تحركات دبلوماسية عربية وأفريقية لإطلاق مفاوضات سلام بين دولتي السودان

الجيش السوداني يفرج عن 4 خبراء نزع ألغام دوليين كانوا قد أوقفوا قبل شهر

TT

تشهد دولتا السودان وجنوب السودان تحركات دبلوماسية من أطراف إقليمية في الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية بهدف دفع البلدين إلى طاولة المفاوضات عبر خارطة طريق قدمتها المنظمة الأفريقية عبر مجلس الأمن الدولي لإنهاء النزاع الحدودي.

وبدأ رئيس آلية رفيعة المستوى تابعة للاتحاد الأفريقي، ثابو مبيكي، زيارته إلى جوبا عقب حصوله على تأكيدات من الخرطوم بعد زيارته لها أمس، بالالتزام بجميع الاتفاقيات السابقة مع جنوب السودان، بينما يزور الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي العاصمة السودانية.

وقال مبيكي عقب لقائه البشير في ساعة متأخرة من ليل أول من أمس إن الأخير أكد التزام بلاده بجميع الاتفاقيات السابقة بشأن القضايا العالقة، مشيرا إلى أن الخرطوم ترى أن حل المشكلات الأمنية مع دولة جنوب السودان ضمان لإقرار الأمن والسلام بين البلدين، معتبرا أن الخرطوم ملتزمة بالاتفاق على منطقة منزوعة وإبعاد جيشي الدولتين بعشرة كيلومترات من الحدود الدولية المحددة في الأول من يناير (كانون الثاني) عام 1956 ونشر الآلية المشتركة لمراقبة الحدود والتحقق من حدوث أي خروقات. وقال إن البشير أمر السودان وجنوب السودان بوقف دعم المتمردين من الجانبين إلى جانب التعايش بينهما، واصفا اللقاء بالمثمر والمفيد وأنه تطرق لجميع القضايا العالقة بين الدولتين. وقال إن زيارته إلى جوبا وإجراء لقاء مع رئيس دولتها سلفا كير ميارديت تأتي في إطار التأكد من إجراء الترتيبات اللازمة التي تعين على اتفاق يمكن تطبيقه على الأرض، وسيعود مبيكي إلى الخرطوم غدا (الثلاثاء) بعد لقاءات جوبا.

ودخل مبيكي في اجتماعات مكثفة في جوبا أمس مع وفد حكومة جنوب السودان برئاسة باقان أموم، وقالت مصادر، فضلت حجب هويتها، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماع ركز على مواقف الأطراف في عودة المفاوضات، خاصة أن الموعد الذي حدده مجلس الأمن الدولي للبلدين انتهى في السادس عشر من مايو (أيار) الحالي، وأضافت أن الخرطوم يبدو أنها غير جاهزة للتفاوض وتحاول أن تضع عراقيل بشروطها المتكررة في تحديد الأجندة والتي هي من مسؤولية الوسطاء، وقالت إن الحكومة السودانية ظلت تردد بضرورة حل المشاكل الأمنية في محاولة لربط جوبا بالنزاع الداخلي في السودان بالحرب المشتعلة بين الحركة الشعبية والقوات المسلحة الحكومية في جنوب كردفان والنيل الأزرق، إلى جانب الصراع القديم في دارفور، وأضافت أن الحكومة السودانية عليها أن تجلس إلى المعارضة المسلحة، وأن جنوب السودان لا دخل له في النزاعات الداخلية في دولة الشمال، وتابعت المصادر «هناك صراع داخل المؤتمر الوطني الحاكم حول القضايا العالقة بين جوبا والخرطوم ومستقبل العلاقة مع جنوب السودان، وعليهم أن يحزموا أمرهم والذهاب إلى المفاوضات من دون شروط مسبقة».

