طائرات باكستانية تجلي من قندز مجموعات من المقاتلين الأجانب * مسؤولون في التحالف الشمالي يتهمون دوستم بعقد صفقة «الأجانب» مع إسلام آباد

طالبان: غالبية «الأفغان العرب» لقوا حتفهم في القتال بقندز

TT

قال جنود في التحالف الشمالي الافغاني امس ان طائرات باكستانية هبطت، مرة اخرى، في مدينة قندز المحاصرة لاجلاء الباكستانيين الذين ظلوا يقاتلون الى جانب قوات طالبان في هذه المدينة الواقعة شمال شرقي افغانستان.

وقد وصلت الطائرات بينما كان زعماء التحالف يستعدون لقبول استسلام جزئي لقوات طالبان في آخر معقل لهم في شمال افغانستان. غير ان اشارات متناقضة استمرت تحيط بمصير المدينة.

وفي وقت سابق من الاسبوع الحالي قال مسؤولون في التحالف ان احد زعماء طالبان في قندز ابلغهم ان ما لا يقل عن ثلاث طائرات من سلاح الجو الباكستاني هبطت في الايام الاخيرة في مهمات مماثلة.

ووفقا لآخر التقارير هبطت طائرتان أخريان ليلة الخميس الماضي. وقال مسؤول في تحالف الشمال ان مجموعة من الناس، شوهدت اول من امس وهي تنتظر وصول طائرة اخرى الى مطار قندز.

ولم يكن بالامكان تأكيد اي من هذه التقارير. ويقول المسؤولون الاميركيون الذين يراوغون بشأن هذا الموضوع، انه لا تتوفر لديهم معلومات حول الطائرات، فيما رفض مسؤولون باكستانيون امس التعليق.

ورغم ان الولايات المتحدة مدينة لدعم باكستان في الحرب الحالية، فان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد قال: انه يريد اعتقال او قتل المقاتلين الاجانب المحاصرين في قندز. اما باكستان فعبرت بشكل لا لبس فيه، عن قلقها العميق حول مواطنيها المحاصرين في المدينة الافغانية.

وفي اماكن اخرى من افغانستان، اعادت طالبان تجميع قواتها، وشكلت جيوبا قوية من المقاومة شرق البلاد.

وقال مسؤولون في الاستخبارات الباكستانية ان قوات طالبان، ومعها الافغان العرب، تحتمي في خنادق في مكانين يقعان جنوب شرقي وجنوب غربي العاصمة الافغانية كابل.

واضافوا ان المقاتلين اقاموا قاعدتين في موضعين بالقرب من جلال آباد الواقعة على بعد 65 كيلومترا من الحدود الباكستانية. وتنتشر اشاعات في جلال آباد مفادها ان اسامة بن لادن قد يكون بينهم، وربما في منطقة جبلية وعرة تدعى تورا بورا.

وبينما كان مسؤولون من التحالف وقادة طالبان يتفاوضون بشأن استسلام قوات طالبان في قندز في الايام الاخيرة، فان العقبة الكأداء امام امكانية التوصل الى اتفاق تتمثل في مصير آلاف الاجانب الذين يقاتلون في صفوف طالبان وغالبيتهم من العرب والباكستانيين ويوصفون بانهم الأشد ضراوة.

ويمارس الرئيس الباكستاني برويز مشرف ضغطا على التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لضمان استسلامهم الآمن. غير ان الاميركيين والبريطانيين قالوا انه لا توجد لديهم قوات لمراقبة عملية الاستسلام.

وقال مسؤول اميركي اول من امس ان القيادة العسكرية الاميركية تبحث في الكيفية التي يمكن ان تتعامل بها قوات الولايات المتحدة وقوات حلفائها مع العدد الكبير من السجناء غير الافغان، خصوصا اولئك الذين قد تكون لديهم معلومات مهمة عن نظام طالبان او تنظيم «القاعدة».

واوضح المسؤول، وهو يشير الى سجناء الحرب، انه «لسنا مهتمين بابقاء وجود واسع طويل الامد من اي نوع كان، او ادارة شؤون سجناء الحرب. لكن من الواضح اننا مهتمون بالتحقيق مع السجناء».

واضاف انه «من الصحيح القول ان القيادة العسكرية الاميركية معنية بالكثير من النواحي، بما في ذلك ما يمكن ان تقوم به اذا ما كان هناك عدد كبير من السجناء. ولكننا نسعى الى دور محدود قدر الامكان، يتميز باوسع اتصال ممكن مع السجناء».

