«تململ» في صفوف الضباط الموالين للنظام السوري مع ازدياد الانشقاقات

قالوا إن الرتب الوسطى وجدت نفسها متورطة في حرب دامية ستنتهي بالضرورة لمصلحة الثوار

TT

بينما كشفت مصادر واسعة الاطلاع في الجيش السوري الحر لـ«الشرق الأوسط» عن انشقاق عشرات العمداء مؤخرا وتوجههم إلى تركيا، وسط تكتم مطلق خوفا من عمليات انتقامية بحق عائلاتهم وأقاربهم، كان آخرهم عميد من آل بري، وهو قائد لفوج مدفعية، أكد ناشطون سوريون مناهضون لنظام الرئيس بشار الأسد أن حالة من «التململ والخوف» بدأت تنتشر في صفوف ضباط الجيش السوري النظامي، لافتين إلى «أن الكثير من ضباط الرتب المتوسطة في الجيش الموالي للأسد وجدوا أنفسهم - بعد سنة ونصف على اندلاع الثورة - متورطين بحرب دامية، ستنتهي بالضرورة لمصلحة الثوار بحكم الغلبة العددية، الأمر الذي دفعهم إلى إعادة حساباتهم وعدم التورط أكثر مع نظام الأسد».

ومن خلال علاقاته مع بعض العسكريين استطاع معين، وهو ناشط دمشقي يعمل سرا، رصد توجهات الكثير من الضباط حول ما يحدث في البلاد. ويقول الناشط المعارض: «معظم الضباط يشعرون أنهم (كبش محرقة) يضحي بهم نظام الأسد من أجل استمرار بقائه لأطول وقت ممكن»، ويضيف: «سمعت أحد الضباط، وهو ملازم أول يتحدر من إحدى قرى الساحل السوري وينتمي إلى الطائفة العلوية، يقول إنه في بداية الأزمة اعتقدنا أن النظام سينهيها خلال أيام.. وقفنا معه بقوة وسعينا بكل جهودنا لإعادة الاستقرار، لكن الذي اتضح لاحقا أن الأزمة ستطول والنظام لم ولن يستطيع فرض سيطرته كالسابق، هناك واقع جديد نحن نلمسه يوميا على الأرض، ولكن القيادة ترفض الاعتراف به».

ويجزم ناشطون معارضون بأن النظام السوري يعمد إلى انتقاء الضباط الذين يقودون العمليات ضد المدن والقرى المنتفضة، معتمدا على الولاء الطائفي والعائلي في عملية الاختيار، ويقول معين: «هناك حالة من عدم الثقة بدأت تتسرب إلى النواة العسكرية الضيقة داخل الجيش النظامي»، مضيفا: «هناك ضباط كانوا من أقرب المقربين للرئيس الراحل حافظ الأسد تم استبعادهم عن القرار بما يخص الأزمة الحالية، وآخرون تم تجميد نفوذهم وتقليص صلاحياتهم»، ويتابع: «حتى الضباط العلويون، الكثير منهم صار خارج دائرة ثقة النظام الحاكم».

ويشير الناشط إلى أن «الضباط التابعين للنظام صاروا يعرفون، بحكم عملهم الميداني، أن هنالك جيشا منظما يواجه النظام وليس عصابات كما يقول الإعلام السوري.. معظمهم يرى أن الجيش الحر صار خصما عسكريا فاعلا ضد الجيش النظامي يتمتع بقدرات قد تمكنه من الحسم في حال تم دعمه بالسلاح».

وتتقاطع الكثير من الأنباء حول أن الضباط والعسكريين المقربين من النظام يخضعون لمراقبة مشددة من قبل المخابرات العسكرية خشية قيامها بالانشقاق عن النظام السوري وهربهم خارج البلاد.

ويعزو الناشطون المعارضون هذا التململ في صفوف الضباط الموالين للنظام إلى أسباب عدة، أبرزها «انحسار قوة النظام الحاكم وخروج الكثير من المناطق عن سيطرته، مما أشعر هؤلاء الضباط بأن النظام آيل للسقوط، وبالتالي فإن التورط معه أكثر بمثابة الانتحار». والسبب الثاني وفقا للناشطين هو «الخوف من العواقب القانونية في حالة تورطهم في المزيد من المجازر والجرائم بحق المدنيين، وهو ما صدر بحقه أكثر من تحذير للعسكريين التابعين للأسد، آخرها منذ أيام عبر الخارجية الأميركية».

أما السبب الثالث وهو الأهم من وجهة نظر الناشطين، فسلسلة عمليات الاغتيال التي نفذتها مجموعات تابعة للجيش الحر في المدن والمحافظات السورية ضد ضباط وعسكريين يقودون حملات القمع والتدمير بحق السوريين. هذه العمليات أشعرت الضباط بأنهم سيحاسبون على أعمالهم، وهناك طرف على الأرض يقوم بذلك. ويلفت الناشطون إلى أن هؤلاء الضباط صاروا يشعرون بالخطر والخوف ويدركون أنه لا جدوى من الاستمرار في القتال، إلا أنهم لا يستطيعون التراجع أو الانسحاب بسبب المصير الذي قد يلاقونه من قبل النظام الحاكم، وهو قطعا التصفية.

يذكر أن النظام السوري يعتمد بشكل كبير في عمليات القمع ضد المناطق المنتفضة على عناصر الفرقتين الرابعة والخامسة، اللتين يقودهما العقيد ماهر الأسد شقيق الرئيس بشار الأسد.