عمرو موسى.. سياسي محنك خلع قفاز الدبلوماسي لبناء الجمهورية الثانية

خطابه الخشن تجاه إسرائيل أدخله قلوب المصريين.. وعلاقته بمبارك نقطة ضعفه

عمرو موسى
TT

في المنطقة الرمادية الممتدة بين قطبي مرشحي الثورة ومرشحين محسوبين على نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، يقف عمرو موسى المرشح المستقل لانتخابات رئاسة الجمهورية وحيدا، مستفيدا من نظام مبارك في عيون عدد من أنصاره باعتباره رجل دولة قادرا على قيادة البلاد في لحظة اختل فيها التوازن، فيما ترك إقصاؤه عن ذاك النظام، بدفعه إلى منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، مسافة كافية للتنصل من خطاياه.

وباعتباره دبلوماسيا مخضرما أجاد موسى اللعب في المساحة التي حددها لنفسه، وهو ما وضعه ضمن أكثر المرشحين حظا في دخول جولة الإعادة، حيث يعتقد المراقبون أن أيا من المرشحين الـ13 لن يكون قادرا على حسم المعركة في جولتها الأولى التي تبدأ يوم 23 من الشهر الحالي.

هو عمرو محمود أبو زيد موسى، ولد في 3 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1936 بالعاصمة المصرية القاهرة، لكن جذوره تعود إلى قرية بهادة مركز القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية (المتاخمة للقاهرة)، توفي والده صغيرا فانتقل إلى قرية محلة مرحوم محافظة الغربية (غرب القاهرة)، حيث حصّل تعليمه الإلزامي بها، ثم انتقل إلى مدينة طنطا حيث أكمل تعليمه الابتدائي فالثانوي بها، احتفظ بإطلالة على ريف البلاد مما جعله قادرا على الحديث باسمه، لكن كمالك للأرض، متمسك بها كدليل هوية.

تخرج موسى في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1957، وعمل كمحام تحت التمرين فور تخرجه قبل أن ينتقل للسلك الدبلوماسي في وزارة الخارجية المصرية منذ عام 1958. حيث عمل في سفارة مصر في سويسرا قبل أن ينضم لبعثة مصر في الأمم المتحدة بين عامي 1968 و1972، وعين في منصب مستشار وزير الخارجية حتى عام 1977، ثم مندوب مصر المناوب في الأمم المتحدة مطلع الثمانينات، فسفيرها في الهند حتى عام 1986، حتى أصبح مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة مطلع التسعينات.

غادر موسى نيويورك عام 1991 متجها إلى القاهرة ليصبح وزير خارجية مصر خلال العشر سنوات اللاحقة. وهي السنوات التي تمكن موسى خلالها من ترسيخ مكانته في أذهان المصريين ومثلت له فرصة لتأكيد شخصيته الكاريزمية، التي عبر عنها أحد مشاهير الفن الشعبي في مصر المطرب شعبان عبد الرحيم، في أغنيته الشهيرة «باحب عمرو موسى وباكره إسرائيل».

ويعتقد أنصار موسى أنه كدبلوماسي مخضرم صاغ وحافظ على الموقف المصري القومي من القضية الفلسطينية على مدار عشر سنوات قضاها كوزير للخارجية، دون تقديم تنازلات من دون مقابل، وهي المواقف التي أكسبته احترام الشعبين المصري والفلسطيني بالإضافة لجماهيريته في العالم العربي بشكل عام، وفي المقابل عداء الساسة الإسرائيليين ودوائر أميركية مختلفة.

ويستشهد أنصار موسى بمقولة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين والتي قال فيها إن «رياحا مسممة آتية إلينا من وزارة الخارجية المصرية». وقد كانت مناظرة موسى مع وزير الخارجية الإسرائيلي شلومو بن عامي أحد أبرز المشاهد التي برز فيها موسى كشخصية قوية، وقادرة على وضع خصومه حيثما أراد. وقد نجح موسى في استخدام دبلوماسية خشنة تجاه إسرائيل كانت كافية ليتحول لأحد الرموز المصرية.