وأكدت المصادر أن وفد جنوب السودان جاهز للذهاب إلى طاولة المفاوضات، لكنها اعتبرت أن الثقة مفقودة بين الطرفين، وأن جولة المباحثات إن قدر لها أن تبدأ فستواجه تعقيدات كثيرة، وقالت إن جوبا ظلت تطالب بوضع ضمانات دولية بشأن الاتفاق حول النفط، خاصة من الدول المستفيدة منه مثل الصين وماليزيا والهند، وأضافت أنه «على مبيكي أن يمارس ضغوطه على الخرطوم وأن يكون حازما معها في مسألة أجندة المفاوضات لا أن يتركها لأماني البشير وحكومته»، وقالت «الموعد المحدد لبدء المفاوضات من قبل مجلس الأمن الدولي انتهى الأسبوع الماضي، وسنرى ماذا يفعل المجتمع الدولي مع الطرف الذي يماطل».

من جهة أخرى، أعلن في السودان الإفراج عن أربعة أجانب كانوا احتجزوا في أبريل (نيسان) الماضي قرب الحدود مع جنوب السودان عقب اشتباكات بين البلدين في منطقة هجليج المتنازع عليها، وتعود جنسيات الأربعة المفرج عنهم إلى جنوب أفريقيا، والنرويج، وبريطانيا، وجنوب السودان.

وقال مبيكي للصحافيين بينما كان يجلس إلى جانب الأربعة «نشكر الرئيس على الإفراج عنهم». وقد قام بوساطة بين الجانبين، وقال متوجها إلى الرجال الأربعة وهم بريطاني ونرويجي وجنوب أفريقي وجنوب سوداني «لقد آثرت قضيتكم مع الرئيس البشير وشرحت لنا الحكومة ظروف توقيفكم، وحينئذ طلبت من الرئيس البشير الإفراج عنكم»، وأضاف «سنغادر معا جميعا»، قبل أن يستقل الرجال الأربعة حافلة صغيرة للمغادرة مع موكب مبيكي.

وكانت دولة جنوب السودان قد نفت اتهامات الخرطوم بأن الأربعة الذين اعتقلتهم خبراء عسكريون يتبعون إلى جوبا، وشددت على أنهم يعملون مع الأمم المتحدة في برنامج لنزع الألغام، وأن القوات المسلحة السودانية اختطفتهم من داخل الأراضي الجنوبية.

من ناحيته، قال وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين، إنه تم الإفراج الأحد عن أربعة خبراء نزع ألغام من قوة الأمم المتحدة كان أوقفهم الجيش السوداني، وأضاف خلال مراسم في مقر الجيش «لقد أفرجنا عنهم وسلموا إلى الرئيس مبيكي»، وقال إنه تم الإفراج عنهم لأن اثنين منهم كانا يعملان لدى شركة جنوب أفريقية ولأن السودان يثمن جهود الرئيس مبيكي لحل المشاكل بين السودان وجنوب السودان، لكنه عاد واتهم الأجانب الأربعة بالعمل مع أحد الأطراف، وتم القبض عليهم في منطقة قتال.

من جانبه، قال جون سوربو النرويجي باسمه وباسم زملائه «نحن نشكر حكومة السودان ونقدر جهود الرئيس مبيكي. نحن مسرورون جدا للتمكن من الرحيل الآن».

من جهة أخرى، بدأ الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي زيارة رسمية إلى الخرطوم تستغرق ساعات تلبية لطلب من الحكومة السودانية للمساعدة في حل الأزمة المتصاعدة بينها وبين دولة جنوب السودان بعد سيطرة الأخيرة على بلدة هجليج النفطية المتنازع عليها بين البلدين، واستهل زيارته بلقاء رئيس السلطة الانتقالية في دارفور الدكتور التجاني سيسي للوقوف على تنفيذ اتفاقية الدوحة التي وقعتها الخرطوم مع حركة التحرير والعدالة، وينتظر أن يجري العربي لقاء مع البشير ووفد التفاوض الحكومي مع الجنوب.