نشطاء سوريون: المشكلات وانعدام الثقة تقف سدا منيعا أمام اتحاد المعارضة السورية

تيارات تطالب بتدخل عسكري غربي.. وأخرى ترى إسقاط النظام عن طريق «عسكرة الثورة» دون دعم خارجي

صورة مأخوذة من موقع أوغاريت لمظاهرة في حمص نصرة للمدن المنكوبة
TT

تحاول المعارضة السورية بكافة تياراتها منذ قيام الثورة السورية في 14 مارس (آذار) عام 2011 أن تتحد لإسقاط النظام السوري ورسم ملامح مستقبل سوريا عقب رحيل نظام الرئيس السوري، بشار الأسد؛ بينما يقول نشطاء سوريون: «إن المشكلات وانعدام الثقة تقف سدا منيعا أمام اتحاد المعارضة السورية، ويرى مراقبون أن عامل الاتفاق بين المعارضة لا يقف عند الثورة السورية فقط؛ بل إنه حالة عامة تعيشها دول (الربيع العربي) في مصر وتونس وليبيا عقب اندلاع ثوراتها».

وتطالب المعارضة السورية بشتى تياراتها بإسقاط النظام السوري؛ لكن ثمة خلافا يكمن في آلية إسقاط النظام، فبعض تيارات المعارضة تطالب بتدخل عسكري غربي يقضي على الأسلحة الثقيلة التي تستخدمها قوات الأمن ضد المتظاهرين السلميين، ومن ثم تمهد الطريق لسيطرة «الجيش الحر» (المنشق) على بعض المواقع، مثلما حدث في ثورة 17 فبراير (شباط) التي أسقطت نظام حكم العقيد الليبي معمر القذافي، بينما ترى أطراف أخرى إسقاط النظام السوري برئاسة بشار الأسد عن طريق عسكرة الثورة دون اللجوء لأي دعم خارجي.

ولعل أبرز النقاط التي تقف عائقا أمام اتفاق المعارضة، كيفية إدارة المرحلة الانتقالية عقب رحيل بشار الأسد، حيث تتفق بعض أطياف المعارضة على استمرار المجلس الوطني السوري في قيادة المرحلة الانتقالية، وفي المقابل ترى الأطراف الأخرى عدم ضرورة عبور الثورة السورية من خلال المجلس الانتقالي، وهو ما أكده عمار القربي، وكيل مؤسسي تيار التغيير الوطني السوري خلال زيارته للقاهرة، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إنه «حتى تنتصر الثورة يجب أن تمر عبر المجلس الانتقالي، فهناك نماذج نجحت في ثورتها، ولم تأخذ نفس هذا الشكل مثل الثورة المصرية»، وتابع: «ليس من الضروري الاقتداء بالنموذج الليبي، لأننا إذا نظرنا إلى أداء المجلس الانتقالي الليبي لن نجده ناجحا في إدارة البلاد وليبيا ما زالت تنزف يوميا»، مشيرا إلى أنه ليس معنى أن بنية المجتمع الليبي تسمح بهذا النموذج أنه يصلح تطبيقه على المجتمع السوري بأعرافه ومذاهبه وأقلياته المختلفة.

ونجح النظام السوري منذ عام 1963 في تفتيت المعارضة، حيث تمكن النظام من إرهاب الداخل والقضاء على المعارضة في الخارج، وأن عامل التخوين - بحسب مراقبون - موجود بين المعارضة، وذلك يعود للطريقة القمعية التي تعامل بها النظام السوري مع المعارضة طوال السنوات الماضية، وكذلك علاقة بعض التيارات والأحزاب بحزب البعث التي تثير الشكوك وسط المعارضة.

وتعد ظاهرة التسلح في الداخل السوري مشكلة كبيرة تسعى المعارضة إلى احتوائها، ولكن المعارضة، وفق سياسيين سوريين، لا تملك زمام الأمور على الأرض، وهناك فجوة بين ما يحدث على أرض الواقع والمعارضة في الخارج.

في حين تطالب بعض أطياف المعارضة بتشكيل مجلس عسكري يضبط إدارة السلاح واستخدامه في الداخل، حيث لا يقتصر استخدام السلاح على الضباط المنشقين المنتمين لـ«الجيش الحر»؛ بل تستخدمه التيارات الإسلامية التي تحاول الهيمنة على الأوضاع عقب الثورة مقارنتا بدول «الربيع العربي».