كما يحسب لموسى قيادة الدور العربي في النزاع العربي الإسرائيلي، بداية من مؤتمر مدريد للسلام وحتى مؤتمر كامب ديفيد عام 2000، حيث نجح موسى في ضبط إيقاع الخطى العربية لتتناغم مع الثوابت العربية الفلسطينية في رؤيتها للملف المعقد.

كما يرى البعض أن موسى قد نجح أيضا في التصدي لمحاولات بذلها البعض لإحداث قطيعة مصرية مع السودان وإثيوبيا على خلفية محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس السابق مبارك في أديس أبابا عام 1995، والتي روجت لها بعض الدوائر الأخرى في الداخل. ومن بين الملفات المضيئة في مسار موسى السياسي كمهندس للعلاقات الخارجية لدولة مركزية في الشرق الأوسط، قدرته كدبلوماسي مخضرم على رفض الضغوط التي تعرضت لها مصر للانضمام إلى اتفاقيتي منع انتشار الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، وربط ذلك بانضمام إسرائيل إلى معاهدة منع الانتشار النووي. وبينما كان موسى يغادر وزارة الخارجية المصرية ليصبح الأمين العام لجامعة الدول العربية، اعتبر البعض المنصب الجديد تحايلا من نظام مبارك في التخلص من رجل بدأ بريقه يزعج مؤسسة الرئاسة، كان موسى قد نجح في أن يضع نفسه ضمن دائرة ضيقة للغاية لأسماء بدأت تداعب المصريين لخلافة نظام مبارك الذي بدا حينها يستعد لتوريث الحكم في البلاد.

ومنذ بدأ عمله في الجامعة العربية كأمين عام لها حرك موسى مياه العمل العربي الراكدة ولو قليلا، لكنه امتلك مساحة من الحرية بدأت تتسع يوما بعد يوم خارج حدود علاقته بنظام مبارك، إلى أن أصبح اسمه متداولا في ترشيحات المصريين لخلافة مبارك الذي ساءت حالته الصحية في سنواته الخمس الأخيرة، ورفض الكثيرين لفكرة صعود مبارك الابن.

وبينما بدأ قطار الثورة المصرية في 25 يناير (كانون الثاني) 2011 يغادر محطته، كان موسى من بين أبرز الوجوه التي استقلته وإن متأخرة قليلا، لكنه بلا شك نجح في أن يحظى باحترام طيف واسع من المجتمع المصري الذي يبحث عن رجل يملك الخبرة اللازمة لقيادة قطار الثورة باتجاه محطة الوصول.

* بطاقة تعريف: الاسم: عمرو محمود أبو زيد موسي الشهرة: عمرو موسي تاريخ الميلاد/ السن: 3 أكتوبر (تشرين الأول) 1936 (76 عاما) محل الميلاد: القاهرة الحالة الاجتماعية: متزوج ولديه ولد وبنت المؤهل العلمي: ليسانس حقوق عام 1957 الوظيفة: أمين عام سابق لجامعة الدول العربية، ووزير خارجية مصر لعشر سنوات.

الرمز الانتخابي ورقمه: الشمس (4) شعار الحملة: «إحنا قد التحدي» الصفة الانتخابية: مستقل - ليبرالي الهوايات: المشي - السباحة ترتيبه في آخر استطلاعات شبه رسمية: (الثاني) في استطلاع مجلس الوزراء بـ11 في المائة، و(الأول) في استطلاع مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بـ40.8 في المائة.

* الملامح الرئيسية لبرنامجه - نظام حكم «رئاسي دستوري» يقوم على جعل المبادئ «العامة» للشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.

- تولي الشباب مناصب قيادية في البلد بما في ذلك منصب نائب رئيس الجمهورية.

- العودة إلى الثوابت المصرية التاريخية المشرفة في التعامل مع القضية الفلسطينية كإحدى أولويات الأمن القومي المصري.

- تحقيق أمن المواطن واستعادة الشعور بالطمأنينة خلال 100 يوم، مع إلغاء حالة الطوارئ.

- تشكيل مجلس للأمن القومي ومجلس اقتصادي واجتماعي ومجلس علوم وثقافة وفنون، ومجلس أعلى لذوى الإعاقة.

- في نهاية 100 يوم، تقديم كشف حساب كامل للشعب والبرلمان بشأن ما تم من تعهداته.