خبراء أميركيون: إيران لديها يورانيوم يكفي لصنع 5 قنابل نووية

سلطانية يرد على تقرير أمانو: مشكلة تقنية وراء زيادة التخصيب

TT

بينما ما زالت نتائج اجتماع بغداد، بين إيران والمجموعة الدولية «5 + 1»، الذي عقد الأسبوع الماضي، حول الملف النووي الإيراني، تتفاعل وسط «تشاؤم» إيراني و«حذر» غربي، فجر معهد أمن أميركي مفاجأة جديدة قد تعيد المفاوضات النووية إلى المربع الأول، بعد أن أعلن أن إجمالي إنتاج طهران من اليورانيوم المنخفض التخصيب في السنوات الخمس الأخيرة سيكون كافيا لصنع خمس قنابل نووية على الأقل، إذا تمت تنقيته لدرجة أعلى.

وجاء الإعلان بناء على تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مساء الجمعة، الذي كشف عن العثور على آثار يورانيوم مخصب بنسبة 27 في المائة، في موقع فوردو الإيراني، في حين أن النسبة القصوى للتخصيب التي أعلنتها طهران هي 20 في المائة.

وكان تقرير مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، قد أكد أن إيران تمضي قدما في نشاط تخصيب اليورانيوم في تحدّ للقرارات الدولية التي طالبتها بوقف النشاط.

وأفاد بأن إيران أنتجت نحو 6.2 طن من اليورانيوم المخصب إلى مستوى 3.5 في المائة منذ أن بدأت العمل في عام 2007، وتمت معالجة جزء منه لمادة من درجة نقاء أعلى. وتبلغ هذه الكمية نحو 750 كيلوغراما أكثر مما ورد في التقرير السابق للوكالة الدولية، التي أكدت أول من أمس (الجمعة) أن العينات التي أخذت في فبراير (شباط)، أظهرت جزيئات اجتازت مستوى تخصيب نسبته 27 في المائة، مما يضع إيران في موقع أكثر تقدما في الطريق نحو إمكانية تخصيب اليورانيوم للدرجة المستخدمة في صنع أسلحة نووية.

وبناء على هذه المعلومات، ذكر معهد العلوم والأمن الدولي، وهو مؤسسة بحثية تراقب عن كثب برنامج إيران النووي، على أساس بيانات وردت في تقرير وكالة الطاقة، فإن الإنتاج الشهري لإيران ارتفع بنحو الثلث تقريبا، وأضاف في تحليله: «هذه الكمية الإجمالية بدرجة نقاء 3.5 في المائة من سادس فلوريد اليورانيوم منخفض التخصيب، إذا تمت تنقيته إلى الدرجة الأعلى المستخدمة في صنع أسلحة فإنها تكفي لصنع خمس قنابل نووية».

وبدوره، حاول المندوب الدائم لإيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية التقليل من شأن هذه النتائج، قائلا إن بعض وسائل الإعلام الغربية تسعى إلى تحويل قضية فنية إلى قضية سياسية. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن علي أصغر سلطانية قوله: «هذا الموضوع مناقشة تقنية روتينية يعكف خبراء على مراجعتها حاليا».

واستند سلطانية في تصريحاته إلى إشارة وردت في تقرير الوكالة، التي رجحت أنه من المحتمل أن تكون جزيئات اليورانيوم المخصب إلى مستويات أعلى من المعلنة قد نجمت عن ظاهرة تقنية، وتماشى ذلك مع توقعات محللين اعتبروا أن زيادة التخصيب ناجمة على الأرجح عن خلل فني لا عن محاولة لتخصيب اليورانيوم سرا بدرجات عالية.

وقال مارك فيزباتريك من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن لوكالة الصحافة الفرنسية إنه «خلل فني على الأرجح».

وأضاف أن «هناك أسبابا كافية للقلق من عمليات التخصيب الإيرانية لكن هذه ليست واحدة منها على الأرجح».

ومع استمرار الشكوك الأميركية في نوايا إيران النووية، أكدت الخارجية الأميركية أنها لم تفاجأ بتقرير وكالة الطاقة النووية الدولية. وقالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية، إنها لا تريد الخوض في تفاصيل التقرير، لكنها أضافت: «فيما يتعلق بنسبة 27 في المائة، نحن على علم بذلك. وفهمنا هو أن الوكالة الدولية تتابع مع السلطات الإيرانية تفسير هذا التصاعد في نسبة التخصيب، الذي يبدو واضحا أنه بمستوى أعلى من ما كان عليه في الماضي». وأضافت: «هناك عدة تفسيرات لهذا التصعيد. بما في ذلك تلك التي قدمها الإيرانيون. لكن، نحن نفضل أن تعتمد على الوكالة للحصول على الحقيقة».

ووصفت نولاند مفاوضات بغداد بين إيران ومجموعة «5 + 1» (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) بـ«الجادة لكن، أمامنا طريق طويل» للتوصل إلى حل بشأن الملف النووي الإيراني.

وبينما لم تؤدِّ مباحثات بغداد، التي استمرت يومين، إلى أي نتيجة ملموسة باستثناء الإعلان عن اجتماع جديد بموسكو يومي 18 و19 يونيو (حزيران)، قال جاي كارني، المتحدث الصحافي في البيت الأبيض، إن الاتفاق على نقل المفاوضات إلى موسكو هو، في نفسه، «تطور إيجابي».

وفي طهران، علقت الصحافة الإيرانية ببرود، أمس، على مباحثات بغداد، وعكست كثير من العناوين شكوكا وتشاؤما بشأن نتيجة عملية التفاوض الجارية، متهمة الغربيين بالرغبة في إفشالها.

بل إن صحيفة «كيهان» المتشددة وصلت إلى حد المطالبة في افتتاحية نشرتها بالصفحة الأولى بـ«وقف المباحثات».

وتوقعت الصحيفة «ألا تؤدي مباحثات موسكو إلى أي شيء»، معتبرة أن مباحثات بغداد أظهرت أن القوى الست لا تريد «الاستمرار في التفاوض إلا لأجل السيطرة على سعر النفط والانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) وتعويض تراجع نفوذهم في العالم العربي».

وأكد مدير الصحيفة، حسين شريعة مداري أن «وجودنا في موسكو لن يؤدي إلا إلى مساعدة أعدائنا».

ونددت صحيفة «جمهوري إسلامي» المتشددة أيضا بـ«المفاوضات غير المجدية في بغداد» متهمة القوى الكبرى بتعطيلها من خلال تبنيهم «اشتراطات النظام الصهيوني»، بشأن تقليص البرنامج النووي الإيراني. وأكدت أن «المفاوضات بين إيران والقوى الست لن تخرج من عنق الزجاجة إلا إذا حرر الغربيون أنفسهم من قبضة» إسرائيل.

أما صحيفة إيران الحكومية فقد رأت أن الغربيين لا يسعون «إلى الحل (..) للمشكلات المعقدة» التي طرحت خلال المفاوضات. وحذرت ضمنا الإيرانيين من أي أمل في أن تؤدي المباحثات إلى تخفيف العقوبات الغربية التي تضغط على الاقتصاد الإيراني، وقالت: «الحياة مستمرة في إيران»، على الرغم من فشل اجتماع بغداد.

وحتى صحيفة «اعتماد» الإصلاحية، فقد عبرت عن خيبة الأمل، وكتبت: «الحد الأدنى الذي تتوقعه إيران هو أن يزول شبح التهديدات والعقوبات»، وطلبت من القوى الست أن تكون أكثر «بناءة».