مظاهرات حلب تشد أزر المعارضة السورية

المدينة تنتفض في أضخم احتجاجات.. والنظام يستخدم الرصاص الحي

صورة وزعها موقع «شام نيوز» لعناصر من «الجيش السوري الحر» تشارك في مظاهرات السوريين ضد نظام بشار الأسد في مدينة حلب، أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

تدفق أكثر من 10.000 متظاهر إلى شوارع حلب، مركز النشاط التجاري في سوريا، يوم أول من أمس، الجمعة، في إشارة إلى أن المدينة التي ظلت محتفظة بهدوئها النسبي، مع اجتياح انتفاضة شعبية أنحاء سوريا كافة، قد تحولت إلى بؤرة مظاهرات حماسية.

كانت الجامعة الكبرى في المدينة الواقعة شمال سوريا مركز مظاهرة مماثلة نظمت يوم الخميس، عندما حيت جموع الطلاب فريقا من مراقبي الأمم المتحدة، بالرقص أعلى سيارات الزائرين والتلويح بشعار حركة المظاهرات من أسطح المنازل.

وفي يوم الجمعة، كانت 3 مساجد رئيسية مركزا للتظاهر، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان الكائن في بريطانيا، حيث خرجت منها جموع غفيرة من البشر منها عقب صلاة الجمعة مطالبة بسقوط الرئيس بشار الأسد.

وجاء رد قوات الأمن على الزيادة الواضحة في الدعم المقدم لحركة الاحتجاجات السلمية ممثلا في إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع ووابل من الرصاص الحي، غير أن ذلك لم يسفر عن سقوط أي قتلى. ومع ذلك، ذكر نشطاء أن 9 أفراد قضوا في خضم أحداث العنف الحالية في مناطق أخرى من الدولة.

قوبلت اللقطات الحية التي تم بثها على شبكة الإنترنت، والتي تظهر جموع المتظاهرين في شوارع حلب، بفرحة غامرة من مقابل نشطاء المعارضة، الذين قد كانت قد ثبطت عزائمهم بشكل حاد بفعل القوة الغاشمة لقوات الأمن السورية وفشل خطة السلام المدعومة من قبل الأمم المتحدة في إيجاد حل للأزمة القائمة منذ 15 شهرا.

«لقد ظلت المعارضة لفترة طويلة في انتظار اندلاع تلك الاحتجاجات في حلب»، هذا ما قالته راندا سليم، الباحثة في «مؤسسة أميركا الجديدة». وأضافت: «لقد أتت في لحظة كان قد تحول الزخم فيها باتجاه النظام».

وتعتبر حلب مركز النشاط التجاري والطبقات الوسطى، التي يقول بعض المحللين إنها كانت بمثابة قاعدة دعم رئيسية للأسد، لأنها أفادت من الإصلاحات الاقتصادية التي تم تبنيها في السنوات الأخيرة. وهذا يحدث تحولا جليا رمزيا في الاتجاه السائد هناك، بحسب سليم، التي أضافت أن جماعات المعارضة تنسق خططا لتنظيم مظاهرات ضخمة لبعض الوقت وأن زيارة مراقبي الأمم المتحدة وفرت اللحظة المناسبة.

قالت سليم: «ظنت المعارضة ومجتمع الأعمال والتجارة أنه ما دامت حلب لا تحرك ساكنا، فلا يزال لدى الأسد أمل في إنقاذ نظامه». وأضافت: «لكن الآن، هناك احتجاجات في دمشق وحلب، وسوف يقنع هذا الشعب بأن ثمة طريقا أحادي الاتجاه للتخلص من الأسد».

وعلى الرغم من ذلك، فقد حذرت سليم من أن مثل ذلك الطريق قد يستغرق اجتيازه أعواما.

بينما قال فواز جرجس، خبير في شؤون الشرق الأوسط بمدرسة لندن للاقتصاد، إن المظاهرات لم تغير حقيقة أن السلطات والمعارضة قد وصلتا إلى طريق مسدود واضح، من خلال عجز كل منهما عن الفوز بمعركة تبدو على نحو متزايد أشبه بحرب أهلية.

وقد أعلن نشطاء عن سقوط عشرات الوفيات جراء قصف مدينة الرستن الواقعة وسط سوريا بالمدفعية الثقيلة على مدار أيام، حيث قتلت قوات المعارضة المسلحة أكثر من 20 ضابطا في وقت سابق من هذا الأسبوع. ولم يتم التحقق من صحة تلك الأخبار وغيرها من الأخبار الأخرى بشكل مستقل، بسبب معوقات تغطية الأحداث في سوريا.

وقال جرجس: «المعارضة أكثر انقساما مما نعتقد، وجهاز الأمن متماسك، وما زال النظام يؤيد فكرة أن هذا موقف أمني». وفي مقابلة مع التلفزيون الروسي هذا الأسبوع، قال الأسد إن حالة الاهتياج ناتجة عن أعمال إرهابية، وإنه لا توجد معارضة داخلية حقيقية.

وأشار الرئيس النرويجي لبعثة الأمم المتحدة غير المسلحة التي تضم 260 عضوا، أول من أمس، الجمعة، في العاصمة، دمشق، إلى أنه لن يضع حدا لحالة الاهتياج التي تجتاح البلاد إلا حل سياسي.

وقال اللواء روبرت مود في مؤتمر صحافي: «لا يمكن لأي عدد من المراقبين أن يضع نهاية للعنف، ما لم يكن هناك التزام صادق بتهيئة فرصة للحوار من جانب كل الأطراف الفاعلة الداخلية والخارجية».

وحث كلا الطرفين على إظهار «شجاعة أدبية» والمشاركة في الحوار، مستشهدا بمثال رئيس جنوب أفريقيا الأسبق نيلسون مانديلا.

* خدمة «واشنطن بوست» بالاشتراك مع «بلومبيرغ نيوز» خاص بـ«الشرق الأوسط»