الدول الست الكبرى تتوجه إلى بغداد منتظرة خطوات ملموسة من إيران

وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% مسألة أساسية بالنسبة للغرب

TT

«لم يكن خيارنا.. لكننا قررنا ألا نضيع الوقت في مشاجرة حول المسألة»، هكذا وصف مصدر دبلوماسي غربي قرار عقد جولة المحادثات المستأنفة الثانية بين الدول الست الكبرى وإيران يوم الأربعاء المقبل في العاصمة العراقية. وقبول الفكرة الإيرانية لعقد الاجتماع في بغداد يأتي ضمن حرص الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا على المضي قدما في المفاوضات مع إيران، وعدم التلكؤ بسبب الاختلاف على موقع عقد الاجتماع، مثلما حدث في الجولة السابقة بعد تصريحات متبادلة حول عقدها في اسطنبول الشهر الماضي.

وقال مصدر دبلوماسي غربي إن «هناك شعورا بأهمية العامل الزمني وإبقاء الحركة» في المفاوضات. واعتبر اجتماع إسطنبول ناجحا بعد عقده في «أجواء إيجابية»، لكنه لم يخرج بنتائج ملموسة، وهو الأمر الذي لا تريد أن تكرره الدول الست، في بغداد، إذ إنها تصر على الخروج بتفاصيل ملموسة حول الخطوة المقبلة في بناء الثقة بين الطرفين. وأوضح المصدر الغربي الذي طلب عدم الكشف عن هويته «بينما الأجواء مختلفة، فإننا لم نر تغييرا جذريا في تصرفات إيران لتخفف من القلق»، وأضاف «نحن بحاجة إلى مستوى جديد من التفصيل من الإيرانيين في بغداد. ستذهب الدول الست إلى الاجتماع بحوزتها تفاصيل عما تريد أن تراه وما نحن مستعدون لإعطائه في المقابل.. ونريد أن نرى إذا كانت إيران مستعدة للمجيء بنفس المستوى من التفاصيل».

والقضية الأساسية التي تريد القوى الست معالجتها هي مسألة تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، وهو ما تقول إيران إنها تقنيا قادرة عليه، وذلك يؤهلها إلى تطوير أسلحة نووية. وأوضح المسؤول الغربي «مثلما حدث في اجتماع اسطنبول، القضية الأكثر حساسية هي تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة»، مضيفا أن على إيران أن تحدد المنشأة التي تخصب فيها اليورانيوم إلى هذه الدرجة. ومن المسائل التي تبدي الدول الست استعدادا لمناقشتها مع إيران الخطوات الملموسة التي يمكن للمجتمع الدولي أن يتخذها كحوافز في حال اتخذت طهران قرارات إيجابية لطمأنة الدول الست حول برنامجها النووي. وبينما تقول أوروبا إن قرار الحظر النفطي ما زال قائما وسيفرض في الأول من يوليو (تموز) المقبل، فإن إيران تسعى إلى إقناع الاتحاد الأوروبي بالتراجع عن هذه الخطوة. وفي الوقت الراهن، يبدو أن أوروبا ما زالت ملتزمة بالحظر، لكن هناك خطوات أخرى يمكن اتخاذها ضمن منظمة الدول الخمسة + واحد، بما فيها إمكانية تطوير برنامج تعاون مع الإيرانيين في مجال الطاقة النووية السلمية.

ومن جهته، أعلن كبير المفاوضين الإيرانيين حول الملف النووي سعيد جليلي أمس أن إيران ترفض «الضغوط» و«لن تتنازل عن حقوقها» حول سياستها النووية. وصرح جليلي في كلمة بثها التلفزيون الرسمي «إن شاركنا في المفاوضات من موقع قوة، فذلك بفضل مقاومتنا (للقوى الغربية). وهكذا تمكنا من صون حقوق الشعب الإيراني». وأضاف «لن يتنازل الشعب الإيراني أبدا عن أي من حقوقه» في المجال النووي. وتابع «أنصح المسؤولين الغربيين بعدم القيام بحسابات خاطئة»، مضيفا «يمكننا التفاوض في بغداد من أجل التعاون على أساس احترام حقوق إيران غير القابلة للتفاوض». وفي خطوة استباقية قبل اجتماع بغداد، قال جليلي إن «السبيل الذي اختارته بلاده لا عودة فيه. (الغرب) أراد الوقوف في وجه تقدم إيران في المجال النووي، لكنه فشل، فإيران اليوم بلد نووي». لكن الدول الست خاصة الدول الأوروبية والولايات المتحدة تعتبر تصريحات القادة الإيرانية «للاستهلاك الداخلي» لا تعني بالضرورة رفض التعاون.

ونفى جليلي أن تكون العقوبات والضغوط الدولية تؤثر على تصميم إيران. وأضاف «للذين قالوا إن الوقت محدود أمام الحوار جوابي هو أن الوقت أمام سياسات الضغوط على إيران هو المحدود، لأن هذا الأسلوب لم يعط النتيجة» التي كانت ترجوها الدول الغربية. إلا أن المؤشرات الاقتصادية تشير إلى تراجع شديد في العملة الإيرانية، بالإضافة إلى أن تضييق الخناق على النفط الإيراني يزيد من الضغوط على طهران للجلوس على طاولة المفاوضات والنظر بجدية إلى إمكانية حلحلة بعض المعوقات، وهذا ما تعول عليه الدول الست مع توجهها إلى اجتماع بغداد الأسبوع المقبل.