العالم يطرد ممثلي الأسد الدبلوماسيين اعتراضا على المذابح

الاتحاد الأوروبي يعرب عن إصراره على مواصلة الضغوط.. وأردوغان: صبر العالم له حدود

جندي حراسة بريطاني يقف أمام السفارة السورية بالعاصمة لندن أمس (إ.ب.أ)
TT

توالت قرارات الدول الغربية أمس بطرد السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية السورية من أراضيها، وأعلنت إحدى عشرة دولة هي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا وبلغاريا وكندا واستراليا وسويسرا أمس قراراتها، على خلفية اعتراضها وتنديدها بمجزرة قرية «الحولة» بمحافظة حمص السورية، والتي أدان العالم ضلوع النظام السوري ومسؤوليته عنها.. كما أكد مصدر دبلوماسي تركي لـ«الشرق الأوسط» أن موضوع طرد الدبلوماسيين السوريين من أنقرة وارد؛ لكن ليس في الوقت الحاضر.

وأعلنت الولايات المتحدة أمس قرارها طرد القائم بالأعمال بالسفارة السورية زهير جبور، وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: «ردا على مجزرة قرية الحولة التي وقعت يوم 25 مايو (أيار)، قررت الولايات المتحدة اليوم (أمس) طرد القائم بالأعمال السوري من البلاد»، مضيفا: «مراقبو الأمم المتحدة أكدوا مقتل أكثر من 90 شخصا، ضمنهم 30 طفلا دون سن العاشرة، بعد هجوم شنيع بالدبابات والمدفعية - وهي أسلحة يمتلكها النظام (السوري) فقط». وتابع: «هناك تقارير أيضا بأن الكثير من العائلات أعدموا في منازلهم من قبل قوات النظام، نحن نحمل الحكومة السورية مسؤولية ذبح هؤلاء الأبرياء».

وأعلن وزراء خارجية كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وسويسرا وهولندا أن سفراء سوريا لديهم هم أشخاص غير مرغوب في وجودهم. ويذكر أن السفير السوري لدى سويسرا هو ذاته السفيرة لمياء شكور، سفيرة سوريا لدى فرنسا.. فيما السفير لدى هولندا يمثل بلاده لدى بلجيكا في ذات الوقت.

وأعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس أن فرنسا ستطرد السفير السوري بعد تصاعد الأزمة في سوريا، مضيفا أن بلاده ستستضيف اجتماع أصدقاء سوريا ببداية يوليو (تموز). وقال هولاند، الذي كان يتحدث مع الصحافيين بعد اجتماع في باريس مع رئيس بنين توماس بوني يايي، «من بين القرارات التي اتخذت طرد السفير السوري من فرنسا. هذا ليس قرارا أحادي الجانب ولكن اتخذ بالتشاور مع شركائنا».. كما تحدد أوائل شهر يوليو القادم موعدا لانعقاد مؤتمر «أصدقاء الشعب السوري» في باريس.

وجاء القراران الفرنسيان ردا على مجزرة الحولة التي أوقعت 108 قتلى بينهم الكثير من الأطفال والنساء و«لإبراز أن الأسرة الدولية ليست عاجزة عن الرد على استمرار النظام في عملياته القمعية على نطاق واسع رغم وجود بعثة المراقبين الدوليين وانتشارها ميدانيا» وفق تعبير دبلوماسي فرنسي.

وقالت الخارجية الفرنسية في بيان لها إنه «تطبيقا لنص المادة التاسعة من معاهدة فيينا حول العلاقات الدبلوماسية الموقعة في 18 أبريل (نيسان) عام 1861، فإن السلطات الفرنسية تعتبر السيدة لمياء شكور، بوصفها سفيرة الجمهورية العربية السورية، شخصا غير مرغوب فيه وكذلك موظفون آخرون» في السفارة. وأفاد البيان أن القرار أبلغ للسفارة يوم أمس أي مباشرة بعد الإعلان عنه.

ويأتي ذلك قبيل القمة التي ستجمع الرئيسين الفرنسي هولاند والروسي بوتين مساء الجمعة في قصر الإليزيه بمناسبة عشاء عمل.. كذلك سيعقد وزيرا الخارجية لوران فابيوس وسيرغي لافروف، بهذه المناسبة، لقاء سيكون الموضوع السوري طبقه الأساسي.. وقال هولاند إنه سيناقش الملف السوري مع فلاديمير بوتين لأن روسيا «تلعب دورا» في الأزمة المذكورة.

وقال فابيوس لصحيفة «لوموند» الفرنسية اليومية أمس إن «بشار الأسد قاتل شعبه. ويجب أن يتخلى عن السلطة.. كلما كان أقرب كان أفضل».

