الأمن السوري يعتقل المواطنين على أساس هويتهم المناطقية

عقابا لأهالي الأحياء الثائرة

TT

لم تعد معارضة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وتأييد الثورة المندلعة ضده، التهمة الوحيدة في سوريا التي تستوجب الاعتقال من قبل الأجهزة الأمنية، التي تشن حملة قمعية منذ سنة ونصف ضد الحراك الشعبي. فقد أشار ناشطون معارضون إلى «أن قوات الأمن والشبيحة الموجودين على الحواجز المنتشرة في كل المدن والقرى السورية يدققون بهويات المواطنين، فإذا وجدوا أنه ينتمي إلى منطقة أو قرية ثائرة قاموا باعتقاله فورا».

ويروي عدنان، وهو من سكان حي القابون في العاصمة السورية دمشق، أن «دورية تابعة للأمن السياسي قامت بتوقيفه واقتادته إلى أحد الفروع.. فقط لأن هويته تشير إلى أنه من أهالي حي القابون». ويضيف عدنان الذي قضى في أحد الزنازين تحت الأرض عدة أشهر أن «القابون كانت مشتعلة بالمظاهرات آنذاك، الأمر الذي جعل الأمن يعتقل كل من يثبت انتماؤه إلى هذه المنطقة».

ويؤكد أحد أعضاء تنسيقيات دمشق للثورة السورية «أن أهالي حمص الذين نزحوا إلى المدن الأخرى، لا سيما دمشق، يعانون من الملاحقة والاعتقال فقط لأنهم ينتمون إلى أحياء ثائرة مثل بابا عمرو والخالدية وباب سباع»، مشيرا إلى «أن الكثير من الشبان تم اعتقالهم بعد خروجهم من حمص»، وأنه «بالنسبة لنظام الأسد الانتماء إلى حمص تهمة». ويلفت الناشط المعارض إلى أن هذه السياسة باعتقال سكان المناطق الثائرة اعتمدها النظام السوري منذ بداية الثورة، حيث «كان يتم توقيف أبناء درعا التي اندلعت فيها أولى شرارات الثورة، وإهانتهم على الحواجز واقتيادهم إلى المعتقلات، إضافة إلى أنه تمت ملاحقة الكثير من الطلاب في الجامعات بسبب تحدرهم من أرياف مدينة درعا الثائرة».

وتقول أم زهير، وهي سيدة خمسينية كان تنوي الذهاب مع أبنائها إلى لبنان، إن «الأمن الحدودي السوري منعها من عبور الحدود ومغادرة سوريا حين علم بانتمائها إلى مدينة حماه، التي ثارت ضد نظام الطاغية بشار منذ بداية الثورة». وتضيف: «هناك الكثير من الأشخاص على الحدود يتم منعهم من العبور إلى لبنان لأنهم من سكان مناطق ثائرة على الأسد، لقد رأيت أمامي شبانا من ريف حلب وتحديدا من (عزاز) تم شتمهم وإهانتهم ومنعهم من المرور إلى لبنان حيث يعملون».

ولا يكتفي النظام - كما يقول الناشطون - باعتقال المواطنين وفقا لانتماءاتهم المناطقية، بل إنه يستهدف في كثير من الأحيان أسماء العائلات المعروفة بمعارضتها لنظام الحكم، حيث تم توقيف الكثير من الشبان لمجرد أنهم من عائلة الزهراوي في ريف دمشق، وهي عائلة انضم أكثر من شخص فيها إلى الجيش السوري الحر. كما نفذ جهاز المخابرات الجوية التابع للنظام السوري حملة اعتقالات ضد عائلة النجا في وسط حماه خلال الأشهر الماضية، لأن أفرادا فيها شاركوا في تنظيم مظاهرات المدينة. ويقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من لندن مركزا له، عدد المعتقلين على خلفية الاحتجاجات في سوريا بأكثر من 25 ألف شخص، فيما يصل عدد الذين تعرضوا للاعتقال منذ بداية الاحتجاجات إلى مائة ألف. كما يشير الناشطون المعارضون إلى أن حملات الاعتقال لم تتوقف، على الرغم من وجود مراقبين دوليين في البلاد.