مواجهة شفيق في «إعادة الرئاسة» تجبر القوى السياسية المصرية على توحيد الصف

سماء القاهرة أمطرت مبادرات.. والكرة في ملعب جماعة الإخوان

المرشح الرئاسي أحمد شفيق في مؤتمره الصحافي في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

أمطرت سماء القاهرة أمس بمبادرات أطلقتها قوى سياسية وبرلمانيون، سعيا لتوحيد صف القوى «الثورية»، التي باتت تعتبر نجاح المرشح الرئاسي أحمد شفيق في جولة الانتخابات الأولى تهديدا لثورة 25 يناير. وأصبحت الكرة في ملعب مرشح جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي، الذي قد يضطر لتقديم تنازلات لكسب أصدقاء قدامى فقدوا ثقتهم به وبجماعته، خلال الشهور الماضية، بحسب مراقبين.

وبدأ الحديث في مصر عن تشكيل مجلس رئاسي بقيادة مرشح جماعة الإخوان المسلمين، الذي يخوض جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية أمام آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، منتصف الشهر المقبل. وفي انتظار ما سوف تسفر عنه اللقاءات التي انطلقت أمس بين القوى السياسية ومرشحي الرئاسة وجماعة الإخوان لبناء جبهة واسعة ضد من اعتبروه رهان «النظام السابق»، ينفق معظم المصريين أوقاتهم في مناقشات لا تنتهي حول المأزق السياسي الذي يواجهونه في جولة الإعادة.

وتبادل المتنافسان، جماعة الإخوان وشفيق، أمس قصفا إعلاميا عبر مؤتمرات صحافية، أسس فيها الإخوان لاستراتيجيتهم في مواجهة الجنرال السابق، من خلال تصويره كـ«تهديد للثورة»، وهو ما حاول شفيق نفيه عبر مؤتمر صحافي، كرر فيه لمرات عديدة تعبير «لن نبني النظام القديم مرة أخرى.. وما فات قد فات».

وقالت جماعة الإخوان المسلمين في بيان لها مساء أول من أمس: «نحن في أمس الحاجة لكي نعيد لحمة التوحد من جديد حتى لا تسرق منا الثورة، وحتى لا تضيع هذه الدماء هباء».

ودعت الجماعة في مؤتمر صحافي عقد مساء أول من أمس من وصفتهم بـ«القوى السياسية الوطنية المخلصة» لكي تلتقي على «كلمة سواء من أجل حماية الثورة وإنجاز الوعد الذي قطعناه على أنفسنا أمام جماهير شعبنا العظيم».

وأطلقت الجماعة التي تحوز الأكثرية البرلمانية ما قالت إنه «مبادرة لحوار وطني جاد نناقش فيه مصير مصر في ظل التحديات التي تواجهنا جميعا ونبحث معا سبل إنقاذ ثورتنا المباركة».

وتابعت في بيانها الذي تلاه أحد قيادييها في المؤتمر الصحافي قائلة إن «هذه الدعوة تنطلق من تقديرنا للموقف الراهن ومن احترامنا الشديد للمرشحين الوطنيين الذين وإن نافسونا في الانتخابات الرئاسية إلا أننا على يقين أنهم أشد منافسة لنا إذا تعلق الأمر بإنقاذ مصر وثورتها».

وحذر الإخوان مما قالوا إنها محاولات «مستميتة من أجل إعادة إنتاج النظام القديم بحلة جديدة ربما تخدع البعض، ولكن جماهير شعبنا وقواه الثورية الواعية لن تمنح هؤلاء الفرصة، وكما استطاعت أن تزيح مبارك فهي قادرة على إزاحة بقايا نظامه وأشلاء رموزه المتهالكة».

ويقول مراقبون إن «الأداء السياسي الضعيف والإقصائي» للإخوان المسلمين خلال الشهور الماضية، وتراجعهم عن تعهداتهم بشأن نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية وتعهدهم بعدم الدفع بمنافس على منصب الرئيس والاستحواذ على أغلبية مقاعد الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور الجديد، أفقدتهم ثقة القوى السياسية، حتى تلك التي تحالفت معهم في انتخابات البرلمان.

