غليون يستجيب لمنتقديه: مستعد للانسحاب من رئاسة المجلس الوطني فور اختيار مرشح جديد

ناطقة باسم لجان التنسيق: قيادات المعارضة على المحك

TT

رد رئيس المجلس الوطني السوري المعارض برهان غليون، أمس، على الانتقادات التي أعقبت انتخابه رئيسا لولاية جديدة تمتد لثلاثة أشهر جديدة بإعلان «انسحابه من المجلس فور وقوع الاختيار على مرشح جديد، بالتوافق أو بانتخابات جديدة»، وأوضح أنه قبل الترشح الأخير «حرصا على التوافق»، مؤكدا «لن أقبل أن أكون بأي شكل مرشح الانقسام، ولست متمسكا بأي منصب». وقال غليون، الذي لاقى تجاوبا مع الانتقادات رضا معارضي ترؤسه للمجلس الوطني للمرة الثالثة منذ تأسيسه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في بيان أصدره أمس: «سأظل أعمل لخدمة الثورة من موقعي كعضو في المجلس، يدا بيد مع الشباب المقاتل، شباب ثورة الكرامة والحرية حتى تحقيق النصر»، داعيا المعارضة «على مختلف أطيافها إلى الالتقاء في أقرب فرصة للتفاهم حول وحدة العمل الوطني والخروج من حلقة التنازع والانقسام».

وكانت انتقادات عدة، تطورت إلى حد تجميد العضوية والاستقالة، تلت انتخاب غليون لرئاسة المجلس الوطني، احتجاجا على عدم ترجمة مبدأ «تداول السلطة» في رئاسة المجلس، واعتراض ممثلي جماعة الإخوان المسلمين على إعطاء فرصة لمنافس غليون المعارض السوري جورج صبرا.

وانضمت «لجان التنسيق المحلية»، التي تشكل فصيلا أساسيا في المعارضة السورية والناشطة ميدانيا وفي توثيق يوميات الثورة، إلى لائحة المعترضين أمس على نتائج الانتخابات التي جرت منذ ثلاثة أيام في روما، مهددة بالانسحاب من المجلس الوطني احتجاجا على «استئثار بعض المتنفذين في المكتب التنفيذي والأمانة العامة بالقرارات، وآخرها قرار التمديد لغليون لدورة الثالثة على الرغم من الفشل الذريع على الصعد السياسية والتنظيمية».

وكانت لجان التنسيق قد امتنعت خلال الشهرين الأخيرين عن المشاركة في أعمال المجلس الوطني، وآخرها اجتماع الأمانة العامة في روما الذي تم خلاله انتخاب غليون. وقالت في بيانها أمس: «نجد في استمرار تدهور أوضاع المجلس دافعا لخطوات أخرى، قد تبدأ بالتجميد وتنتهي بالانسحاب، في حال لم تتم مراجعة الأخطاء ومعالجة المطالب التي نراها ضرورية لإصلاح المجلس». واتهمت المجلس بـ«العجز السياسي»، منتقدة «الغياب التام للتوافق بين رؤية المجلس ورؤية الحراك الثوري، إضافة إلى تهميش معظم الأعضاء الممثلين للحراك ومعظم أعضاء الهيئة العامة للمجلس».

وحملت الناطقة باسم لجان «التنسيق» ريما فليحان بشدة على «أداء المجلس الوطني الضعيف طيلة الأشهر السبعة الفائتة». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس «لم يلب طموحات الشعب السوري ولم يخدم الثورة، بسبب الترهل في آليات عمله وضعف رئيس المجلس»، معتبرة أن المجلس «لا يزال يراوح مكانه ولم نلمس أي تقدم على الأرض».

وأشارت فليحان إلى أن «المعارضة التقليدية عموما لم تخدم الثورة السورية الشعبية، بل إنها فاقمت الأزمة»، مشددة على «وجوب مأسسة العمل في المجلس الوطني في الفترة المقبلة، وانتخاب قيادة تمثل تطلعات الشعب». وأوضحت «إننا نريد قيادة لها رؤية وخطة وتكون هي من تطرح المبادرات؛ لا أن تنتظر مبادرات من الداخل والخارج وتكتفي بالقيام بردود فعل».

