حلب تتسلم مشعل الثورة في جمعة «أبطال جامعة حلب»

أضخم مظاهرات منذ إعلان وقف إطلاق النار في سوريا.. واستمرار قصف الرستن

أحدى نقاط التظاهر ضد النظام السوري في مدينة الاتارب بإدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عشرات الآلاف من السوريين خرجوا للتظاهر أمس في جمعة «أبطال جامعة حلب» في معظم المحافظات السورية، في ما قال إنها «أضخم مظاهرات تشهدها سوريا منذ إعلان وقف إطلاق النار» في 12 أبريل (نيسان) الماضي، لافتا إلى أن مدينة حلب بالتحديد شهدت بالأمس أكبر مظاهرات منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا منذ منتصف مارس (آذار) 2011.. بينما سقط نحو 22 قتيلا أمس، حيث استمرت القوات النظامية في قصفها العنيف للرستن.

وتحدث رامي عبد الرحمن مدير المرصد، لـ«الشرق الأوسط»، عن ازدياد لافت في عدد نقاط التظاهر وعن اتساع تمددها الجغرافي، مؤكدا أن سوريا شهدت بالأمس الحراك الأكبر والأوسع، بمقابل انتشار أمني كثيف ومواجهة قوات الأمن للمتظاهرين بالرصاص في كثير من الأحيان. وقال: «أما في ما يخص مدينة حلب، فيمكن القول إن اليومين الماضيين كانا حلبيين بامتياز، إذ خرجت بالأمس عشرات المظاهرات في أحياء المدينة كما في الريف وسط حضور أمني كثيف».

بدوره، وصف الناطق باسم تنسيقيات الثورة في حلب محمد الحلبي، ما يحصل في حلب حاليا بـ«الانتفاضة الحقيقية»، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن عشرات الآلاف خرجوا بالأمس في المدينة، بما يزيد على 38 مظاهرة، وأضاف: «أعلام الثورة غطت بالأمس أغلب أحياء حلب، فخرج ما يزيد على 15 ألف متظاهر في حي صلاح الدين، بينما خرج 8 آلاف في حي الشعار».

وتحدث الحلبي عن تحولات أساسية في المدينة، إذ شاركت بالأمس أحياء الجديدة والأشرفية (الأكراد) وحي جمعية الزهراء بالحراك بشكل لافت، مشيرا إلى أن معظم المظاهرات قوبلت بالرصاص الحي، بينما هز انفجار حي الصاخور قرب جامع أبو بكر الصديق، الذي يعتبر أحد أهم مراكز انطلاق المظاهرات. واتهم الحلبي النظام بتدبيره لمنع المصلين من التظاهر.

إلى ذلك، سجلت أمس أعمال عنف جديدة في مناطق عدة من سوريا، بحيث أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن عبوة ناسفة انفجرت في حي الشعار في مدينة حلب، أسفرت عن مقتل ضابط وجرح خمسة عناصر من القوات النظامية، بينما ذكر تلفزيون «الإخبارية السورية» أن عسكريا قتل وجرح خمسة آخرون أثناء تفكيكهم عبوة ناسفة عند دوار الشعار في حلب.

وفي حمص، أفاد ناشطون بتعرض أحياء الخالدية وحمص القديمة وجوبر والسلطانية لقصف وإطلاق نار من القوات النظامية، لافتين إلى استمرار القوات النظامية بقصفها مدينة الرستن في ريف حمص الخارجة عن سيطرة القوات النظامية منذ أشهر.

وبث ناشطون صورا لما قالوا إنه قصف مستمر منذ أيام على المدينة، مما أسفر عن هدم عدد من منازل الأهالي وسقوط ضحايا، وسط حديث عن وصول تعزيزات عسكرية إضافية لقوات الجيش السوري قرب المدينة. وأظهر شريط فيديو آخر أعمدة من الدخان ترتفع من أحياء في المدينة بعد سماع أصوات انفجارات قوية، وبدت في الشريط آثار حجارة وشظايا قرب عدد من المنازل في ظل دخان أبيض كثيف، بينما يتوالى سقوط القذائف بمعدل واحدة في أقل من دقيقتين. وندد المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة بـ«صمت المراقبين الدوليين الذين لم يعملوا على وقف القصف المستمر منذ أيام على مدينة الرستن».