من جهتها، منحت ألمانيا مهلة قدرها 72 ساعة لسفير سوريا رضوان لطفي لمغادرة أراضيها، وقال وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله إن بلاده وحلفاءها يأملون في أن تلقى هذه الرسالة الواضحة صدى لدى النظام السوري. وحث فيسترفيله مجلس الأمن الدولي على مراجعة موقفه حيال سوريا، مشيرا إلى أن بلاده ستدفع باتجاه مزيد من التدخل من قبل الأمم المتحدة لاحتواء الأزمة السورية. وذكرت وزارة الخارجية الإيطالية أن السفير السوري قدور حسن تم استدعاؤه وإعلامه بضرورة مغادرة البلاد ومعه عدد غير محدد من موظفي السفارة السورية. في حين قالت وزارة الخارجية الإسبانية إن السفير حسام الدين علاء وأربعة دبلوماسيين سوريين آخرين في مدريد، لديهم ثلاثة أيام لمغادرة البلاد.

أما بريطانيا واستراليا وبلغاريا، فقد أعلنوا طرد القائمين بالأعمال لديهم.. فيما أعلن وزير الخارجية الكندي جون بيرد أن «كندا أمرت بطرد الدبلوماسيين السوريين الذين ما زالوا معتمدين في أوتاوا».

من جهة أخرى، أكد مصدر دبلوماسي تركي لـ«الشرق الأوسط» أن «موضوع طرد الدبلوماسيين السوريين من أنقرة وارد.. لكن ليس في الوقت الحاضر»، مشيرا إلى أن تركيا أغلقت سفارتها في دمشق منذ وقت طويل. وأوضح المصدر أنه لا يوجد سفير لسوريا في أنقرة، بل قائم بالأعمال هو شبه خفي. وكشف أن موضوع طرد السفراء نوقش من قبل الفريق التركي المكلف درس العقوبات على سوريا منذ فترة، وهو ما يزال مطروحا.

ويأتي ذلك بينما أدان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس مقتل أكثر من مائة مدني في بلدة الحولة السورية، وقال إن «ارتكاب مثل هذه الجريمة وقتل 50 طفلا بريئا و110 مدنيين أبرياء في الوقت الذي تنفذ فيه بعثة مراقبي الأمم المتحدة مهمتها في سوريا.. تعذيب وخسة».

واستطرد في الاجتماع الأسبوعي لحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي ينتمي إليه «للصبر حدود.. وأعتقد أنه بمشيئة الله سيكون هناك حد لصبر مجلس الأمن أيضا».

وفي غضون ذلك، أعرب الاتحاد الأوروبي عن إصراره على مواصلة ضغوطه الدبلوماسية على النظام السوري في إطار الجهود الرامية إلى وقف إراقة الدماء في سوريا. وقال متحدث باسم كاترين أشتون، مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي أمس في بروكسل: «نعتزم مواصلة ممارسة أكبر قدر ممكن من الضغوط الدبلوماسية» على النظام السوري.

يذكر أن الاتحاد الأوروبي يفرض حتى الآن سلسلة من العقوبات بحق النظام السوري، تشمل حظر دخول أراضي دول التكتل وتجميد الأرصدة بحق أبرز الشخصيات في نظام الأسد، بالإضافة إلى حظر واردات النفط من سوريا وحظر تصدير العديد من المواد إليها.

وأضاف المتحدث أنه من الممكن فرض المزيد من العقوبات، مؤكدا «نحن نراجع بشكل دائم عقوباتنا، وإذا لزم الأمر يمكننا فرض عقوبات جديدة أو توسيع نطاق عقوبات قديمة». وأشار إلى أن أشتون ستبحث مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف خلال القمة الروسية الأوروبية (الأسبوع المقبل) «الدرجة الجديدة التي وصلت إليها البشاعة» في مذبحة الحولة التي قتل فيها نساء وأطفال.

وأعرب المتحدث عن اعتقاده بأن روسيا في مقدورها ممارسة الضغوط على سوريا: «ومن المهم أن تفعل روسيا ذلك كما حدث في الفترة الماضية» مبديا ترحيب الاتحاد الأوروبي بتصعيد كل دولة في العالم من ضغوطها على النظام السوري.

وعقد سفراء اللجنة السياسية والأمنية التابعة للاتحاد الأوروبي اجتماعا مساء أمس في بروكسل، وينتظر أن يكون هذا الاجتماع قد تناول الطرد المنسق لدبلوماسيين سوريين من العديد من دول التكتل.

ويذكر أن عددا من الدول العربية قد قامت بإجراءات مماثلة، حيث بادرت ليبيا بمطالبة القائم بالأعمال السوري بمغادرة أراضيها في فبراير (شباط) بعد اعترافها رسميا بالمجلس الوطني السوري المعارض كسلطة شرعية في أكتوبر (تشرين الأول). كما أصدرت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي قرارا بسحب جميع سفرائها من سوريا، بينما دعت سفراء سوريا المعتمدين لديها إلى مغادرة أراضيها وبشكل فوري، وذلك في قرار في فبراير. كما قامت تونس بطرد السفير السوري وإغلاق السفارة لديها في ذات الشهر.