هوس انتخابات الرئاسة يشغل المصريين عن متابعة محاكمات رموز النظام السابق

قبل أسبوعين من الحكم على مبارك.. واستمرار قضيتي «الجمل» ومجزرة بورسعيد

المرشح الرئاسي عبد المنعم أبو الفتوح بين مؤيديه في حي المعادي بالقاهرة أمس (أ.ب)
TT

«هو لسه فيه محاكمات؟!!» هكذا أجاب أحد المواطنين المصريين، ردا على سؤال وجه له بخصوص متابعته تطورات محاكمات رموز النظام السابق في قضايا قتل المتظاهرين والفساد المالي، مؤكدا أنه لم يعد يتابع أيا من هذه الأخبار الآن، ولا يعلم شيئا حتى عن مصير الرئيس السابق حسني مبارك نفسه الذي يرقد سجينا على ذمة التحقيقات، في أحد المستشفيات العسكرية بالقاهرة، في انتظار حكم يصدر بخصوصه بعد أسبوعين فقط من الآن.

ويشير مصطفى جمال، وهو يسير مسرعا صباح أمس متوجها إلى عمله في إحدى المصالح الحكومية بقطاع الكهرباء، إلى أن «الناس الآن أصبحت تركز على الانتخابات الرئاسية.. نريد رئيسا جيدا يبني البلد وكفانا بكاء على الماضي»، ويتابع: «بالطبع أريد أن آخذ حقي من هؤلاء خاصة من تورط في قتل مئات الشهداء وسرق أموال البلد، لكن مستقبل أولادي أهم».

لكن لا صوت يعلو في مصر الآن فوق صوت الانتخابات الرئاسية، التي تبدأ رسميا خلال أسبوع واحد فقط من الآن، واستهلت بانطلاق عملية تصويت المصريين في الخارج بالفعل منذ خمسة أيام. ويتطلع نحو 55 مليون ناخب مصري، يحق لهم التصويت في الانتخابات، من أصل 85 مليون مواطن، إلى اختيار رئيس جديد للبلاد، خلفا للرئيس السابق حسني مبارك، الذي أطاحت به الثورة الشعبية في 11 فبراير (شباط) العام الماضي.

ولا يكاد يخلو مقهى في مصر أو حافلة عامة من حديث حول المرشحين والانتخابات، يصل أحيانا إلى حد الاشتباك اللفظي بين المواطنين، حول انتماء كل منهم إلى مرشحه ودفاعه عنه، كما خصصت وسائل الإعلام معظم أوقاتها للحديث عن الانتخابات.

وقال السفير إسماعيل خيرت رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر أمس إن عدد المراسلين الزائرين الذين طلبوا تسجيلهم لتغطية الانتخابات الرئاسية بلغ 402 من الصحافيين والمصورين، كما بلغ عدد المراسلين المعتمدين المقيمين في القاهرة الذين طلبوا التسجيل 521 صحافيا ومصورا، في حين يبلغ عدد المراسلين الأجانب الذين طلبوا التغطية 923.

ويجوب كل المرشحين محافظات مصر للترويج لبرامجهم، التي تعج بالوعود البراقة. وحسب ما تقول يسرية محمد (51 عاما): «ما زلت متحيرة حتى الآن في التصويت لأي من المرشحين، كلهم يقولون كلاما معسولا.. أتمنى لو يتحقق أي شيء منه، لكنني أتشكك في قدرة أي منهم على ذلك»، وتتابع يسرية، وهي متقاعدة عن العمل حاليا: «لا يهمني إن كان إسلاميا أم ليبراليا أم غيرهما من المصطلحات الجديدة التي أصبحنا نسمعها كل يوم، أو حتى فلول.. أريد رئيسا يوفر لنا الغذاء والمسكن ومعاشا جيدا أستطيع أن أكمل به حياتي خاصة أنني أرملة».

وأجرى مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري، استطلاعا بشأن الانتخابات الرئاسية نشرت نتائجه أول من أمس، وشمل شريحة كبيرة من المصريين، أظهر أن 42% من المواطنين لم يحددوا بعد اختيارهم، من بين 13 مرشحا يخوضون السباق الرئاسي.

ووسط هذا الزخم السياسي، يجري في هدوء تام وبعيدا عن الأضواء، عدد من محاكمات رموز النظام السابق، حيث استأنفت أمس محكمة جنايات بورسعيد، المنعقدة بأكاديمية الشرطة بالقاهرة، محاكمة المتهمين الـ73؛ منهم مسؤولون أمنيون، في أحداث مجزرة استاد بورسعيد، التي أسفرت عن مقتل 74 شخصا من مشجعي النادي الأهلي، عقب مباراة كرة القدم بين المصري والأهلي. وقد قررت المحكمة، متابعة نظر القضية في جلسة 27 مايو (أيار) الحالي لمشاهدة الأسطوانات الخاصة بغرفة التحكم في الاستاد، كما دعت لضرورة إحضار خبير فني جديد من المصنفات الفنية لتشغيل وعرض الأسطوانات، للتأكد من سلامتها، على أن يتم السماع للشهود في جلسات متتابعة بدءا من 28 مايو الحالي.

وبينما تظاهر العشرات من أهالي الضحايا أمام المحكمة أثناء انعقاد الجلسة مرتدين الملابس السوداء، أبدى عدد منهم مخاوفه من أن يؤثر التجاهل الإعلامي للقضية على عدم أخذ حقهم، والقصاص من القاتلين.

وفي قضية أخرى، واصلت محكمة جنايات القاهرة، أمس سماع شهود النفي في قضية قتل المتظاهرين خلال أحداث الثورة، المعروفة إعلاميا بـ«موقعة الجمل»، المتهم فيها 24 من قيادات الحزب الوطني المنحل ورجال أعمال. وخلال الجلسة، قدمت المترجمة المنتدبة من وزارة العدل تقريرا لتسجيل الـ«سي دي» الخاص برجل الأعمال إبراهيم كامل، الذي يزعم دعوته أنصاره للخروج والقضاء على المتظاهرين في التحرير مساء 1 فبراير (شباط) 2011.

وبعد أسبوعين فقط، وتحديدا في 2 يونيو (حزيران) المقبل، يجد المصريون أنفسهم على موعد مع حدث كبير، وهو النطق بالحكم في قضية قتل المتظاهرين والاستيلاء على المال العام، المتهم فيها الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وعشرة آخرون؛ من بينهم نجلاه علاء وجمال، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، و6 من كبار مساعديه، إضافة إلى رجل الأعمال الهارب حسين سالم.

وبعدها بأيام، وتحديدا في 9 يونيو المقبل، تستأنف محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار مصطفي سلامة، محاكمة رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف، لاتهامه بالكسب غير المشروع وتضخم الثروات.