وفي ريف دمشق قال ناشطون إن دوي انفجارات هز كلا من دوما وحرستا وعربين، وأضافوا أن قوات الأمن انتشرت بكثافة في كفرسوسة والقابون وعدة أحياء بالعاصمة دمشق. وتحدث المرصد السوري عن خروج مظاهرات في حيي القدم والتضامن في العاصمة دمشق لنصرة داريا ودوما في الريف الدمشقي، الذي يشهد باستمرار عمليات دهم واعتقال، وتضامنا مع طلاب جامعة حلب.

وفي حماه أفاد ناشطون بمقتل طفل وجرح آخرين في قصف للجيش السوري على عدة أحياء في المدينة، ونقل المرصد عن نشطاء أن الطفل قتل إثر إطلاق نار من رشاشات ثقيلة من القوات النظامية بعد التفجير.

وفي حي الغراف بمدينة اللاذقية، قالت لجان التنسيق المحلية إن قوات الأمن اعتقلت عددا من الأشخاص، حيث تم تكبيلهم واقتيادهم إلى جهة مجهولة، وتحدثت عن اقتحام قوات الأمن السورية لبلدة خطاب في ريف حماه.ونفذت قوات الأمن السورية عمليات دهم في مدينة دوما في ريف دمشق، وفي حي الرمل الجنوبي في مدينة اللاذقية، واعتقلت عددا من الأشخاص، بحسب المرصد، الذي أفاد بانتشار قوات الأمن السورية في محيط المساجد في عدد من أحياء اللاذقية لـ«منع خروج مظاهرات». وسجل انتشار مماثل في محيط المساجد في مدينة جبلة في المحافظة ذاتها، وفي مدينة بانياس والقرى المحيطة، بحسب الناشطين.

في المقابل، أشار الإعلام الرسمي السوري إلى أن عنصرين من القوات النظامية قتلا وجرح آخرون، مدنيون وعسكريون، في انفجارات عبوات ناسفة في مدن سورية مختلفة. وذكر التلفزيون السوري أن «انفجارا وقع قرب جامع العباس في حي برزة» في العاصمة السورية، مما أسفر عن وقوع جرحى، موضحا أن العبوة التي انفجرت كانت مزروعة في كشك هاتف عمومي، و«تسببت في إصابة عدد من المارة بينهم نساء وأطفال». بدورها، قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إن الجهات المختصة أحبطت محاولة تفجير سيارة مفخخة في دير الزور وألقت القبض على المتورطين. ولفتت إلى أن «المجموعات الإرهابية المسلحة تواصل زرع العبوات الناسفة لاستهداف المواطنين وقوات حفظ النظام ووحدات الهندسة»، مشيرة إلى أنه في حماه «استشهد اليوم (أمس) عنصر من قوات حفظ النظام وأصيب ضابطان وعدد آخر من العناصر بانفجار عدة عبوات ناسفة زرعتها مجموعات إرهابية أثناء محاولة تفكيكها بين دواري البحرة والأعلاف بحماه».

وأضافت «سانا»: «أما في حلب فقد فجر إرهابيون عبوة ناسفة قرب دوار الشعار عن بعد خلال قيام عناصر من الهندسة بتفكيكها مما أدى إلى استشهاد المساعد أول حسن حسين الحاضري، وإصابة عدد من عناصر حفظ النظام، بينهم ضابط، أسعفوا إلى المشفى العسكري بالمدينة». وتحدثت وكالة الأنباء الرسمية عن «إحباط الجهات المختصة مساء الخميس/ الجمعة محاولة مجموعة إرهابية مسلحة التسلل من لبنان إلى سوريا عند معبر الزيارة شرق معبر الدبوسية بريف تلكلخ بمحافظة حمص».