وتعليقا على موقف غليون الأخير، قالت فليحان إنه «كان أجدى به ألا يترشح لمرة ثالثة في ظل الشعور العام بفشل المجلس الوطني في تحقيق أي إنجاز، وأن يعطي فرصة للآخرين»، متسائلة: «كيف سنتحدث عن ديمقراطية وتداول سلطة في الدولة السورية المقبلة إذا كنا غير قادرين على تجديد رئاسة المجلس الوطني». وشددت على أن «قيادات المعارضة السورية السياسية هم اليوم على المحك، ونحن سنتجاوزهم إن لم يكونوا على مستوى الثورة في الشارع»، مؤكدة رفض «التذرع بالحفاظ على وحدة المعارضة من أجل تبرير الاستسلام للأمر الواقع وعدم أحداث التغيير المرجو، خصوصا أننا أصبحنا في مرحلة يتوقف عليه مصير سوريا بأكمله، وتفرض أن نحاسب أنفسنا على كل خطأ».

وأوضح عضو «المجلس الوطني» أديب الشيشكلي، الذي أعلن تجميد عضويته بعد انتخاب غليون، لـ«الشرق الأوسط»، أن موقف غليون «خطوة جريئة في الاتجاه الصحيح، ولنظهر أن بإمكان من يقع في الخطأ أن يتراجع عنه، وهذا النموذج الذي نريد أن نراه في سوريا الجديدة»، معتبرا أنه «يشكل درسا للمعارضة والثورة السورية وامتحانا كبيرا للمجلس الوطني». وقال إن «المطلوب اليوم هو إعادة هيكلة المجلس الوطني وآليات عمله، لا سيما آلية الانتخاب، قبل إعادة انتخاب رئيس جديد»، مشددا على أهمية «تداول السلطة وأن يتاح لكل من يتمتع بالكفاءة والأهلية أن يترشح لرئاسة المجلس، لا أن يبقى الترشح حكرا على أعضاء المكتب التنفيذي».

وذكر الشيشكلي بأن «المعارضة السورية لم تمارس أي تجربة ديمقراطية في السابق، ومن الطبيعي أن تقع بأخطاء، لكن المهم أن يشكل ما حصل عبرة للمرحلة المقبلة»، مؤكدا أنه «لن يستمر في استقالته وأن اعتراضه ليس على غليون بشخصه، بل على آلية الانتخاب، انطلاقا من أن تجربة المجلس الوطني، يجب أن تشكل مثالا يحتذى به باعتباره الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري».

وأعاد عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني سمير نشار أمس التأكيد على أن «ترشيح جورج صبرا لرئاسة المجلس كان تكريسا لمبدأ التداول، ولما يتمتع به صبرا من مواقف وحيثيات تجعله مؤهلا أكثر من آخرين موجودين في المجلس الوطني السوري، وهو مناضل، ومن داخل سوريا، وله خبرة تنظيمية وقيادية، وينتمي إلى الطائفة المسيحية، ويرسل رسالة اطمئنان، بأن المجلس الوطني السوري والرئيس المستقبلي لسوريا يمكن أن يكون من أي طائفة سوريا، ويبدد المخاوف لدى هذه الأقلية من أن الحكم القادم بعد سقوط الرئيس بشار الأسد سيكون إسلاميا.. بل سيكون حكما وطنيا مدنيا تداوليا بين كافة مكونات الشعب السوري».

وأوضح أن «انتخاب صبرا كان سيعتبر خطوة متقدمة لـ(الإخوان المسلمين) تحديدا بأن يقبلوا برئيس ينتمي للطائفة المسيحية لقيادة الشعب السوري، لكن ما حصل كان العكس، حينما صوت (الإخوان المسلمون) ضد جورج صبرا، وأوعزوا إلى حلفائهم في التيار الإسلامي للتصويت ضده».