فرنسا توافق مبدئيا على مشروع أنان بتشكيل مجموعة متابعة للوضع السوري

قالت إن تحفظاتها على ضم إيران لم تتغير.. وتنتظر مزيدا من التفاصيل

TT

عبرت باريس أمس عن موقف مبدئي إيجابي إزاء المشروع الذي عرضه المبعوث الدولي ـ العربي كوفي أنان على مجلس الأمن والقاضي بتشكيل مجموعة جديدة من الدول الفاعلة لمحاولة تحفيز خطة النقاط الست التي طرحها لإيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا ولوقف العنف والقتل. ونفت الخارجية الفرنسية أن تكون باريس التي أعلنت عن انعقاد مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في 6 يوليو (تموز) بصدد «التنافس» مع المبادرات الدبلوماسية الأخرى التي طرحت في الأيام الأخيرة ومنها المبادرة الروسية ومبادرة أنان فضلا عن تشكيل «مجموعة التنسيق» التي أعلن قيامها على هامش مؤتمر إسطنبول الأخير والتي تضم ممثلين عن 16 دولة من بين مجموعة أصدقاء سوريا.

وقال برنار فاليرو، الناطق باسم الخارجية في مؤتمره الصحافي أمس، إن فرنسا «ترحب بكل مبادرة من شأنها أن تسهل التنفيذ الفعلي لخطة أنان». غير أن باريس لم تتخل عن تحفظاتها إزاء وجود إيران في إطار المجموعة المذكورة والتي عبر عنها الوزير لوران فابيوس عقب طرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مشروعا مماثلا عندما كان في بكين قبل ثلاثة أيام. وقال فابيوس وقتها إنه «ليس هناك مجال البتة» لأن تكون إيران من ضمن المجموعة. وبرر الوزير الفرنسي هذه المعارضة بثلاثة أسباب رئيسية هي: دور إيران الداعم المطلق للنظام السوري في القمع، وتناقض مشاركتها مع الهدف المرجو من المجموعة، وأخيرا تحاشي التداخل بين الملفين السوري والنووي الإيراني باعتبار أن إيران قد «تطلب ثمنا» للدور الذي يمكن أن تلعبه في سوريا. ولكل هذه الأسباب، ترى فرنسا أنه من الصعب «تخيل» مشاركة إيران في جهود أي لجنة أو مجموعة يكون غرضها المساعدة على تسوية الأزمة السورية.

غير أن مصادر دبلوماسية فرنسية رفضت الذهاب أبعد من ذلك والإفصاح عما سيكون عليه موقف باريس في حال طرح أنان انضمام طهران إلى المجموعة التي يريدها أن ترى النور. وقالت هذه المصادر إن المبعوث الدولي - العربي «لم يعط تفاصيل دقيقة عن تصوره له كما أنه لم يأت على ذكر إيران بالاسم». ولذا فإن فرنسا تفضل في الوقت الحاضر «عدم الذهاب» أبعد من التعبير عن الترحيب المبدئي بفكرة أنان و«بكل مشروع من شأنه المساعدة على وقف القتل في سوريا» في إشارة إلى المبادرة الروسية.

غير أن المراقبين في باريس لاحظوا أن رد الفعل الفرنسي على احتمال انضمام إيران إلى أي مجموعة هدفه متابعة الوضع في سوريا كان الأعنف من بين كل الردود الصادرة عن البلدان الغربية. والسؤال الذي يطرحه هؤلاء يتناول ما سيكون عليه الموقف الفرنسي إذا أصر أنان على ضم طهران باعتبارها الطرف الإقليمي الأكثر تأثيرا على الموقف السوري بالنظر للدعم غير المتناهي الذي توفره له وعلى كل الصعد. وبحسب هؤلاء، سيكون من الصعب على أنان الذي اعترف أمام أعضاء مجلس الأمن بشكل مباشر بفشل مهمته القاضية بحمل الأطراف المتصارعة في سوريا على الالتزام بخطته ليس فقط لجهة وقف النار بل خصوصا الوصول إلى حوار يفضي إلى انتقال سياسي سلمي يتجاهل دور طهران.

وبالمقابل، شددت باريس مجددا على رغبتها في العمل مع روسيا التي دعيت كما الصين إلى مؤتمر باريس. لكن الأرجح أن تقاطعه كما قاطعت في الماضي مؤتمري تونس وإسطنبول لمجموعة أصدقاء الشعب السوري. وحددت باريس ثلاثة أهداف للمؤتمر الذي ستستضيفه بداية الشهر القادم وهي: إبراز عزلة النظام السوري، توجيه رسالة واضحة للنظام في دمشق بأنه ليس قادرا على الاستمرار على هذا المنوال، وأخيرا دعم جهود أنان بالتوازي مع زيادة الضغوط على دمشق.

وفيما خص الدور الروسي الذي تأمل باريس أن يتخذ منحى جديدا بعد الإشارات التي صدرت عن موسكو لجهة عدم تمسكها ببقاء الأسد في السلطة بانتهاء المسار السياسي، فقد دعت باريس المسؤولين الروس إلى أن يعوا أن «الأمور ستتغير في سوريا» في إشارة إلى تغيير النظام وبالتالي فإن المصالح الروسية «لن تكون محفوظة». كذلك دعت المصادر الفرنسية موسكو إلى أخذ مصالحها في العالم العربي بعين الاعتبار فضلا عن دعوتها لأن تقوم بواجبها كدولة كبرى تترتب عليها التزامات على الصعيد الدولي لا تتناسب مع وقوفها إلى «جانب نظام لا يتورع عن قتل شعبه».

وفي أي حال، ترى باريس أن المناقشات القادمة في مجلس الأمن الدولي ستكشف النقطة التي وصلت إليه موسكو في تعاطيها مع الملف السوري.