القوات الأميركية الخاصة تكثف عملياتها قرب الحدود الباكستانية لملاحقة بن لادن وقيادات «القاعدة» وطالبان

TT

فيما تستمر مقاومة قوات حركة طالبان في عدد من الجيوب في انحاء أفغانستان، تستخدم الولايات المتحدة قاعدتين في باكستان ينطلق منها المئات من أفراد قوات العمليات الخاصة في محاولة للتخلص من هذه القوات والقبض على أسامة بن لادن.

ووفقا لمسؤولين في الاستخبارات الباكستانية، فإنه بعد 10 أيام فقط من تعرض قوات طالبان لاولى الهزائم، تحاول بضع مجموعات من هذه القوات، يتقدمها عدد من المقاتلين العرب، التسلل نحو نقطتين تقعان جنوب شرق العاصة كابل وجنوب غربها. وأضاف المسؤولون ان طالبان تمكنت أيضا من التمركز في موقعين بالقرب من مدينة جلال آباد، الواقعة شمال شرق أفغانستان، وعلى بعد ما يقرب من 40 ميلا من الحدود الباكستانية.

وقال زعيم أفغاني معارض لطالبان في مقابلة هاتفية أجريت معه مساء الأربعاء الماضي ان ما يقرب من 1200 مقاتل عربي يختبئون في واحد من الموقعين، ويقع في منطقة تورا بورا الجبلية الحدودية، على بعد 35 ميلا جنوب غرب جلال آباد. وتنتشر الشائعات في جلال آباد بأن بن لادن قد يكون من بين هؤلاء. وأضاف حاجي عبد القادر، الحاكم الجديد لإقليم نانغرهر، الذي يضم مدينة جلال آباد «لقد بعثت اليهم برسالة لكي يستسلموا لكنهم هددوا بالحرب اذا ما حاولنا النيل منهم. سنحتاج للأسلحة اذا ما أردنا قتال هؤلاء».

وكانت منطقة تورا بورا معقلا رئيسيا للمجاهدين خلال الثمانينات. وأوضح مسؤول في الاستخبارات الباكستانية انهم تلقوا تقريرا يشير الى أن بن لادن، الذي تتهمه الولايات المتحدة بالمسؤولية عن هجمات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي قد انتقل الى تلك المنطقة. وكان عامل اغاثة أفغاني سبق له المرور بمدينة جلال آباد الشهر الماضي، قد قال ان أقارب له أخبروه بأنهم شاهدوا بن لادن والملا محمد عمر، زعيم طالبان، وهما يغادران في سيارة من نوع شيفروليه بالقرب من تورا بورا بعد يومين من بدء القصف الأميركي لأفغانستان في 7 أكتوبر (تشرين الاول) الماضي. ورغم تركيز جهود العثور على بن لادن في الجزء الجنوبي من أفغانستان الا أن طبيعة الجبال المحيطة بجلال آباد وقربها من الحدود الباكستانية يجعلها طريقا محتملة للهروب ومكانا آمنا للاختباء أيضا.

قبل 10 أيام مضت فقط، بدت طالبان في وضع صعب، لكنها واصلت التماسك ـ حتى الآن على الأقل ـ في مدينة قندز الواقعة شمال أفغانستان، وتمكنت من حشد المؤيدين في معقلها الرئيسي بقندهار الواقعة جنوبي البلاد. ويتوقع أن تؤدي هذه المقاومة التي تبديها طالبان في أنحاء عديدة من أفغانستان الى مواصلة الضغط على التحالف الذي تتزعمه الولايات المتحدة من أجل توسيع نطاق عمليات قواتها الخاصة داخل أفغانستان، في مسعى للعثور على بن لادن ومساعديه في تنظيم «القاعدة».

ووفقا لما أورده اثنان من المسؤولين الباكستانيين فان800 من أفراد قوات العمليات الخاصة الأميركية تدعمهم مجموعة من طائرات الهليكوبتر، باتوا يستخدمون قاعدتين عسكريتين في منطقة دالباندين بجنوب باكستان وفي يعقوب آباد في وسط جنوب البلاد في ملاحقة قوات طالبان التي تتمركز في منطقة قندهار.

ويبدو ان هذه العدد يضم ربما لغاية 100 من أفراد الكوماندوز، لكنه يتشكل أساسا من خبراء في الاتصالات ومن طواقم طائرات الهليكوبتر ومن رجال الأمن وغيرهم من المساعدين.

