مظاهرات حاشدة في جمعة «الاستعداد العام للنفير التام».. والنظام يطلق الرصاص الحي لتفريقها

المتظاهرون السوريون يعلنون روسيا «عدوا للشعب السوري»

متظاهرون سوريون يطالبون بتنحي الأسد أمس بمنطقة المرعى بحلب (رويترز)
TT

خرج عشرات الآلاف من السوريين إلى الشوارع في مختلف المناطق السورية أمس مطالبين برحيل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، تلبية لدعوة المعارضة السورية للتظاهر تحت شعار «الاستعداد العام.. للنفير التام»، فيما كان أهالي بلدة حمورية في ريف دمشق يشيعون قتلى مجزرة مروعة وقعت مساء الخميس وأودت بحياة تسعة أشخاص قضوا ذبحا.

وكان مكتب حقوق الإنسان التابع للمجلس الوطني السوري أشار في بيان أصدره ليل الخميس إلى ابتكار النظام «أسلوبا جديدا في الإجرام في ريف دمشق، بذبحه بالسكاكين تسعة مزارعين في بلدة حمورية بكل دم بارد». وذكر أن «منفذي المجزرة قاموا ببتر أعضاء من الشهداء من أيدي وأرجل وأعضاء تناسلية»، واصفا المشهد بأنه «لا يمت إلى الإنسانية بصلة».

ووجه مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق أهالي دوما وحمورية «نداء إلى العالم»، أكد فيه أن «الهجوم عمل انتقامي من ترتيب النظام وشبيحته»، ودعا «الدول العربية والعالم الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي والمنظمات الإنسانية والحقوقية والإغاثية والأمم المتحدة إلى وضع حد لجرائم النظام وميليشياته ووقف المجازر».

من ناحيته، طالب المرصد السوري لحقوق الإنسان «المراقبين الدوليين بالتحقيق الفوري في جريمة مقتل المواطنين التسعة والتحقيق في جريمة قتل لسيدة وأطفالها حدثت في الأول من الشهر الحالي في البلدة».

في موازاة ذلك، واصلت قوات الأمن السورية حملتها العسكرية في مناطق دمشق وريفها، وشهدت أحياء في العاصمة استنفارا أمنيا كبيرا، تحديدا في المزة، حيث أطلقت قوات الأمن الرصاص الحي على مظاهرة في حي الفاروق هتفت لإسقاط النظام، كما حاصرت مساجد حذيفة بن اليمان وعبد الله بن مسعود وعمر بن الخطاب والخليل في العسالي بعدد من الباصات والسيارات وأقامت حواجز في مختلف أنحاء الحي. وفي جوبر، حاصرت قوات الأمن معظم مساجد الحي، في ظل وجود أمني كثيف في الشارع العام وتجول لسيارات جيش النظام المحملة بالرشاشات لمنع خروج المظاهرات.

وأعلن المتظاهرون السوريون في مختلف أنحاء البلاد روسيا عدوا للشعب السوري، وذلك من خلال إطلاق تسمية «روسيا هي العدو للشعب السوري» على المظاهرات التي خرجت في مختلف أنحاء البلاد يوم أمس الجمعة، الذي شهد تصعيدا عسكريا في عدة مناطق، بينما قالت لجان التنسيق المحلية إن 26 شخصا قتلوا يوم أمس بنيران قوات الأمن والجيش النظامي في دير الزور ودرعا وحمص وحلب وإدلب ودمشق وريفها. واستمر النظام السوري في تصعيد عملياته العسكرية، في وقت سربت فيه وسائل إعلام سورية شبه رسمية أنباء عن «تهديد الرئيس الأسد للمسلحين بالقضاء عليهم عسكريا في حال لم يقوموا بتسليم سلاحهم خلال 24 ساعة»، مسقطا خيار التفاوض الذي تحمله مبادرة المبعوث الأممي كوفي أنان. وقالت مصادر إعلامية مقربة من الأجهزة الأمنية إن «الرئيس بشار الأسد أبلغ المبعوث الأممي كوفي أنان بأنه أمهل كل المسلحين في سوريا مهلة 24 ساعة وذلك لإلقاء سلاحهم وتسليم أنفسهم كل حسب المنطقة الموجود بها».

وشهد الأسبوع الأخير تصعيدا عسكريا غير مسبوق على عدة مناطق شملت عدة أحياء في مدينة حمص (وسط) ومدينتي القصير والرستن في ريف حمص ومنطقة الحفة في محافظة اللاذقية (غرب) ومدينة دير الزور وريفها، وتم استخدام مختلف أنواع الأسلحة، كما استخدمت المروحيات في قصف المناطق. وكانت المصادر الإعلامية المقربة من الأجهزة الأمنية السورية قد روجت خلال الأيام القليلة الماضية أن «إجراءات مشددة ستتخذ، وستعطى الأوامر للفرق العسكرية بأكملها للتحرك والقضاء على معاقل الإرهاب عسكريا لا سلميا بحسب رغبة الأمم المتحدة».

