مجزرة جديدة في دير الزور.. ورئيس بعثة المراقبين مستاء

جلسة لمجلس حقوق الإنسان غدا.. وقانوني في المجلس الوطني: توصياته أكثر من إدانة لكنها غير ملزمة

TT

بينما يناقش مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جلسة خاصة بشأن سوريا غدا (الجمعة) المذبحة التي وقعت الأسبوع الماضي في بلدة الحولة وراح ضحيتها 108 مدنيين، أعرب رئيس فريق المراقبين الدوليين روبرت مود عن «استيائه الشديد» إثر اكتشاف 13 جثة مكبّلة الأيدي في ريف دير الزور، شرق سوريا. ووصف مود هذا العمل بـ«المروع وغير المبرر»، مجددا دعوته «جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس ووضع حد لدوامة العنف من أجل سوريا والشعب السوري».

ونقل البيان الصادر عن مود إفادة «مراقبي الأمم المتحدة باكتشاف 13 جثة، في منطقة سكر التي تبعد 50 كيلومترا شرق دير الزور، حيث كانت أيدي جميع الجثث مكبلة خلف ظهورها، وتبدو على بعضها آثار إصابتها بعيار ناري في الرأس من مسافة قصيرة». فيما قال نشطاء إن ضحايا المجزرة هم من المنشقين عن الجيش، وقتلتهم قوات الأسد.

ويأتي اكتشاف هذه المجزرة غداة الدعوة التي وجهها المبعوث الدولي العربي لحل الأزمة في سوريا كوفي أنان إلى الرئيس السوري بشار الأسد من أجل اتخاذ «خطوات جريئة» لوقف العنف، على خلفية مجزرة بلدة الحولة القريبة من حمص يوم الجمعة الماضي، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من مائة مدني وأثارت موجة انتقادات دولية واسعة ضد نظام الأسد.

وفي إطار مواصلة الضغط على النظام السوري، من المقرر أن يعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة جلسة خاصة غدا الجمعة لمناقشة «وضع حقوق الإنسان المتدهور في سوريا وعمليات القتل في الحولة»، وفق ما أعلنه المتحدث باسم المجلس رولاندو غوميز، بناء على طلب من قطر وتركيا والسعودية والكويت والدنمارك والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وقال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في بيان إنه سيناقش «حالة حقوق الإنسان المتدهورة في الجمهورية العربية السورية، وأعمال القتل التي وقعت في الآونة الأخيرة في الحولة». وقدمت الدول المذكورة طلب عقد الجلسة الخاصة بدعم من 21 دولة من أعضاء المجلس، و30 من الأعضاء المراقبين. ويتطلب عقد مثل هذا الاجتماع تأييد 16 دولة من الدول التي تتمتع بعضوية كاملة بالمجلس. ولم تكن الصين وروسيا من بين مؤيدي الدعوة للاجتماع.

وقال متحدث باسم البعثة الدبلوماسية الأميركية في جنيف لوكالة «رويترز» إن الجلسة «ستسلط الضوء على ذبح الضحايا الأبرياء»، مضيفا «ندين بأقوى العبارات الممكنة هذه المذبحة، وسوف نواصل العمل مع المجتمع الدولي لزيادة الضغط على نظام الأسد وتحديد مرتكبي هذا العمل الوحشي ومحاسبتهم». وقال دبلوماسيون إن بعض الدول الأعضاء سيصوغون قبل الاجتماع مسودة بيان يستنكر مذبحة يوم الجمعة الماضي ويطالب بمزيد من التحقيق في الواقعة.

وأوضح مدير المكتب القانوني في المجلس الوطني السوري الدكتور هشام مروة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «توصيات مجلس حقوق الإنسان ليست ملزمة لكنها أكثر من إدانة». وأشار إلى أن «هذه التوصيات قد تكون فرصة لإصدار مشروع قرار يقدم إلى مجلس الأمن من أجل اتخاذ قرار يمكن بموجبه إحالة المعطيات المعروضة أمامه إلى محكمة الجنايات الدولية، ويعود للمدعي العام أن يصدر مذكرات الاستدعاء والتوقيف على ضوء دراساته للملف الموجود بحوزته».

ورغم أن توصيات المجلس تعد «أقل من قرار»، كما يضيف مروة، فإنه يعتبر أن «هذه الخطوات، وهي محل تقدير، تبقى أقل بكثير مما هو مطلوب، لأن قرارات مجلس الأمن الدولي تقيد مجلس حقوق الإنسان والجمعية العمومية». وقال مروة إنه «إذا فشل مجلس الأمن في اتخاذ قرار بشأن سوريا، فيمكن لمجموعة دول أن تشكّل ما يسمى بالاتحاد من أجل السلم وأن تقدم مشروع قرار للجمعية العامة، توضح فيه أن ما يجري في سوريا يهدد الأمن والسلم الدوليين، تمهيدا لإصدار قرار لحماية المدنيين في سوريا، من دون المرور عبر مجلس الأمن».

ومن المرجح أن يطالب الاتحاد الأوروبي مجلس حقوق الإنسان بأن يوصي مجلس الأمن بإحالة قضية الحولة إلى المحكمة الجنائية الدولية. وقال دبلوماسي بالاتحاد «يجب أن يكون قرارا قويا لأن ما حدث لا يمكن التسامح معه».

ورفضت الصين وروسيا، اللتان تملكان حق النقض (الفيتو) ضد أي عقوبات من الأمم المتحدة على سوريا، إلقاء اللوم على القوات الموالية للأسد في مذبحة الحولة، لذا فمن غير المرجح أن يترجم الغضب المنتشر على نطاق واسع إلى إجراءات صارمة ضد الحكومة السورية.

وكان مجلس حقوق الإنسان قد عقد في السابق ثلاث جلسات خاصة بسوريا، كما أجرى نقاشا عاجلا لمناقشة انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا منذ اندلاع أعمال العنف في منتصف مارس (آذار) الماضي.

تجدر الإشارة إلى أن روبرت كولفيل، المتحدث باسم مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، قال أول من أمس إنه تم إعدام نحو 80 شخصا في بلدة الحولة على أيدي القوات شبه العسكرية التي تساند الحكومة.

وفي غضون ذلك، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان - ومقره لندن - أن عدد ضحايا الثورة السورية بلغ حتى أول من أمس 14 ألفا و93 شخصا، بينهم 1012 طفلا (777 من الذكور، و235 من الإناث). بينما قضت 865 امرأة في الأحداث، إلى جانب توثيق مقتل 545 شخصا تحت وطأة التعذيب، وقتل 1148 عسكريا منذ مارس (آذار) 2011.

وأشار المرصد في تقريره، الصادر أمس في 297 صفحة تحمل توثيقا بالأسماء لضحايا الثورة السورية، إلى أن أغلب الضحايا سقطوا في حمص (5144 شخصا)، وإدلب (2245 شخصا)، وحماه (1942 شخصا)، ودرعا (1446 شخصا)، وريف دمشق (1086 شخصا). فيما سقط 558 شخصا بدير الزور، و495 بدمشق، و479 بحلب، و325 باللاذقية، و103 بالحسكة، إلى جانب أقل من 100 شخص بكل من المناطق الأخرى.