بـ«القاعدة». ويضيفون أنها مرتبطة فقط بالشعب السوري الذي لم يعد قادرا على احتمال الوضع في بلده، على غرار ما جرى في الكثير من الدول العربية التي خرج مواطنوها للمطالبة بحقوقهم. وقالت وزارة الداخلية السورية إن المفجرين الانتحاريين فجروا سيارات مفخخة بالقرب من مقر استخباراتي عسكري في دمشق. وكان هذا أكثر الهجمات فتكا منذ اندلاع انتفاضة مناهضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد في مارس (آذار) عام 2011.

وتعليقا على هذا، أعلن العميد في «الجيش السوري الحر»، فايز عمرو، الذي كان يشغل منصب مدير المدرسة الفنية الجوية في الجيش النظامي، أن «تفجيري دمشق هما من صنع وتنفيذ النظام السوري». وأكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه المجموعة إما مفبركة من قبل المخابرات السورية على شاكلة أحمد أبو عدس (الذي تبنى في شريط مسجل اغتيال رئيس حكومة لبنان الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير/ شباط 2004)، وإما مجبرة على تبني هذين التفجيرين». وقال: «أنا كضابط في الجيش السوري أعرف، وكل الضباط السوريين يعرفون أيضا، أن المخابرات السورية أخذت أساليب عمل معظم المخابرات العالمية، والدولة السورية هي دولة مخابرات من شعر رأسها حتى أخمص قدميها»، موضحا أن «هذا الأسلوب تعتمده المخابرات السورية منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي، بحيث كانت تقتل عمال التنظيفات في الطرقات بواسطة القناصات وتتهم جماعة الإخوان المسلمين بقتلهم»، مشيرا إلى أن «المنطقة التي حصل فيها التفجيران في دمشق هي أمنية مائة في المائة كما كل أحياء دمشق التي ينتشر عناصر الأمن في كل شبر منها»، مشددا على أن «أي عنصر أمن لم يقتل فيهما؛ لأن السور الذي يحيط بفرعي فلسطين والدوريات تزيد سماكته على المتر من الإسمنت المسلح، وهذان الفرعان لم يصابا بأي أذى». ولفت إلى أن «ساحة سعد الدين الجابري في حلب التي وقع فيها تفجير (أول من أمس) لا يدخلها إلا رجال الأمن، وأريد من التفجير أن يكون إنذارا لأهل حلب بأنه إذا نزلتم إلى المظاهرات فسيكون مصيركم الموت». وأكد عمرو أن «المعارضة السورية مقصرة في فضح خفايا التفجيرين الدمويين في دمشق، خصوصا أنه ظهرت في الصور جثث كانت مكبلة وسيارات أجرة». وطالب بـ«نشر أسماء الشهداء الذين أغلبهم من المعتقلين ومن المفقودين، وللأسف نجد أن المعارضة ليست فعالة في فضح هذه الحقائق».

إلى ذلك أعلن رئيس جمعية «اقرأ» السلفية في لبنان والخبير في شؤون الحركات الإسلامية، الشيخ بلال دقماق، أنه لم يسبق له أن سمع بوجود جماعة إسلامية أو جهادية باسم «جبهة النصرة» لا في سوريا ولا في غيرها من الدول العربية والإسلامية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا نخفي أن ثمة جهاديين دخلوا على خط الأحداث في سوريا، ولكن من سابع المستحيلات أن تقدم مجموعة إسلامية جهادية على تنفيذ هكذا عملية وتقتل فيها هذا الكم من الأبرياء»، مؤكدا أن «بيان هذه المجموعة لا يوحي بالثقة، وهو يحتاج إلى دليل، ولا ننسى أن النظام السوري ضليع باختلاق هذه الفبركات، وخير دليل على ذلك تفريخ الكثير من العناصر في كنفه وإرسالهم إلى العراق، وما حصل أيضا في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري عندما اتهم الأصوليون الإسلاميون فيها، وكانت نتيجة التحقيق أن النظام السوري وحليفه حزب الله في لبنان كانا وراءها».