وبدأت مساعي التوصل لأجندة واضحة لحوار القوى السياسية وجماعة الإخوان المسلمين، وأكدت مصادر مقربة من المرشح الرئاسي خالد علي لـ«الشرق الأوسط» مشاركته في لقاءات الإخوان، فيما بدأت النقاشات بين القوى السياسية بشأن التوصل لنقاط توافق.

ولا يزال ائتلاف شباب الثورة الذي لعب الدور الأهم في الدعوة للمظاهرات التي أدت لإسقاط نظام مبارك لم يتخلص من ارتباكه بعد، وهو ما عبر عنه القيادي أحمد عبد الجواد بقوله: «نحن أمام مأزق خطير»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»: «لم نصل بعد لقرار.. الاجتماعات مستمرة بيننا في محاولة لبناء موقف وطني واحد».

في المقابل، سعى المرشح الرئاسي أحمد شفيق لاحتواء استراتيجية الإخوان، عبر مؤتمر صحافي، أكد فيه أمس أنه يمد يده للجميع، قائلا: إن «مصر ملك للجميع»، مؤكدا أنه لن يسعى للإقصاء، ومشددا على أهمية المشاركة في بناء الجمهورية الجديدة.

وتعهد شفيق الذي ظهر قويا خلال المؤتمر الصحافي، بعد أن حصل على أكثر من 5 ملايين صوت أهلته للتنافس في الجولة الثانية، بـ«إعادة الاستقرار والأمن»، كما حرص المرشح الرئاسي على ذكر حركة شباب 6 أبريل التي تعد أبرز الفصائل المناوئة لحملته في الانتخابات الرئاسية، مؤكدا أنه سيعمل على تلبية تطلعاتها.

وخلال كلمته في المؤتمر وجه شفيق الشكر لأبرز المرشحين المنافسين له في سباق الجولة الأولى من الانتخابات، كما وجه الشكر لمن وصفه بـ«شريكه» في الجولة الثانية التي تنطلق يوم 16 من الشهر المقبل.

وفي غضون ذلك أطلقت حملة المرشح الرئاسي حمدين صباحي والذي حل ثالثا بحصوله على نحو 5 ملايين صوت، ما سمتها مبادرة إنقاذ للثورة من الالتفاف عليها، عبر رصد التجاوزات والمخالفات التي وقعت في الانتخابات الرئاسية في جولتها الأولى.

وناشدت الحملة جموع المصريين إرسال أي وثائق بشأن التجاوزات التي شهدتها الانتخابات، سواء رصد أسماء متوفين بالكشوف الانتخابية أو مشاركة ضباط الشرطة والقوات المسلحة في الاقتراع وهو ما يحظره القانون المصري.

كما دعت حملة صباحي لتقديم كل ما يثبت حدوث تصويت جماعي، أو تسويد بطاقات اقتراع أو غلق لجان قبل موعدها المحدد، في سعيها لتقديم طعون أمام اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية.

وبينما تسعى حملة المرشح صباحي للبحث عن أصوات أو إبطال أصوات قد تدفع به من جديد إلى سباق المنافسة قبل أن تعلن اللجنة العليا النتائج النهائية للجولة الأولى يوم الثلاثاء المقبل، دشن نشطاء وبرلمانيون دعوة لجماعة الإخوان بسحب مرشحها من الجولة الثانية لصالح صباحي، وبناء تحالف وطني حاشد حوله، ليخوض هو جولة الإعادة أمام الفريق شفيق.

وقال الفقيه الدستوري الدكتور محمد نور فرحات لـ«الشرق الأوسط» تعليقا على قانونية انسحاب مرشح جماعة الإخوان إنه «من الزاوية القانونية يجوز أن ينسحب مرسي (مرشح الإخوان) وتجرى جولة الإعادة بين شفيق وصباحي»، لكنه استبعد إمكانية إتمام هذا السيناريو من الزاوية السياسية.

وأطلق برلمانيون آخرون مبادرة لبناء تحالف وطني مشروط بالدفع بصباحي كنائب للرئيس الإخواني المنتظر، على أن يتولى القيادي الإخواني السابق عبد المنعم أبو الفتوح والذي حل رابعا في الانتخابات، رئاسة مجلس الوزراء.