ويمكن ان تقوم اللجنة الدولية للصليب الاحمر بالاشراف على التعامل مع السجناء. وقد وصل رئيس المنظمة جاكوب كيلينبيرجر الى كابل اول من امس للاجتماع مع العاملين المحليين للصليب الاحمر، وكذلك بمسؤولين من تحالف الشمال بخصوص قضية السجناء.

وقال مسؤولون من الامم المتحدة في كابل واسلام اباد اول من امس انه وفقا للقانون الدولي واتفاقيات الامم المتحدة بشأن حقوق الانسان، يتعين التعامل مع افراد القوات المسلحة الذين يسلمون اسلحتهم، بطريقة انسانية، وبدون أي تمييز على أساس معايير مثل الانتماء القومي.

وفي الامم المتحدة قال فريد ايكهارد، المتحدث باسم الامين العام للمنظمة الدولية امس، ان على الولايات المتحدة وشركائها في التحالف ان يحاولوا «تيسير» استسلام منظم اذا ما عرضت طالبان الاستسلام في قندز وغيرها.

غير ان الاجانب في صفوف طالبان ظلوا دوما موضع نزاع خطير في اطار التحالف.

فقد اتهم بعض مسؤولي التحالف الجنرال عبد الرشيد دوستم، احد قادة التحالف، بعقد صفقة مع الحكومة الباكستانية لاجلاء مئات من المقاتلين الاجانب.

وكان عتيق الله باريالاي، نائب وزير الدفاع، من بين مجموعة من زعماء التحالف الشمالي الذين أكدوا اول من امس ان الجنرال دوستم قد سمح لأكثر من 50 شاحنة محملة بالاجانب بمغادرة قندز، والتجمع في موقع لم يكشف عنه خارج مزار الشريف.. واضاف باريالاي انه يعتقد ان الجنرال دوستم ربما تصرف وفقا لطلب من الحكومة الباكستانية.

وقال باريالاي ان «خمسين شاحنة غادرت قندز وهي مليئة بافراد طالبان الاجانب، ولم تعد. نعتقد ان دوستم مسؤول عن ذلك».

ولم تتوفر امكانية للاتصال بالجنرال دوستم، الذي يسيطر على جزء من خطوط الجبهة غرب قندز، لمعرفة رد فعله. ويمكن لاتفاق الاستسلام، الذي تفاوضت طالبان وقوات التحالف بشأن التوصل اليه في وقت مبكر من الاسبوع الحالي، ان ينهي حصار واحد من اكبر حصون جنود طالبان المتبقية في افغانستان. ويقول التحالف الشمالي ان هناك 16 الفا من جنود طالبان في المدينة، كثير منهم من اللاجئين اليها بعد هزائم منيت بها طالبان في مناطق شمال افغانستان. وبينهم ستة آلاف من الاجانب وفقا لمسؤولي التحالف. وتقدر وزارة الدفاع الاميركية العدد الاجمالي لقوات طالبان في المدينة بثلاثة الاف.

وقال مسؤولون في التحالف الشمالي ان ضباطا في القوات الخاصة الاميركية ساعدوا في رسم خطة الاستسلام.

ومن اجل المساعدة في اقناع جنود طالبان بالاستسلام، ستقوم قيادة طالبان في قندز بالاستسلام اولا. ويشمل ذلك الملا فضل والملا داد الله، وهما زعيمان محليان لطالبان في المدينة.

وقال استاد عطا محمد، الجنرال في قوات التحالف الشمالي، انه «عندما يستسلم الملا فضل والملا داد الله، فان الآخرين، جميعا، سيحذون حذوهم. واذا ما استسلموا بصورة صادقة، وسلموا الاجانب، وتعاونوا معنا في القبض على اسامة بن لادن، فاننا سنسمح لهم بالذهاب الى بيوتهم».

ويوجد الرجلان، وكلاهما من البشتون في مدينة قندز، في مسعى لاقناع جنود طالبان المتشددين، بالاستسلام، وفقا لما ذكره مسؤولون في التحالف الشمالي. وقال هؤلاء المسؤولون ان الملا فضل كان قد اكد لهم ان معظم الاجانب مستعدون للاستسلام، وان معظم المقاتلين الافغان العرب قد لقوا حتفهم في القتال. وابلغ زعماء طالبان التحالف الشمالي انه لم يعد هناك اكثر من الف مقاتل اجنبي في قندز.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»