وتعرضت مدينة القصير لقصف عنيف من القوات النظامية منذ ساعات الصباح الأولى، وأسفر القصف عن اشتعال حرائق ضخمة في المنازل والأراضي الزراعية، وقدرت مساحة الأراضي التي التهمها الحريق بثلاثة آلاف دونم، ومنع القصف والقناصة الأهالي من محاولة إطفاء الحريق، كما وقعت اشتباكات عنيفة جدا بين قوات النظام والجيش الحر. وقالت السلطات السورية إن اشتباكا جرى في القصير بين قوات النظام و«العصابات الإرهابية» أدى إلى مقتل عدد من الإرهابيين وإصابة آخرين منهم. ومن جانبهم، وجه أهالي القصير نداء استغاثة وقالوا إن «الحرائق تمتد بشكل مفزع تماما لتشمل معظم الأراضي الزراعية في مدينة القصير، وألسنة النار تلتهم هذه المحاصيل بشكل ضخم وغير مسبوق لتشمل أكثر من 3000 دونم زراعي، وما زالت الحرائق تمتد بشكل سريع مع تخوفات حقيقية من وصولها إلى مصفاة المياه التي تغذي محافظتي حمص وحماه بالكامل»، وأنهم لم يتمكنوا من إطفاء الحرائق «بسبب ضخامتها من جهة، واستمرار تساقط القذائف المدفعية وقذائف الهاون عليهم من جهة أخرى»، وحذروا من كارثة إنسانية تحصل في المنطقة.

وفي مدينة النبك (عاصمة منطقة القلمون)، خرجت مظاهرة حاشدة من ثلاثة جوامع اجتمعت في ساحة المخرج، بعد استهداف الجيش الحر لتمثال باسل الأسد شقيق الرئيس السوري الموجود أمام مشفى بلدة دير عطية. وقامت قوات الأمن والشبيحة بإطلاق النار على المتظاهرين، بعد إغلاق كل مداخل المدينة، ليجري بعدها اشتباك بين قوات الجيش النظامي والجيش الحر استمر عدة ساعات، وهو أول اشتباك يجري نهارا في مدينة النبك. وأسفر هذا الاشتباك عن مقتل شاب وإصابة ثلاثة آخرين من المدينين، بحسب ما أعلنه ناشطون هناك.

وفي حمص، قتل مدني في حي جورة الشياح في مدينة حمص لدى محاولة القوات النظامية اقتحام الحي وسط استمرار القصف على أحياء أخرى في المدينة. وتجدد القصف من قوات النظام يوم أمس على مدينة الرستن، حيث قتل شخص، بالإضافة إلى قتل ضابط من القوات النظامية برتبة نقيب في اشتباكات في محيط المدينة. كما قتل متظاهران إثر إطلاق رصاص من القوات النظامية لتفريق مظاهرة خرجت في حي صلاح الدين في مدينة حلب (شمال). وأصيب عدد من المواطنين بجروح في إطلاق نار من القوات النظامية على مظاهرة خرجت في مدينة الباب في ريف حلب. كما جرت اشتباكات عنيفة على أطراف بلدة عندان بين الجيش الحر وقوات الجيش النظامي لدى محاولتها اقتحام البلدة، وقتل مدني في البلدة في إطلاق نار، في وقت تعرضت فيه بلدة الأتارب في ريف حلب للقصف أيضا. وغابت مظاهرات ريف حلب يوم أمس عن شاشات البث المباشر، جراء التصعيد الكبير الذي شهده ريف حلب.

وفي مدينة حماه وريفها (وسط) خرجت المظاهرات في العديد من الأحياء والبلدات في المحافظة رفضا للموقف الروسي، وإعلان روسيا عدوا للشعب السوري. وأظهر شريط فيديو نشره ناشطون على شبكة الإنترنت متظاهرين يجوبون شارعا في جوبر في دمشق خرجوا إليه بعد صلاة الفجر من مسجد حذيفة بن اليمان وهم يهتفون نصرة لحمص ودير الزور وغيرهما من المدن المحاصرة، ويرددون «سوريا للثوار غصبا عنك يا بشار». كما خرجت مظاهرات حاشد في جوبر أثناء تشييع عدد من الشهداء سقطوا في وقت سابق خلال تفريق مظاهرات في جوبر. كما بث ناشطون فيديو آخر عن «مظاهرة صباحية في حي المزة في دمشق»، بدا فيه عشرات الشبان، ومعظمهم ملثمون، يهتفون لنصرة حمص والحفة والأسرى والجرحى، مطلقين شعارات بينها «الجيش الحر للأبد.. داعس راسك يا أسد».

وفي دوما بريف دمشق، ورغم استمرار سقوط القذائف على المدينة، خرجت مظاهرة من جامع التوحيد والأنصار وسليق وتوجهت إلى الجامع الكبير حيث تم تفريقها هناك بإطلاق نار عنيف، كما قتل مدني في مدينة حرستا في ريف دمشق إثر إصابته برصاص قناص لدى خروج مظاهرة في منطقة الحدائق. وفي بلدة الذيابية سقط قتيلان وأكثر من عشرين جريحا بعد إطلاق قوات الأمن النار على المصلين في جامع العباس. وقامت قوات الأمن باختطاف جثتي القتيلين. وفي دمشق، انفجرت عبوة ناسفة في حي الميدان، وأشار المرصد إلى وقوع إصابات.

وفي مدينة بصرى الشام في ريف درعا، سقطت قذيفة هاون على مظاهرة خرجت قرب مسجد في المدينة، أسفرت عن مقتل عشرة أشخاص، وإصابة خمسين آخرين أغلبهم إصابات خطيرة. وفي مدينة دير الزور جرت اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وقوات الجيش النظامي تركزت قرب مقر للمخابرات والشرطة العسكرية.