وكانت الحكومة الباكستانية، التي تشعر بقلق من الانتقاد الشعبي لدعمها للولايات المتحدة في هجومها على أفغانستان، قد نفت أن تكون الأراضي الباكستانية مستخدمة من قبل رجال الكوماندوز الأميركيين. لكن قوات العمليات الخاصة الأميركية في يعقوب آباد كانت قد أقامت حفل عشاء بمناسبة عطلة يوم الشكر الأميركية حضره رئيس وعضو في لجنة الخدمات العسكرية في مجلس الشيوخ، قاما بزيارة للقاعدة خلال زيارة غير معلنة استغرقت يومين لباكستان. ووفقا لمسؤولين تابعوا الزيارة فان عضوي مجلس الشيوخ كارل ليفين (من ولاية ميتشيغان) وجون وارنر(من فرجينيا) قابلا الرئيس الباكستاني برويز مشرف وأكدا له تقديرهما لمدى تعاون باكستان مع التحالف الذي تتزعمه الولايات المتحدة.

وأكد مسؤول في السفارة الأميركية باسلام آباد أن عضوي مجلس الشيوخ قد قابلا الرئيس مشرف وأمضيا عيد الشكر في يعقوب آباد. وأضاف ان القاعدتين في يعقوب آباد ودالباندين تستخدمان فقط لمهام متعلقة بالبحث عن عناصر ما وانقاذها، وهي مهام أفادت الحكومة الباكستانية علنا بعلمها بها.

لكن مسؤولين عسكريين أميركيين في واشنطن قالوا ان طائرات الهليكوبتر تستخدم القاعدتين النائيتين لنقل قوات الكوماندوز الى أفغانستان لكي تقوم بعمليات خاطفة ولكي تجمع المعلومات. ومثل هذه الأنشطة حساسة للغاية لدرجة يصعب الاعتراف بها في باكستان التي تشكو حكومتها بأنها لم تحظ بالتقدير اللائق مقابل دعمها. وكانت باكستان تدعم طالبان حتى هجمات 11 سبتمبر في حين لا تزال الحركة الأفغانية المسلحة تحظى بالتأييد من قبل بعض الأوساط الباكستانية وقال مسؤولون عسكريون ان طائرات الهليكوبتر تظل متمركزة على متن حاملة الطائرات كيتي هوك الموجودة شمال بحر العرب، فيما تستخدم القواعد الأرضية (الباكستانية) لأغراض التموين بالوقود والتوقف. وتركز القوات الخاصة الأميركية جهودها في مجال منع الطعام والوقود عن قوات طالبان في قندهار، وفي مساعيها الرامية لتحديد موقع بن لادن وزعماء تنظيم «القاعدة». وهذه القوات قد تدعمها قريبا مئات من قوات مشاة البحرية «المارينز» التي لا تزال على متن السفن الأميركية في بحر العرب، بانتظار تعليمات محتملة بشأن اقامة قاعدة مؤقتة في جنوب أفغانستان، من أجل تنفيذ مهام ملاحقة وتدمير أهداف معينة. وعلى صعيد العمليات العسكرية الاميركية واصلت عشرات الطائرات الحربية بما فيها قاذفات «بي ـ 52» و «بي ـ 1» و «اي سي ـ 130»، شن غارات استهدفت ضواحي قندهار وقندز، وقصفت أهدافا تشمل كهوفا وأنفاقا. ومع لجوء طالبان الى التراجع واعادة تجميع قواها، قد يتحتم على الأميركيين القيام بنشاط ينطلق من الأراضي الباكستانية كما قد يحاولون أيضا تقليل حدة المشاكل السياسية التي تواجه باكستان باقامة قاعدة داخل أفغانستان.

ويعني ان عدم سقوط طالبان رغم حملة القصف الأميركي انه لن تتم عمليه اعادة رسم الخريطة السياسية الأفغانية كما توقع البعض عقب انسحاب قوات طالبان من مدن كابل ومزار الشريف وهرات، وفي واقع الأمر ظهرت مؤشرات عديدة على أن طالبان تبدو مصممة وعاقدة العزم على القتال. اذ قال مسؤولون من الاستخبارات الباكستانية ومحللون عسكريون ان طالبان تعد العدة لاعادة فرض نفوذها في جنوب أفغانستان حيث تتمركز بقوة.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»