ويستنكر بعض الساسة السوريين موقف المجتمع الدولي الغربي في التدخل عسكريا أو سياسيا لإنقاذ الثورة السورية، وهو الأمر الذي يراه عمار القربي أنه «جعل من الدول التي تهتم بالشأن السوري أن تقرر على سوريا الإخوان المسلمين كراع للمعارضة السورية، كما أنه جعل بعض المتسلقين ممن يجاورون النظام وممن ينتمون للأحزاب القريبة لحزب البعث أن يكونوا في الصفوف الأولى للمعارضة السورية، ومن ثم تكونت هياكل (كرتونية) قيل إنها تنتمي للثورة، بينما الثورة في مكان آخر بعيد عنهم».

ويرى القربي أن وحدة المعارضة لتوحيد الرؤى تتم عن طريق البحث عن ميثاق يوحد جميع وجهات النظر، بالإضافة إلى تشكيل جبهة يتم من خلالها الحفاظ على آيديولوجية كل حزب وتيار وأقلية عرقية ومذهبية، ويتم اختيار مندوب أو اثنين لمتابعة أمور الثورة، مشيرا إلى أنه ليس معنى عدم انتماء فصيل أو تيار للمجلس الوطني السوري، أنه خارج المعارضة وليس مع الثورة، لافتا إلى أنه «يجب أن لا يكون هذا الانتماء هو سقفنا كمعارضة؛ بل نعمل على توحيد الصف لاستكمال أهداف الثورة».

ويرى نشطاء سوريون أن الكثير من الشخصيات البارزة في المعارضة، بدأت تتسارع لحجز كرسي أو منصب من الآن قبل إسقاط نظام بشار الأسد، وهو الأمر الذي يجعل المعارضة مفتتة وغير متفقة في ما بينها على الأهداف التي قامت لأجلها الثورة السورية.

إلى ذلك، كان القربي أكد من قبل أنه «تم وضع النظام السوري على سكة الرحيل، في حين أن مصير رئيسه، بشار الأسد، لن يكون أقل من مصير العقيد الليبي (الراحل) معمر القذافي»، معتبرا أن «الشعب السوري لا يعيش في ظل نظام؛ بل هو يتعرض لإبادة جماعية في مختلف المناطق».

ودعا القربي المجتمع الدولي إلى «التعاون الوثيق لتشكيل مجموعة لإغاثة الداخل السوري إنسانيا، لأن الطعام مفقود وكذلك الوقود والدواء، بالإضافة إلى ضرورة إقامة ممرات ومناطق عازلة لتحييد كتائب الأسد، خصوصا أن ضباطا كثيرين يقولون إنهم مجبرون على ارتكاب الجرائم».

القربي الذي شدد على أنه لا يمكن اقتلاع النظام السوري «إلا بالقوة»، دعا المجتمع العربي إلى «نجدة الشعب السوري من الطاغية قبل أن تقع كل المنطقة في فخه»، مؤكدا أن النظام السوري ما زال لا يعترف بمنظمات حقوق الإنسان، فلا يوجد في سوريا أي منظمة حقوق إنسان مرخصة، ولا يوجد أي هيئة برلمانية أو وزارية أو رسمية أو مدنية، وبالتالي لا تفرقة بين ناشط حقوق الإنسان والمعارض، ويوضع كلاهما في خانة الأعداء، وهناك تشكيك دائم في أنشطة الناشطين الحقوقيين في سوريا، ودائما ما تكال لنا الاتهامات بالعمالة.

من جهته، قال محمد السقال، عضو المنبر الديمقراطي السوري: «نريد الاتحاد وتنسيق الجهود من أجل انتصار الثورة، فأطراف المعارضة السورية تحتاج إلى خارطة طريق عملية وملزمة، كما يوجد بعض الغموض لبعض تيارات المعارضة مثل ارتباطهم بالخارج ومصادر التمويل غير الواضحة؛ لكننا نبحث عن مظلة شفافة توضع بها مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات».

وأضاف السقال لـ«الشرق الأوسط» في اتصال عبر البريد الإلكتروني من لندن: «بهذه المظلة يمكن تقييم كل أدائنا ووضع تصورات لكل ما يواجهنا، وإنه بطريقة واضحة يمكن أن نصل لتوافقات تشكل برنامج عمل مؤقتا، يمكننا من إسقاط نظام بشار وبناء دولة المواطنة».

وردا على الأمور التي تقف سدا منيعا لاتحاد المعارضة، قال السقال: «انتشار السلاح في البلاد بشكل خطير، والشعب يقدم الكثير من أجل أن يتخلص من النظام»، وتابع: «نريد أن نسقط النظام، وهذا يستدعي أن تجلس كل أطياف المعارضة، فالذي يريد تدخلا أجنبيا في البلاد يتم استبعاده، ونقوم بتنظيم السلاح في الداخل»، لافتا إلى أن «كل هذا يتطلب منا أن نبادر لطرح الوحدة على التقاطعات والمهام المطروحة ونسقط النظام ونبني دولة القانون والتعددية التي ستسمح للشعب بانتخاب ممثليه».